اكتشف فريق علمي من سويسرا، بقيادة خبراء في جامعة جنيف، مقياس حرارة داخل بذور النباتات، يمكن أن يؤخر أو يمنع الإنبات، إذا كانت درجات حرارة البيئة مرتفعة للغاية بالنسبة للشتلات المستقبلية.
وتسمى عملية تحويل بذرة النبات إلى شتلة بـ"الإنبات"، وتبدأ عندما تتعرض البذرة للمزيج الصحيح من الرطوبة والدفء والأكسجين.
وحين تكون الظروف مناسبة، تمتص البذرة الماء من خلال غلافها الخارجي. ويؤدي ذلك إلى سلسلة من التفاعلات الكيميائية داخل البذرة التي تؤدي إلى تكسير احتياطيات الطعام المخزنة، مثل النشا والبروتين، وتحويلها إلى طاقة.
ومع إنتاج الطاقة، يبدأ الجنين الموجود داخل البذرة في النمو ويدفع طريقه للخروج من الغلاف. وغالباً ما تكون أول علامة مرئية للإنبات هي ظهور الجذر، والذي يُطلق عليه الجذر الجنيني.
ومع نمو الجذور تبدأ امتصاص العناصر الغذائية والمياه من التربة، ويستمر الجنين في التطور إلى شتلة.
"التثبيط الحراري"
الإنبات يُعتبر مرحلة حاسمة في حياة النبات لأنها تترك مرحلة البذور، التي تقاوم العديد من القيود البيئية كالظروف المناخية، وغياب العناصر الغذائية، إلى مرحلة الشتلة الأكثر عرضة للخطر والهشة ضد المخاطر البيئية، والحساسة للغاية للظروف المناخية.
ويعتمد بقاء النبات الصغير على توقيت هذا الانتقال من البذرة إلى مرحلة الشتلة. ولذلك من الضروري أن يتم التحكم في هذه المرحلة بدقة.
وبحسب الدراسة المنشورة في "نيتشر كومينكيشن" يُمكن أن يساعد اكتشاف مقياس الحرارة الداخلي في تحسين نمو النبات في سياق الاحتباس الحراري.
وفي الغالب، لا تكون البذور المُشكلة حديثاً قادرة على الإنبات. بعد بضعة أيام، أو حتى أشهر، اعتماداً على نوع النبات، تستيقظ البذور وتكتسب القدرة على الإنبات خلال الموسم المناسب لنمو الشتلات وإنتاج البذور الجديدة.
ومع ذلك، لا يزال بإمكان البذور أن تقرر مصيرها.
وعلى سبيل المثال، يمكن للبذور التي تتعرض فجأة لدرجات حرارة عالية جداً (28 درجة مئوية) أن تمنع الإنبات، بواسطة طريقة لاستشعار درجة الحرارة المحيطة تسمح بالتنظيم الدقيق للغاية لعملية الإنبات، تُسمى تلك الطريقة "التثبيط الحراري".
"تحسين نمو النباتات"
الباحثون يقولون إن الاختلاف من 1 إلى 2 درجة مئوية فقط يُمكن أن يؤدي إلى تأخير إنبات مجموعة البذور، وبالتالي زيادة فرص بقاء الشتلات في المستقبل.
وفي الدراسة الجديدة، راقب الباحثون عملية الإنبات في نبات "رشاد الصخر" لفهم آليات الكشف التي تسمح للبذور بإحداث تثبيط حراري، فوجدوا أن أحد البروتينات (يُسمى فيتوكروم ب) يُستخدم كمقياس حرارة داخلي أثناء عملية الإنبات.
ومن المعروف أن ذلك البروتين حساس للضوء ودرجة الحرارة في النباتات بعد مرحلة الإنبات.
وبدأ الباحثون تشريح البذور لفصل الأنسجة الموجودة داخل البذرة وهي الجنين (الذي سيعطي النبات الصغير)، والسويداء (النسيج المغذي الذي يتحكم أيضاً في الإنبات في بذور النبات).
وعلى عكس الأجنة المزروعة بالتلامس مع السويداء، وجد الباحثون أن الأجنة المحرومة من السويداء، التي تحتوي على (بروتين فيتوكروم ب)، لا تستطيع إيقاف نموها في ظل درجات حرارة عالية جداً، ما يؤدي إلى وفاتها.
ويعتبر التثبيط الحراري للإنبات مثالاً جديداً لتأثير التغيرات المناخية على بعض الظواهر الدورية في حياة النبات (الإنبات، الإزهار). ومن المتوقع أن يكون لهذه السمة تأثير على توزيع الأنواع وزراعة النباتات، كما سيكون هذا التأثير أكبر مع ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم.
ويرى الباحثون أن الفهم الأفضل لكيفية تحفيز الضوء ودرجة الحرارة أو تأخير إنبات البذور يمكن أن يساعد بالفعل في تحسين نمو النباتات المعرضة لمجموعة واسعة من الظروف المناخية.
اقرأ أيضاً: