اكتشاف أكبر عاصفة شمسية في التاريخ

دراسة: الأرض تعرضت لقوة هائلة سببتها عاصفة غير مسبوقة منذ 14300 عام

time reading iconدقائق القراءة - 7
صورة تعبيرية لعاصفة شمسية في نشرة ناسا الصادرة في 5 نوفمبر 2015 - REUTERS
صورة تعبيرية لعاصفة شمسية في نشرة ناسا الصادرة في 5 نوفمبر 2015 - REUTERS
القاهرة-محمد منصور

كشف فريق دولي من العلماء عن حدث شمسي ضخم وقع منذ أكثر من 14000 عام، فمن خلال تحليل حلقات الأشجار القديمة المحفوظة في الأماكن الطبيعية الهادئة لجبال الألب الفرنسية، اكتشف الباحثون أدلة على ارتفاع هائل في الكربون المشع، نتيجة لأكبر عاصفة شمسية تم توثيقها على الإطلاق في تاريخ البشرية.

وتقول الدراسة إن الأرض تعرضت لقوة هائلة سببتها عاصفة شمسية ذات حجم غير مسبوق منذ حوالي 14300 عام.

والعاصفة الشمسية هي اضطراب في الغلاف المغناطيسي للأرض ناجم عن اختلافات كبيرة في نشاط الشمس.

وأطلق هذا الحدث الكوني العنان لارتفاع مستويات الكربون المشع، تاركاً بصماته التي لا تمحى على حلقات الأشجار القديمة. ويقدم ذلك الاكتشاف رؤى لا تقدر بثمن حول العواقب المحتملة لمثل هذا الحدث في عالم اليوم الذي يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا.

كما أثارت نتائج الدراسة مخاوف بشأن العواقب المحتملة لعاصفة شمسية مماثلة تحدث في عصرنا الحالي، فإذا ضربت عاصفة شمسية بنفس القوة الأرض اليوم، فإن التداعيات على مجتمعنا التكنولوجي الحديث ستكون كارثية.

انقطاع الاتصالات

ومن المحتمل أن تتسبب عاصفة بذلك الحجم في انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية وأنظمة الأقمار الصناعية والتيار الكهربائي على نطاق واسع، وقد تتكلف أثار مثل تلك العاصفة مليارات الدولارات.

ويقول الباحثون إن فهم تاريخ هذه العواصف أمر هام جداً لحماية البنية التحتية العالمية للاتصالات والطاقة في المستقبل.

وجرى نشر البحث الذي أجراه فريق دولي من العلماء، في دورية الجمعية الملكية لعلوم الرياضية والفيزيائية والهندسية.

وتكشف الورقة عن رؤى جديدة بشأن السلوك المتطرف للشمس والمخاطر التي تشكلها إلى الأرض.

ولإجراء البحث، قام العلماء بتقطيع جذوع الأشجار التي تشكل بقايا لم تكتمل عملية التحجر فيها إلى حلقات مفردة صغيرة. وحدد تحليل هذه الحلقات ارتفاعاً غير مسبوق في مستويات الكربون المشع والذي حدث على وجه التحديد قبل 14300 عام.

ومن خلال مقارنة هذا الارتفاع في الكربون المشع بقياسات البريليوم، وهو عنصر كيميائي موجود في جليد جرينلاند، يقترح الفريق أن الارتفاع كان ناجماً عن عاصفة شمسية ضخمة؛ كان من الممكن أن تقذف كميات هائلة من الجزيئات النشطة إلى الغلاف الجوي للأرض.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة "إدوارد بارد"، وهو أستاذ المناخ وتطور المحيطات في كلية فرنسا، إن إنتاج الكربون المشع يحدث باستمرار في الغلاف الجوي العلوي، من خلال سلسلة من التفاعلات التي بدأتها الأشعة الكونية.

أسباب مجهولة

وفي الآونة الأخيرة، وجد العلماء أن الأحداث الشمسية المتطرفة بما في ذلك التوهجات الشمسية والانبعاثات الإكليلية، يمكن أن تخلق أيضاً رشقات نارية قصيرة المدى من الجسيمات النشطة، والتي يُمكن أن تؤدي لإنتاج الكربون المشع بكميات كبيرة.

وعبر السنوات الماضية، حدد الباحثون 9 عواصف شمسية شديدة على أنها حدثت على مدار الـ15000 عام الماضية. ويقول الباحثون إن أكبر عاصفة شمسية عاتية تم تسجيلها حدثت في عام 993 ميلادية، فيما حدثت عاصفة أخرى عاتية في عام 774 ميلادية.

لكن العاصفة التي تم تحديدها حديثاً والتي يعود تاريخها إلى 14300 عام مضت، هي الأكبر التي تم اكتشافها على الإطلاق، إذ إن قوتها بلغت ضعف حجم هاتين العاصفتين تقريباً.

ومن غير المعلوم الأسباب الدقيقة التي تؤدي لحدوث العواصف الشمسية العاتية، إذ لم يعايش تلك الأحداث العلماء بشكل مباشر من قبل.

ويقول الباحثون إنه لا يزال أمامنا الكثير لنتعلمه عن سلوك الشمس والمخاطر التي تشكلها على المجتمع على الأرض، فنحن لا نعرف ما الذي يُسبب حدوث مثل هذه العواصف الشمسية الشديدة، أو مدى تكرار حدوثها، أو ما إذا كان بإمكاننا التنبؤ بها بطريقة أو بأخرى.

وبدأت القياسات الآلية المباشرة للنشاط الشمسي في القرن السابع عشر بالتزامن مع اكتشاف وإحصاء البقع الشمسية.

ويستطيع العلماء حالياً الحصول على سجلات تفصيلية باستخدام المراصد الأرضية والمسابير الفضائية والأقمار الصناعية. ومع ذلك، فإن كل هذه السجلات الآلية قصيرة المدى غير كافية لفهم الشمس بشكل كامل.

 حدث كارينجتون

ويقول الباحثون إن قياس الكربون المشع في حلقات الأشجار، جنباً إلى جنب مع البيريليوم في قلب الجليد القطبي، يوفر أفضل طريقة لفهم سلوك الشمس في الماضي.

وحدثت أكبر عاصفة شمسية تمت ملاحظتها بشكل مباشر وتسجيل آثارها في عام 1859، وتُعرف باسم حدث كارينجتون.

وفي الأول من سبتمبر 1859، لاحظ عالم الفلك البريطاني "ريتشارد كارينجتون" توهجاً شديداً من الضوء الأبيض على سطح الشمس. وأعقب ذلك زيادة في النشاط الشمسي، بما في ذلك إطلاق كمية هائلة من المواد الشمسية إلى الفضاء.

ووصل الانبعاث الإكليلي الناتج عن حدث كارينجتون إلى الأرض خلال 17.6 ساعة فقط، وعندما ضرب الغلاف المغناطيسي لكوكبنا، أثار عاصفة مغناطيسية أرضية شديدة.

وكان أحد التأثيرات الأكثر وضوحاً لحدث كارينجتون هو ظهور الشفق (الأضواء الشمالية والجنوبية) عند خطوط عرض أقل بكثير من المعتاد. تشير التقارير إلى أن الشفق القطبي كان مرئياً في أقصى الجنوب مثل منطقة البحر الكاريبي وحتى أجزاء من أميركا الوسطى.

وأدت التيارات الكهربائية الناجمة عن العاصفة إلى تعطيل أنظمة التليغراف في جميع أنحاء العالم. وأفاد مشغلو التليغراف أنهم تعرضوا لصدمات كهربائية، وفي بعض الحالات، اشتعلت النيران في معدات التليغراف. وعلى الرغم من فصلها عن مصادر الطاقة، استمرت بعض خطوط التليغراف في إرسال الرسائل، بسبب التيارات الكهربائية المستحثة. 

وكان الشفق الليلي شديد السطوع لدرجة أن الطيور غردت في المساء، معتقدة أن الشمس قد بدأت في الشروق. لكن الباحثين يقولون إن العاصفة التي حدثت قبل 14300 سنة كانت أكبر بكثير من حدث "كارينجتون".

تصنيفات

قصص قد تهمك