حذرت دراسة علمية، نُشرت نتائجها في دورية "ساينتفك ريبورتس"، من أن الانفجارات البركانية قد تؤدي لتعطيل الاتصالات القائمة على الأقمار الصناعية.
وبحسب البحث؛ قد تؤدي الانفجارات البركانية لإنتاج "فقاعات بلازما" في طبقة الأيونوسفير الجوية ما يؤدي لحدوث اضطراب كبير في الإشارات الراديوية بعيدة المدى.
والأيونوسفير هي منطقة من الغلاف الجوي العلوي للأرض تمتد من حوالي 60 كيلومتراً إلى عدة مئات من الكيلومترات فوق سطح الأرض، وسميت بهذا الاسم لأنها تتكون من غازات مؤينة، أو أيونات، تتشكل من تفاعل الإشعاع الشمسي مع الذرات والجزيئات المتعادلة.
في تلك الطبقة، تكون شدة الإشعاع الشمسي عالية بما يكفي لتجريد الإلكترونات من الجزيئات المتعادلة كهربائياً، مما يؤدي إلى تكوين بلازما، وهي حالة شبيهة بالغاز تتكون من أيونات موجبة الشحنة وإلكترونات حرة.
وتسمى المنطقة ذات أعلى تركيز للجسيمات المتأينة بالمنطقة F، وتمتد من ارتفاع 150 إلى 800 كيلومتر فوق سطح الأرض.
وتلعب المنطقة F دوراً مهماً في الاتصالات الراديوية بعيدة المدى، حيث تعكس وتكسر الموجات الراديوية التي تستخدمها أنظمة تتبع الأقمار الاصطناعية ونظام تحديد المواقع العالمي إلى سطح الأرض. ويمكن أن تتعطل عمليات النقل المهمة هذه بسبب أيّ اضطرابات في تلك المنطقة.
فخلال النهار، يتأين الأيونوسفير بأشعة الشمس فوق البنفسجية، مما يخلق تدرجاً كثيفاً للإلكترونات ذات الكثافة الأعلى بالقرب من خط الاستواء. ومع ذلك، فإن الاضطرابات التي تحدث في تلك العملية، مثل حركة البلازما والمجالات الكهربائية والرياح، يمكن أن تتسبب في تكوين عدم انتظام موضعي لكثافة البلازما في بعض مناطق الغلاف الجوي.
فقاعة البلازما الاستوائية
ويمكن أن تنمو تلك المناطق وتتطور، مما يخلق بنية تشبه الفقاعة تسمى فقاعة البلازما الاستوائية. يمكن لتلك الفقاعة تأخير موجات الراديو وتقليل أداء النظام العالمي لتحديد المواقع GPS.
نظراً لأن تدرجات كثافة الالكترونات هذه يمكن أن تتأثر بالأحوال الجوية، افترض العلماء منذ فترة طويلة أنها تتكون من أحداث أرضية مثل النشاط البركاني.
لذا؛ قام فريق ياباني من معهد أبحاث البيئة الفضائية والأرض بجامعة ناجويا بدراسة تلك الفرضية بعد أن أتاح لهم ثوران بركان "تونجا" -والذي حدث في يناير من العام الماضي- فرصة مثالية لاختبار هذه النظرية.
كان ثوران بركان تونجا أكبر ثوران بركان في التاريخ، وسمح ذلك للفريق باختبار نظريتهم باستخدام بيانات الأقمار الاصطناعية للكشف عن احتمالية تكون فقاعات البلازما وتتبع حركة طبقة الأيونوسفير.
ولاحظ الباحثون وجود بنية غير منتظمة لكثافة الإلكترون ما سبب اضطراباً كبيراً في المنطقة F المسؤولة عن نقل الاتصالات. وحدث ذلك الاضطراب بعد وصول موجات الضغط الناتجة عن الانفجار البركاني.
تأثيرات الهباء الجوي
ولكن؛ لماذا يحدث ذلك الاضطراب؟ أثناء الانفجار البركاني، يتم إطلاق كميات كبيرة من الغازات والرماد والهباء الجوي في الغلاف الجوي. ويمكن أن تصل هذه المواد إلى الغلاف الجوي العلوي، بما في ذلك الأيونوسفير، من خلال آليات مختلفة.
وبمجرد وصول الهباء الجوي البركاني إلى طبقة الأيونوسفير، يمكن أن تكون له تأثيرات متعددة، فالهباء البركاني يتفاعل مع الأيونات والجسيمات المحايدة في طبقة الأيونوسفير، مما يؤدي إلى تغيرات في تركيزات الأيونات والكيمياء. يمكن لهذه التفاعلات تعديل ديناميكيات البلازما والمساهمة في تكوين أو تعديل فقاعة البلازما.
كما يمكن أن يؤثر وجود الهباء البركاني على قدرة توصيل الغلاف المتأين وكثافة الإلكترونات، مما قد يؤثر على انتشار الموجات الراديوية ويغير سلوك عدم انتظام البلازما. ويمكن أيضاً أن يمتص ذلك الهباء أو ينثر الإشعاع الشمسي الوارد، مما يؤدي إلى تسخين أو تبريد موضعي للغلاف الجوي. ومن المعروف أن هذا الاضطراب الحراري يؤثر على استقرار وديناميكيات الأيونوسفير مما يساهم في تأثيرات على فقاعات البلازما.
وقام العلماء أيضاً باكتشاف مفاجئ، فلأول مرة، أظهروا أن التقلبات الأيونوسفيرية تبدأ قبل بضع دقائق إلى بضع ساعات من موجات الضغط الجوي المشاركة في توليد فقاعات البلازما.
ويقول الباحثون أيضاً إن فقاعات البلازما المتكونة بسبب الانفجار البركاني وصلت إلى الفضاء حتى خارج طبقة الأيونوسفير، مما يشير إلى ضرورة الانتباه للعلاقة بين الأيونوسفير والغلاف الجوي عند حدوث ظاهرة طبيعية متطرفة، مثل بركان تونجا.
وستسهم هذه الدراسة في فهم وتدارك منع البث عبر الأقمار الاصطناعية وفشل الاتصالات المرتبط بالاضطرابات الأيونية التي تسببها الزلازل والانفجارات البركانية وغيرها من الكوارث.