أظهرت دراسة جديدة أن الملابس التي يتم تسويقها على أنها قابلة للتحلل في البيئات الطبيعية، والمصنوعة من مادة "بولي لاكتيك" لم تتحلل في البيئة البحرية على مدى عام كامل.
ففي كثير من الأحيان، يستخدم مصنعو الملابس أليافاً صناعية قائمة على البلاستيك. إذ تشتهر المواد البلاستيكية، مثل البوليستر، والنايلون، والأكريليك، بمتانتها وتحملها للتآكل والغسيل المتكرر دون أن تفقد شكلها، مما يجعلها مناسبة للملابس التي تحتاج إلى تحمل الاستخدام المنتظم.
وغالباً ما يكون إنتاج الملابس من الألياف البلاستيكية أقل تكلفة مقارنةً بالألياف الطبيعية مثل القطن أو الكتان أو الحرير. كما أن القدرة على تحمل تكاليفها تجعل الملابس المصنوعة من الألياف البلاستيكية في متناول مجموعة واسعة من المستهلكين.
لكن، ومع تصاعد الحملات المطالبة بالحفاظ على البيئة من الآثار المدمرة للبلاستيك، ابتكر العلماء أنواعاً متعددة من البلاستيك الحيوي يقولون إنها تتحلل في البيئة بشكل كامل دون أن تُخلف أيّ أثار مدمرة، مع المحافظة على ميزات الملابس المتعلقة بالتحمل والتكاليف.
ومن ضمن تلك الأنواع بلاستيك "بولي لاكتيك".
بلاستيك "بولي لاكتيك" لا يتحلل
واكتسب ذلك النوع من البلاستيك - والمعروف باسم PLA - شعبية في العديد من الصناعات نظراً لاعتقاد العلماء إمكانية تحلله بيولوجيا بالكامل داخل البيئات المختلفة، أو تكسيره بواسطة الكائنات الدقيقة في البيئات المتنوعة.
ويتم إنتاج "بولي لاكتيك" من خلال تخمير السكريات المشتقة من مصادر نباتية، وتحويلها بعد ذلك إلى حمض اللاكتيك.
ثم يقوم العلماء بعمل بلمرة لجزيئات حمض اللاكتيك بشكل إضافي لتشكيل سلاسل طويلة ومتينة اكتسبت أهمية خاصة كونها بديلًا للبلاستيك التقليدي القائم على المشتقات البترولية، والذي يستغرق تحلله في البيئة فترات طويلة تبلغ مئات السنوات.
في الدراسة الجديدة، اختبر الباحثون قابلية التحلل البيولوجي في المياه البحرية لأنواع مختلفة من المنسوجات التي تحتوي على مواد بلاستيكية تشمل "بولي لاكتيك" والبوليستر ومنسوجات أخرى مصنوعة من مواد طبيعية قائمة على السليلوز.
ووجد الباحثون أن المنسوجات المصنوعة من البلاستيك القابل للتحلل الحيوي، لم تتحلل حقًا في البيئة البحرية بعد أكثر من 428 يوماً. وهو أمر يصفه الباحثون "بالمثير للدهشة" حيث يتم بيع PLA وتسويقه كـ"خيار أخضر" للمستهلكين.
"تضليل"
ويقول الباحثون إن المنسوجات المُصنعة من ألياف السليلوز الطبيعية هي المنسوجات الوحيدة التي تتحلل بيولوجيا بشكل كامل في غضون 35 يوماً تقريباً.
وتقول الباحثة في معهد "سكريبس" لعلوم المحيطات سارة جين روير وهي المؤلفة الأولى لتلك الدراسة إن العلماء أجروا اختبارات التحلل الحيوي لذلك النوع من البلاستيك في المعامل وداخل ظروف محددة تشمل ارتفاعاً في درجة الحرارة وضغط أعلى من المعتاد ورطوبة مرتفعة "وهو ما لا يتوفر في البيئات الطبيعية" على حد ما قالت روير في تصريحات خاصة لـ"الشرق".
وتشير التقديرات إلى أن حوالي ثلثي جميع الألياف والأقمشة المستخدمة في صناعة الأزياء مصنوعة من مواد تركيبية اصطناعية، مثل البوليستر، والنايلون والأكريليك والبولي لاكتيك، ومن المتوقع أن ينمو سوق الألياف الاصطناعية العالمي بنسبة 7.39% في غضون عام 2025 "وهو ما يعني الحاجة لدراسة قابلية تحلل تلك المنسوجات في البيئات الطبيعية عوضاً عن المعامل".
ويقول الباحثون إن الإشارة إلى أن تلك المواد البلاستيكية قابلة للتحلل "أمر مضلل لأنه قد ينقل تصور وجود مادة تتحلل في البيئة بشكل قاطع" وهو ما قد يُشكل ذريعة للمستخدمين لاستخدام تلك المواد "بسلوكيات تخلص قد تكون مدمرة للبيئة".
بماذا ينصح الباحثون؟
وتبلغ نسبة البلاستيك المصنوع من المصادر الزيتية التقليدية ما يقرب من ثلثي إنتاج الألياف العالمي.
وفيما تبلغ نسبة صناعة البلاستيك الحيوي حوالي 14.5% من إنتاج البلاستيك بالكتلة ويقول الباحثون "إن هناك حاجة إلى بعض التدابير الصارمة للانتقال إلى المواد التي تسمح بالتحلل البيولوجي في ظل الظروف الطبيعية" مثل المواد القائمة على السليلوز والتي تكاد مساهمتها "لا تذكر".
وينصح الباحثون باستخدام الألياف القائمة على السليلوز والتي يستخدم في صناعتها الكتان وبذور القنب والجوت "وتمثل 6%من السوق العالمية، أو الألياف الحيوانية (مثل الصوف والحرير) والتي يمثل إنتاجها ما يزيد قليلاً عن 1% من الإنتاج السنوي للمنسوجات.
ومن المعروف أن البدائل المصنوعة من السليلوز تتحلل بشكل أفضل في الطبيعة وتؤكد تلك الدراسة أنه "لا يمكن التفكير في عمليات التحلل البيولوجي إلا للمواد الطبيعية".
وتقول روير في تصريحاتها لـ"الشرق" إن نتائج الدراسة يجب أن تلفت نظر المستهلكين الذين يجب أن يكونوا على دراية أفضل بالمنتجات التي يشترونها إذا ما رغبوا في استهلاك كميات أقل من البلاستيك أو اتخاذ خيارات أفضل وأكثر استدامة للبيئة.
اقرأ أيضاً: