بعد نجاتها من الانقراض.. فقمة الفراء تواجه خطراً جديداً

time reading iconدقائق القراءة - 5
صورة التقطت في 28 ديسمبر 2022 تظهر فقمات الفراء تحت القطب الجنوبي داخل فوهة جزيرة سانت بول، وهي جزء من الأراضي الفرنسية الجنوبية والقطبية الجنوبية في المحيط الهندي/ AFP) - AFP
صورة التقطت في 28 ديسمبر 2022 تظهر فقمات الفراء تحت القطب الجنوبي داخل فوهة جزيرة سانت بول، وهي جزء من الأراضي الفرنسية الجنوبية والقطبية الجنوبية في المحيط الهندي/ AFP) - AFP
القاهرة-محمد منصور

كشفت دراسة جديدة نُشرت في دورية "Global Change biology" عن خطر جديد يواجه فقمة الفراء القطبية، إذ قالت النتائج إن تلك الكائنات أصبحت مُهددة "بالموت جوعاً"، بعد أن زادت أعدادها بشكل كبير خلال السنوات الماضية. 

تعيش فقمة الفراء في القطب الجنوبي بالمياه المتجمدة والمناظر الطبيعية المقفرة في جورجيا الجنوبية، وغيرها من الجزر الواقعة جنوب القارة القطبية الجنوبية.

في أوائل القرن التاسع عشر، أصبحت هذه الجزر نقاطاً ساخنة لصيد الفقمة، بسبب ارتفاع الطلب على جلودها. أدى هذا الهجوم إلى القضاء على أعداد فقمة الفراء تقريباً. ومع ذلك، وبفضل جهود الحفظ وأنظمة الحماية، عادت هذه المخلوقات ببطء ولكن بثبات. 

وبلغ تعداد فقمة الفراء ذروته في العصر الحديث في عام 2009 بنحو 3.5 مليون، وهو عدد صحي، وإن كان أقل كثيراً من التقديرات السابقة.

ندرة الكريل

لكن إحصاءً أكثر تفصيلاً للحيوانات التي تعيش في جزيرة معينة في جورجيا الجنوبية تسمى جزيرة الطيور، يظهر أيضاً أن الفقمات تجد صعوبة في العثور على الكريل مع انخفاض أعدادها في العقد الماضي. 

ويقول المؤلف المشارك في الدراسة، جاومي فوركادا، وهو باحث بهيئة المسح البريطانية لأنتاركتيكا، إن هناك أخباراً جيدة وسيئة بشأن فقمة الفراء "فقد تعافى عددها بشكل مثير للإعجاب طوال القرن العشرين عندما تم حظر صيد الفقمة، لكن التغيرات التي طرأت على وفرة الكريل في المحيط الجنوبي في القرن الحادي والعشرين تهدد الآن هذه الحيوانات الشهيرة مجدداً". 

والكريل نوع من القشريات الصغيرة التي تشبه الجمبري، ويشكل حجر الزاوية في الشبكة الغذائية للمحيط الجنوبي، فهو مصدر غذائي أساسي ليس فقط لفقمة الفراء، ولكن أيضاً للعديد من الأنواع الأخرى، بما في ذلك طيور البطريق والحيتان والطيور البحرية، وتتوقف صحة النظام البيئي بأكمله على توافر هذه القشريات الصغيرة. 

ويشكل الكريل ما يصل إلى 80% أو أكثر من النظام الغذائي لفقمات الفراء في جورجيا الجنوبية، لذا فتلك الحيوانات "تعاني انخفاضاً كارثياً في عدد الجراء المنتجة، وبقاء الأفراد على قيد الحياة عندما تسبب الظروف البيئية في انخفاض أعداد الكريل من مناطق الغذاء المباشرة الخاصة بهم" حسب الدراسة. 

وأسباب تراجع أعداد الكريل معقدة ومترابطة. ويعتبر تغير المناخ، مع ارتفاع درجات حرارة البحر والتغيرات في توزيع الكريل، عاملاً أساسياً في انخفاض أعداد تلك الكائنات.

ومع ارتفاع درجة حرارة المحيط الجنوبي، تغير الكريل نطاقاتها، وتصبح أقل الفقمات أقل قدرة على الوصول لها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإفراط في صيد الكريل من قبل البشر لأغراض مختلفة، بما في ذلك تربية الأحياء المائية وصناعة مكملات أوميجا 3، يزيد تفاقم المشكلة. 

مع جهود الحماية ومنع صيدها وتوافر الكثير من الطعام والتكاثر السريع، ازدهرت أعداد الفقمات، وانتعشت بسرعة أكبر بكثير من الأنواع الأخرى التي تم اصطيادها سابقاً في المنطقة، بما في ذلك الحيتان الحدباء.

وبحلول عام 2000، أفادت التقارير بأن جزر جورجيا الجنوبية كانت موطناً لما يتراوح بين 4.5 مليون و6.2 مليون فقمة الفراء.

مراجعة الأعداد

لكن إعادة فحص هذه البيانات والأساليب المستخدمة تشير إلى أن هذه الأعداد السكانية المزدهرة لم تكن دقيقة، ما يمثل تحدياً إضافياً للعلماء الذين يحاولون الآن فهم الانخفاض الحالي. 

وتظهر النتائج الجديدة أيضاً أن هناك مبالغة كبيرة في تقدير الأعداد، إذ تقوم الدراسات الاستقصائية عادة بتقييم الأعداد على شواطئ تكاثر الفقمات، ولكن هذه الأرقام غير دقيقة، لأن معظم فقمات الفراء الذكور في جورجيا الجنوبية لا تتكاثر عادة حتى تبلغ من العمر 10 سنوات، وبعد ذلك لمدة سنتين إلى 3 سنوات فقط.

وهذا يعني أن حوالي 80% من السكان الذكور غائبون عن الدراسات، ومن ثم يمكن أن تحدث مبالغة في تقدير العدد الإجمالي. 

وجاء تقدير الأعداد الجديد البالغ 3.5 مليون حيوان من عدة مسوحات بطائرات الهليكوبتر لمدة أسبوع في جورجيا الجنوبية، من عام 2007 إلى عام 2009 وعبر تحسين أساليب تقييم السكان. 

وانتعاش أعداد مجموعات فقمة الفراء في جزيرة الطيور، وهي موقع مدروس جيداً في شمال غربي جورجيا الجنوبية، من بين أسرع عمليات الرجوع من الانقراض خلال القرن الماضي أو نحو ذلك.

لكن الاستطلاع الجديد كشف عن اتجاه عكسي مثير للقلق. فقد بلغت الأرقام ذروتها في عام 2009، ثم انخفضت بنسبة 7% كل عام منذ ذلك الحين. وهذا يؤدي إلى انخفاض عدد فقمات الجزيرة الحالي إلى مستوى لم نشهده منذ السبعينات من القرن الماضي، عندما كانت فقمات الفراء تتعافى. 

وتقول الدراسة إنه هناك حاجة إلى مزيد من البحث التفصيلي لتحديد سبب قلة توفر الكريل، ومدى انتشار التغيير في بقية أنحاء المحيط الجنوبي. 

تصنيفات

قصص قد تهمك