سفانتي بابو.. باحث جينوم أشباه البشر يفوز بجائزة "نوبل" في الطب

time reading iconدقائق القراءة - 5
السويدي سفانتي بابو الفائز بجائزة "نوبل" في الطب وعلم وظائف الأعضاء لعام 2022 - AFP
السويدي سفانتي بابو الفائز بجائزة "نوبل" في الطب وعلم وظائف الأعضاء لعام 2022 - AFP
القاهرة -محمد منصور

مُنحت جائزة "نوبل" للطب وعلم وظائف الأعضاء عام 2022، الاثنين، للسويدي سفانتي بابو (67 عاماً) لدوره في تحديد تسلسل جين الإنسان البدائي، وتأسيس علم جينوم أشباه البشر المنقرضة والتطور البشري، والذي قاد لثورة في أبحاث علم التطور.

ويعمل سفانتي بمعهد "ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية" في ألمانيا، ونجح في الكشف عن التسلسل الكامل لجينوم "نياندرتال"، وهو أحد أسلاف البشر الذي استوطن أوروبا وأجزاء من غرب آسيا وآسيا الوسطى.

وساهم عمل العالم السويدي في اكتشاف الاختلافات البسيطة بين "نياندرتال" وإنسان "دينيسوفا"، وهي مجموعة فرعية من جنس "هومو" تعايشت أيضاً مع أسلاف الإنسان الحديث "هوموسبينز".

وقادت اكتشافات سفانتي إلى تحديد زمن انتقال الجينات، إذ قال إن عملية الانتقال حدثت من أشباه البشر المنقرضين إلى الإنسان العاقل، بعد الهجرة من إفريقيا منذ حوالي 70 ألف عام.

وكشفت التحليلات والدراسات أن عملية انتقال الجينات بين جنس البشر وجنس "هومو"، ساهمت في كيفية تفاعل نظام المناعة مع العدوى.

كما كشفت أبحاثه أيضاً، الاختلافات الوراثية التي تميز جميع البشر الأحياء عن أشباه البشر المنقرضين.

وقام سفانتي وفريقه بتحسين طرق عزل وتحليل الحمض النووي من بقايا العظام القديمة، بعدما استغل التطورات التقنية الجديدة، مما جعل تسلسل الحمض النووي عالي الكفاءة.

السلف المشترك

كما كشفت أبحاث العالم السويدي أيضاً، الاختلافات الوراثية التي تميز جميع البشر الأحياء عن أشباه البشر المنقرضين.

وأنجز العالم السويدي ما يبدو مستحيلاً ونشر أول تسلسل جينوم إنسان "نياندرتال" في عام 2010، حيث أظهرت المقارنة بين التحليلات، أن السلف المشترك الأخير لـ"نياندرتال" و"هومو" العاقل عاش منذ حوالي 800 ألف عام.

وأظهرت التحليلات المقارنة، أن تسلسل الحمض النووي من "نياندرتال" كان مشابهاً للتسلسلات من البشر المعاصرين القادمين من أوروبا أو آسيا، أكثر من البشر المعاصرين القادمين من إفريقيا. ما يعني أن "نياندرتال" و"هومو" العاقل، عاشوا معاً آلاف السنين.

وفي عام 2008، تم اكتشاف جزء عمره 40 ألف عام من عظم أصبع في كهف "دينيسوفا" بسيبيريا، ليخرج بنتائج واعدة تسببت في ضجة كبيرة، إذ كان تسلسل الحمض النووي فريداً عند مقارنته بجميع التسلسلات المعروفة من "نياندرتال" والبشر الحاليين. ليكتشف أشباه البشر غير المعروفة سابقاً، وأطلق عليها "دينيسوفا".

وأظهرت المقارنات مع التسلسلات من البشر المعاصرين من أجزاء مختلفة من العالم، أن تدفق الجينات قد حدث أيضاً بين "دينيسوفا" و"هومو" العاقل. وشوهدت هذه العلاقة للمرة الأولى مرة في سكان جنوب شرقي آسيا، إذ يحمل الأفراد ما يصل إلى 6% من الحمض النووي لـ"دينيسوفا".

علم الجينوم القديم

وولدت اكتشافات سفانتي فهماً جديداً لتاريخ التطور، خصوصاً في الوقت الذي هاجر فيه الإنسان العاقل من إفريقيا، سكن اثنان على الأقل من أشباه البشر المنقرضين أوراسيا، فيما عاش "نياندرتال" في غرب أوراسيا، في حين سكن "دينيسوفان" الأجزاء الشرقية من القارة. 

ومن خلال بحث العالم السويدي، تم إنشاء تخصص علمي جديد، وهو "علم الجينوم القديم"، ليتمكن من ابتكار طرق فريدة يستخدمها المجتمع العلمي على نطاق واسع لفهم التطور البشري والهجرة بشكل أفضل.

وتشير الطرق الجديدة لتحليل التسلسل، إلى أن أشباه البشر القدامى ربما اختلطوا أيضاً مع الإنسان العاقل في إفريقيا. ومع ذلك، لم يتم تسلسل أي جينومات من أشباه البشر المنقرضة في إفريقيا حتى الآن بسبب التدهور المتسارع للحمض النووي القديم في المناخات المدارية.

وبفضل اكتشافات سفانتي نفهم أن التسلسلات الجينية القديمة من أقاربنا المنقرضين تؤثر على فسيولوجيا البشر الحاليين. وأحد الأمثلة على ذلك هو نسخة "دينيسوفان" من الجين EPAS1، الذي يمنح ميزة للبقاء على قيد الحياة على علو شاهق وهو شائع بين سكان التبت الحاليين في الصين.

وهناك مثال آخر هي جينات "نياندرتال" التي تؤثر على استجابتنا المناعية لأنواع مختلفة من العدوى.