ترقب لإعلان أسماء رواد الفضاء المشاركين في مهمة "أرتيمس 2"

time reading iconدقائق القراءة - 16
لحظة إنطلاق مهمة Artemis I غير المأهولة إلى القمر من مجمع الإطلاق 39-B في كيب كانافيرال، فلوريدا، الولايات المتحدة - 16 نوفمبر 2022 - REUTERS
لحظة إنطلاق مهمة Artemis I غير المأهولة إلى القمر من مجمع الإطلاق 39-B في كيب كانافيرال، فلوريدا، الولايات المتحدة - 16 نوفمبر 2022 - REUTERS
دبي- الشرق

تصدر وكالة الفضاء الأميركية "NASA" الربيع المقبل أكبر إعلان في تاريخها، عندما تحدد أسماء الطاقم الأولي، المؤلف من 4 أعضاء، لبرنامجها الرائد "أرتميس" لإعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر لأول مرة منذ 50 عاماً. 

ووفقاً لشبكة "سي إن إن"، فإن برنامج "أرتميس II"، المقرر تدشينه في عام 2024، سيكون "أول مهمة مأهولة للدوران حول القمر، والتوغل في الفضاء أكثر مما فعل أي عنصر بشري آخر منذ إطلاق برنامج "أبولو".

كما يهدف البرنامج لتمهيد الطريق أمام طاقم "أرتميس III" للسير على سطح القمر في 2025، محمولين جميعاً على متن أقوى صاوخ على الإطلاق وبتكلفة ستقترب، بحلول ذلك الوقت، من 100 مليار دولار". 

وأوضحت "سي إن إن" أنه برغم إعلان المهمة "أرتميسII"، إلا أن عملية اختيار طاقمها "يكتنفها قدر كبير من السرية" إلى درجة أنها لا تزال تمثل "لغزاً" حتى بالنسبة لكثيرين في داخل ناسا. 

وأشارت الشبكة الإخبارية الأميركية إلى أنه "بخلاف الإعلان عن جنسية رواد الفضاء، الذين يتألفون من 3 أميركيين وكندي واحد، فإن "ناسا" لم تعلن تقريباً عن أي شيء يتعلق بهوية الذين سيتم اختيارهم، أو طريقة هذا الاختيار". 

وتحدثت الشبكة مع ما يقرب من 10 مسؤولين ورواد فضاء حاليين وسابقين في "ناسا" لإماطة اللثام عن عملية الاختيار السرية.

واستناداً إلى هذه المقابلات، لم تحصل "سي إن إن" على آراء حصرية فحسب بشأن الطريقة التي سيتم بها اختيار الطاقم، وإنما تمكنت أيضاً من تقليص قائمة المرشحين التي قال هؤلاء المطلعون إنها تتسبب في ضجة كبيرة داخل "ناسا".

على رأس القائمة التي قدمها الجميع لأول طاقم لمهمة "أرتميس"، يأتي ريد وايزمان، الطيار البالغ من العمر 47 عاماً، الذي تم اختياره لأول مرة ليكون رائد فضاء في "ناسا" عام 2009.

الميزة الكبيرة

وتنحى وايزمان عن منصبه كرئيس لمكتب رواد الفضاء في نوفمبر الماضي، وهي وظيفة مرموقة، إذ تخول لصاحبها مسؤولية اختيار الطاقم الأولي لكل مهمة، برغم أن شاغلها لا يحق له التحليق في الفضاء، ما جعل رائد الفضاء السابق في "ناسا"، جاريت ريزمان، يقول لـ"سي إن إن": "أن تكون رئيساً فإن ذلك عمل رديء وعقيم، لا أحد يريده، وبخاصة الآن".

وفي حين كان قليل من رواد الفضاء يرغبون في شغل هذه الوظيفة قبل تكليف طاقم "أرتميس" بمهامه، إلا أنها تنطوي على ميزة كبيرة ووحيدة.

وأوضح ريزمان لـ"سي إن إن" أنه "على مدى التاريخ، كانت الميزة الوحيدة في منصب رئاسة مكتب رواد الفضاء في أنك عندما تتنحى تمنح نفسك أفضل مهمة طيران متاحة في ذلك الوقت"، فيما يعد "نوعاً من الامتياز المعترف به".

وبلا شك، فإن أفضل مقعد متاح الآن هو "أرتميس II"، "تلك المهمة شديدة الضغط وبالغة الوضوح"، التي سترسل "4 رواد فضاء في رحلة لمدة 10 أيام تقريباً حول القمر ثم العودة".

وقبل التنحي عن منصبه كرئيس لمكتب رواد الفضاء في نوفمبر، وقبل يومين فقط من انطلاق المهمة "أرتميس I"، وهي أول رحلة تجريبية ناجحة مأهولة ضمن البرنامج، اتخذ وايزمان خطوة لاحقة أخرى في أغسطس، عندما رفض قراراً سابقاً لوكالة "ناسا" باختيار طاقم المهمة "أرتميس" من مجموعة أساسية أولية تضم 18رائد فضاء كانوا يعدون في السابق "فريق Artemis".

وبدلاً من ذلك، وسع وايزمان قاعدة المرشحين لتشمل "جميع رواد فضاء ناسا النشطين البالغ عددهم 41 رائداً". 

في ذلك الوقت، قال وايزمان إن "الطريقة التي أنظر بها إلى الأمر هي أن أياً من رواد الفضاء النشطين (في ناسا) مؤهل لمهمة (أرتميس)، مضيفاً أنه "إننا نريد فقط تجميع الفريق المناسب لهذه المهمة".

الفريق المناسب

منذ خمسينيات القرن الماضي، كان تحديد "الفريق المناسب" للقيام بمهمة إلى الفضاء "عملية يكتنفها الكثير من الغموض"، عندما كانت ناسا تقوم بتعيينات أول رحلة لمهامها الأولية في كوكب عطارد، والتي اشتهرت بفضل كتاب توم ولف "The Right Stuff" (الأشياء المناسبة).

وبرغم أن المعايير قد تكون تغيرت، إلا أن العملية تبقى "محاطة بأكبر قدر من السرية".

وعلمت "سي إن إن" أن القرار الخاص بهوية الأشخاص الذين سيذهبون إلى القمر سيتخذه 3 أشخاص مهمين في مركز جونسون للفضاء بهيوستن، التابع لـ"ناسا"، "حيث عاش وتدرب جميع رواد الفضاء الأميركيين منذ عام 1961".

وتتسم محاولة "فك شفرة كيفية اتخاذ هذا القرار" بدرجة من التعقيد لا تقل عن رحلة الفضاء نفسها.

وبحسب ما قاله رائد الفضاء السابق في "ناسا"، مايك مولين، لـ"سي إن إن"، فإنه "حتى هذا اليوم لا تزال عملية اتخاذ هذا القرار أشبه بمنطقة مظلمة. إنها أرض مجهولة لا أحد يعرفها، على الأقل في عصرنا".

وأوضحت أن مدير "ناسا" وعضو مجلس الشيوخ الديمقراطي السابق من ولاية فلوريدا، بيل نيلسون، لن يكون له دور في هذه العملية، وفق ما أكده لأول مرة للشبكة الإخبارية الأميركية، في وقت سابق من يناير، عندما قال إن قيادة "ناسا" في واشنطن ستبقى "بعيدة عن عملية اختيار طاقم "أرتميس II".

وأضاف نيلسون أن "هذا الاختيار يتم بمعرفة أشخاص من مركز (جونسون سبيس سنتر)، مؤكداً أنهم "سيتخذون القرار"، ومضيفاً: "لا أعرف ما إذا كانوا قرروا بالفعل هوية أفراد الطاقم أم لا، ولا ينبغي لي أن أعرف".

المتنافسون الكبار

الشيء الوحيد المقرر بشكل قاطع، وفقاً لـ"سي إن إن" هو أن طاقم "أرتميس II" سيضم "3 رواد فضاء أميركيين وكندي واحد"، وهي البنود التي تم التأكيد عليها في معاهدة 2020 بين البلدين.

وأشارت الشبكة الإخبارية إلى أن "ناسا" شددت من البداية على أن يحظى البرنامج، الذي يحمل اسم أخت "أبولو" التوأم في الأسطورة اليونانية، "أرتميس"، بطاقم "يتسم بالتنوع الجندري والعرقي والمهني المكثف".

وتمتلك ناسا طيفاً واسعاً من رواد الفضاء لتختار منهم الآن مقارنة بما كان عليه الحال أثناء برنامج "عطارد"، حيث كان جميع رواد الفضاء الـ7 والطيارين التجريبيين "عسكريين من البيض والذكور"، فيما يتألف أكثر من ثلث رواد فضاء جيل "أرتميس"، البالغ عددهم 41 رائداً، من النساء، إضافة إلى 12 رائداً من الملونين.

إلى جانب ذلك، يتسم جيل "أرتميس" بالتنوع المهني، إذ لا يضم في صفوفه سوى 16طياراً، فيما ينتمي الآخرون إلى طائفة "المتخصصين من ذوي الخبرات في مجالات علم الأحياء والجغرافيا وعلوم المحيطات والهندسة والطب".

وأبلغ قرابة 10 من مسؤولي "ناسا" الحاليين والسابقين "سي إن إن"، أنهم توقعوا أن يضم طاقم "أرتميسII" العديد من الطيارين التجريبيين، إذ تمثل هذه المهمة "أول رحلة تجريبية مأهولة إلى القمر منذ برنامج "أبولو".

وأكد ريزمان رائد الفضاء السابق، أن "مجرد امتلاكك الشجاعة للذهاب إلى هناك، وأن تكون من أوائل المضطلعين بهذه المهمة، وأن تتسم بالهدوء حيال ذلك، فإن هذا يتطلب قدراً من المهارة والخبرة والنضج".

وأضاف: "إننا نتجاوز مدار الأرض المنخفض لأول مرة منذ وقت طويل، في الرحلة الثانية فقط على متن هذه المركبة".

وفرة الخيارات

وفي حال تم اختيار وايزمان، وهو رجل أبيض، فإن هذا يعني أن الاختيارات الأخرى ستذهب إلى "امرأة واحدة على الأقل وشخص ملون واحد على الأقل".

وقال أشخاص مطلعون على عملية الاختيار لـ"سي إن إن"، إنه إلى جانب وايزمان، هناك عدد قليل من المرشحين على رأس القائمة. 

من بين هؤلاء فيكتور جلوفر، الطيار البحري البالغ من العمر 46 عاماً والذي عاد إلى الأرض من رحلته الأولى إلى الفضاء  عام 2021 بعد قيادة الرحلة المأهولة الثانية لمركبة الفضاء "كرو دراجون" التابعة لشركة "سبيس إكس"، حيث قضى نحو 6 أشهر على متن محطة الفضاء الدولية.

وحصل رائد الفضاء المخضرم الذي قام بـ4 عمليات سير في الفضاء، على درجة الماجستير في الهندسة إبان عمله كطيار اختبار.

من ضمن المرشحين أيضاً راندي برسنيك، الطيار البالغ من العمر 55 عاماً والذي قام بمهام قتالية في العراق.

وقام برسنيك بمهمتين إلى محطة الفضاء الدولية، إحداهما على متن مكوك الفضاء، والأخرى على متن مركبة الفضاء الروسية "سويوز".

وغالباً ما يُذكر برسنيك باعتباره المنافس الأول على "أرتميس II"، لأنه أشرف منذ 2018 على تطوير مكتب رواد الفضاء واختبار جميع الصواريخ ومركبات الفضاء التي ستستخدم في مهمات "أرتميس".

وقال الأشخاص المطلعون لـ"سي إن إن"، إن هناك 4 نساء على رأس قائمة المرشحين المحتملين. من بين هؤلاء كريستينا كوخ، وجيسيكا مير، بعدما قامتا معاً بأول عملية سير في الفضاء عام 2019، وكان جميع أفرادها من النساء.

المقعد الأخير

وحطمت كوخ، البالغة من العمر 43 عاماً، والتي قامت بـ6 عمليات سير في الفضاء، الرقم القياسي لأطول رحلة فضاء واحدة قامت بها امرأة واستمرت لمدة 328 يوماً في الفضاء.

وتعد تجربة البقاء على قيد الحياة في مناخات معادية وبيئات غير مريحة، أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لطاقم سيتم حشده داخل كبسولة مخروطية الشكل، يبلغ عرضها 5 أمتار، لمدة 10 أيام تقريباً.

وتعمل آن ماكلين كطيار عسكري، وقادت أكثر من 200 مهمة قتالية في العراق، وواصلت التدريب حتى تخرجت من كلية الطيارين التجريبيين التابعة لسلاح البحرية الأميركية في 2013، وهو نفس العام الذي وقع عليها فيه الاختيار لتكون رائدة فضاء في "ناسا".

وبعد إطلاق مركبة الفضاء الروسية "سويوز" في عام 2018، قضت ماكلين، البالغة من العمر 43 عاماً، أكثر من 200 يوم في الفضاء داخل محطة الفضاء الدولية، وكانت بمثابة أحد رواد السير في الفضاء عبر عمليتي سير. 

وتعد ستيفاني ويلسون أكبر رائد فضاء في القائمة. وتم اختيار ويلسون، البالغة من العمر 56 عاماً، لتكون رائدة فضاء في دفعة عام 1996 منذ أكثر من ربع قرن.

وعملت ويلسون كمتخصصة مهام في 3 رحلات مكوك فضاء، بما في ذلك أول رحلة من هذا النوع، والتي جاءت بعد كارثة كولومبيا في 2003 أودت بحياة 7 رواد فضاء.

أما المقعد الأخير في طاقم "أرتميس II" فسيشغله رائد الفضاء الكندي جيريمي هانسين، الأكثر إثارة للاهتمام في وكالة الفضاء الكندية.

عملية سرية تاريخياً

تم اختيار هانسين كرائد فضاء منذ نحو 14 عاماً، ولكنه لا يزال ينتظر أول مهمة طيران له. ومؤخراً، أصبح الطيار المقاتل البالغ من العمر 47 عاماً، أول كندي يتم تعيينه مسؤولاً عن تدريب فئة جديدة من رواد "ناسا".

رغم أن جميع رواد الفضاء الـ8 المدرجين في قائمة "سي إن إن" لأفضل المنافسين من النابغين والمؤهلين بقوة وفي أوج حياتهم المهنية، إلا أن عامل الحسم يتدنى، في بعض الأحيان، إلى أشياء "تافهة حد الإحباط"، بحسب الشبكة الأميركية.

في هذا السياق، قال ريزمان لـ"سي إن إن"، إن "المشكلة تكمن في أن عامل الحسم يمكن أن يخضع لأشياء تافهة من قبيل مقاس بدلة الفضاء التي ترتديها".

فإذا كان هناك مقاس "وسط وكبير، وأنت ترتدي مقاس كبير جداً فقد انتهى أمرك. ولن يتم تعيينك ضمن الطاقم المكلف بالمهمة".

وأضاف رائد الفضاء السابق أنه "ربما يكون ضرباً من الجنون أن تملي الأشياء الصغيرة ما تؤول إليه الأمور، وليس دائماً العملية الأكثر إنصافاً وشفافية".

وعادة ما تسعى "ناسا" أيضاً من أجل خلق طاقم متنوع مهنياً يمتلك مزيجاً صحياً من المبتدئين والمخضرمين، ما يؤدي لتشكيل مزيج من الطيارين العسكريين والعلماء المدنيين، من الأطباء والمهندسين وعلماء الفيزياء الفضائية والأحياء والجيولوجيا، لضمان تنوع نقاط القوة.

وأشار ريزمان إلى أن "جميع رواد الفضاء لا يقفون على قدم المساواة عندما يتعلق الأمر بمدى براعتهم في أداء عملهم. فليس جميع رواد الفضاء جيدين بالقدر نفسه في السير الفضائي، كما أنهم ليسوا جميعاً جيدين بالقدر نفسه في القيام بالأعمال الروبوتية".

وتابع: "المعيار الأساسي هو أنه إذا كنت مؤهلاً فأنت مؤهل. وإذا اجتزت الاختبار فإن ذلك لا يهم. ولكن إذا كانت لديك مهام صعبة فعلاً فإن ذلك يهم وأنت تريد فعلاً أن تدفع بالفريق قدماً".

ينطبق هذا على وجه التحديد على طاقم "أرتميس II"، الذي سينتقل عبر صاروخ لم يقم سوى برحلة تجريبية ناجحة واحدة. ونظراً لسرية عملية اختيار طاقم "أرتميس"، فقد كانت أكثر إرباكاً.

ترقب الربيع

يقف وايزمان على الجانب الآخر منتظراً مع رائد فضاء نشط آخر، الإعلان بالغ الأهمية والذي قال مدير "ناسا" إنه سيأتي "لاحقاً في الربيع".

بالنسبة لهؤلاء الذين ستتجاوزهم  التعيينات، فإن "أرتميس II" ليست الفرصة الوحيدة، إذ يتدرب رواد فضاء "ناس" في الوقت الحالي، ويذهبون إلى مركز الفضاء الدولي للقيام برحلات فضاء طويلة الأمد على مركبة الفضاء "كرو دراجون" التابعة لشركة "سبيس إكس" ومركبة الفضاء الروسية سويوز.

ومن المقرر أن تحمل مركبة الفضاء "ستارلينر" التابعة لشركة "بوينج"، بوصفها خياراً ثالثاً، رواد الفضاء لأول مرة في ربيع هذا العام.

ومن المتوقع أن يتم تعيين جميع رواد الفضاء النشطين على متن هذه الرحلة. ولكن 8 رواد فضاء فقط سيطيرون إلى القمر سواء في "أرتميس II أو أرتميس III". 

ووصف ريزمان هذه الفرصة بأنها "خاصة وفريدة من نوعها"، مشيراً إلى أنه يشعر صراحة "بكثير من الغيرة تجاه من يختارونه".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات