تقرير يكشف: 22% من الأنواع المهاجرة للحيوانات تواجه خطر الانقراض

time reading iconدقائق القراءة - 11
طيور مهاجرة في جنوب لبنان. 28 مارس 2021 - REUTERS
طيور مهاجرة في جنوب لبنان. 28 مارس 2021 - REUTERS
القاهرة-محمد منصور

انعقد الاجتماع الرابع عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الحفاظ على أنواع الحيوانات البرية المهاجرة (CMS COP14) في مدينة سمرقند بأوزبكستان، الاثنين، حيث شهد إطلاق الأمم المتحدة أول تقرير لها عن حالة الأنواع المهاجرة في العالم.

ويكشف التقرير عن نتائج كارثية؛ ففي حين أن بعض الأنواع المهاجرة المدرجة في الاتفاقية آخذة في التحسن، فإن ما يقرب من نصفها (44%) يظهر انخفاضاً في أعدادها.

وقال التقرير إن أكثر من واحد من كل خمسة (22%) من الأنواع المدرجة في اتفاقية الحفاظ على الأنواع المهاجرة مهدد بالانقراض؛ كما ذكر أن ما يقرب من جميع الأسماك المدرجة في (97%) مهدد بالانقراض.

وأكد التقرير أن خطر الانقراض بالنسبة للأنواع المهاجرة على مستوى العالم يتزايد، بما في ذلك تلك غير المدرجة في الاتفاقية.

كما قال التقرير إن نحو نصف (51%) من مناطق التنوع البيولوجي الرئيسية التي تم تحديدها على أنها مهمة للحيوانات المهاجرة المدرجة في الاتفاقية لا تتمتع بوضع محمي، و58% من المواقع المراقبة المعترف بها على أنها مهمة للأنواع المدرجة في الاتفاقية تعاني مستويات غير مستدامة من النشاط البشري.

وأوضح التقرير أن الدوافع الرئيسية وراء انخفاض الأنواع المهاجرة هي الضغوط البشرية؛ إذ يشكل فقدان الموائل وتدهورها وتجزئتها بسبب الأنشطة الزراعية، إلى جانب الاستغلال المفرط من خلال الصيد وصيد الأسماك، تهديدات كبيرة.

ويزيد التلوث، بما في ذلك الملوثات المختلفة مثل المبيدات الحشرية والمواد البلاستيكية، من تفاقم هذه التحديات، ويضيف تغير المناخ طبقة أخرى من التعقيد، ومن المتوقع أن تتفاقم آثاره بمرور الوقت.

وسلط التقرير الضوء على كيفية تفاعل هذه التهديدات، مما أدى إلى تفاقم التحديات التي تواجهها الأنواع المهاجرة. ولا يؤدي تعطيل الموائل إلى الحد من توافر البيئات المناسبة فحسب، بل يعيق أيضاً طرق الهجرة، إذ تشكل الحواجز المادية مثل البنية التحتية والهياكل التي صنعها الإنسان عقبات مباشرة أمام الحركة.

تقوم مليارات الحيوانات برحلات هجرة كل عام على الأرض، وفي الأنهار والمحيطات، وفي السماء، عابرة الحدود الوطنية والقارات، ويسافر بعضها آلاف الأميال عبر العالم من أجل التغذية والتكاثر، وتلعب الأنواع المهاجرة دوراً أساسياً في الحفاظ على النظم البيئية في العالم، وتوفر فوائد حيوية، من خلال تلقيح النباتات، ونقل العناصر الغذائية الأساسية، كما تفترس الآفات، وتساعد على تخزين الكربون.

 1189 نوعاً من الحيوانات

تم إعداد تقرير حالة الأنواع المهاجرة في العالم من قبل علماء الحفاظ على البيئة في المركز العالمي لرصد الحفاظ على البيئة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

واتفاقية الحفاظ على الأنواع المهاجرة من الحيوانات البرية، معاهدة دولية تهدف إلى الحفاظ على الأنواع المهاجرة وموائلها وُقعت في عام 1979، ويوفر إطاراً للدول لتنسيق جهود الحفاظ على الحيوانات المهاجرة التي تعبر الحدود الدولية. 

وتهدف الاتفاقية إلى معالجة التهديدات التي تواجه الأنواع المهاجرة من خلال التعاون الدولي والعمل المنسق بين الدول الأعضاء.

ينصب التركيز الرئيسي للتقرير على 1189 نوعاً من الحيوانات التي اعترفت بها الأطراف في اتفاقية الحفاظ على الأنواع على أنها تحتاج إلى حماية دولية؛ كما يحتوي التقرير أيضاً على تحليل مرتبط بأكثر من 3 آلاف نوع مهاجر إضافي غير مضاف في بنود الاتفاقية.

وتعتمد الأنواع المهاجرة على مجموعة متنوعة من الموائل المحددة في أوقات مختلفة من دورات حياتها. وهم يسافرون بانتظام، أحياناً آلاف الأميال، للوصول إلى هذه الأماكن.

وتواجه تلك الأنواع تحديات وتهديدات هائلة على طول الطريق، وكذلك في وجهاتهم حيث يتكاثرون أو يتغذون. وعندما تعبر الأنواع الحدود الوطنية، فإن بقاءها يعتمد على جهود جميع البلدان التي توجد فيها.

على مدار 30 عاماً الماضية، أصبح 70 نوعاً مهاجراً مدرجاً في قائمة اتفاقية حفظ الأنواع المهاجرة، بما في ذلك نسر السهوب والنسر المصري والجمال البري، أكثر عرضة للانقراض.

ثعبان البحر الأوروبي 

ويلعب ثعبان البحر الأوروبي دوراً حاسماً في النظم البيئية للمياه العذبة من خلال خضوعه لأطول عملية هجرة وأكثرها تعقيداً بين ثعابين المياه العذبة. 

وتاريخياً، شكلت أسماك الأنقليس الأوروبية جزءاً كبيراً من الكتلة الحيوية للأسماك في بيئات المياه العذبة الأوروبية، مما ساهم في عمل الشبكات الغذائية للمياه العذبة.

ومع ذلك، فقد انخفضت أعدادها بشكل كبير منذ الثمانينيات، ويعزى هذا الانخفاض إلى التهديدات المختلفة بما في ذلك حواجز الهجرة والاستغلال المفرط خلال المراحل المبكرة من الحياة.

وهناك 14 نوعاً مدرجاً في الاتفاقية تتمتع الآن بحالة حفظ محسنة، وتشمل هذه الحيتان الزرقاء والحيتان الحدباء، ونسر البحر ذو الذيل الأبيض، وطائر أبو ملعقة أسود الوجه.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن جميع أنواع الأسماك المدرجة في قائمة اتفاقية حفظ الأنواع المهاجرة تقريباً، بما في ذلك أسماك القرش المهاجرة وسمك الحفش، تواجه خطر الانقراض بشكل كبير، مع انخفاض أعدادها بنسبة 90% منذ السبعينيات.

ومن خلال تحليل التهديدات التي تتعرض لها الأنواع، أوضح التقرير المدى الهائل الذي يحدث فيه الانخفاض في أعداد الأنواع المهاجرة بسبب الأنشطة البشرية.

وأكد على أن أكبر تهديدين لكل من الأنواع المدرجة في قائمة الاتفاقية وجميع الأنواع المهاجرة هما الاستغلال المفرط، والذي يشمل الصيد غير المستدام، والصيد الجائر، والاستيلاء على الحيوانات غير المستهدفة كما هو الحال في مصايد الأسماك، وفقدان الموائل، وتدهورها وتفتيتها من أنشطة مثل الزراعة، وتوسيع البنية التحتية للنقل والطاقة.

وقال التقرير إن تأثير انخفاض أنواع الطيور المهاجرة ليست بيئية فحسب، بل ثقافية أيضاً.

وظائف بيئية

ففي الوقت الذي تؤدي فيه الخفافيش وظائف بيئية مهمة من خلال تلقيح الزهور ونشر البذور، وتساهم بشكل كبير في التلقيح ونشر البذور في النظم البيئية المختلفة، وتلعب دوراً حيوياً في تكاثر النباتات ذات الأهمية الاقتصادية؛ تتمتع بعض الطيور المهاجرة بأهمية ثقافية كبيرة عبر تاريخ البشرية.

إذ ترمز تلك الرحلات للبدايات الجديدة والمواسم المتغيرة، فعلى سبيل المثال، يبشر النسر المصري بقدوم الربيع، مما يدل على الصحة والإنتاجية. وبالمثل، فإن اللقلق الأبيض هو رمز واسع الانتشار للولادة والازدهار. كما تحمل أنواع مثل طائر الكركي أسود العنق أهمية مقدسة في الثقافة البوذية في جنوب وجنوب شرق آسيا.

وسيساعد هذا التقرير في دعم الإجراءات السياسية التي تشتد الحاجة إليها لضمان استمرار ازدهار الأنواع المهاجرة في جميع أنحاء العالم.

وأشار التقرير إلى أن أكبر تهديدين لكل من الأنواع المدرجة في الاتفاقية وجميع الأنواع المهاجرة هما الاستغلال المفرط وفقدان الموائل بسبب النشاط البشري.

تأثر 3 من أصل 4 أنواع مهاجرة

وتتأثر 3 من أصل 4 أنواع مهاجرة بفقدان الموائل وتدهورها وتجزئتها، وتتأثر 7 من كل 10 أنواع مدرجة في الاتفاقية بالاستغلال المفرط؛ بما في ذلك الاستيلاء المتعمد وكذلك الاستيلاء العرضي؛ كما أن لتغير المناخ والتلوث والأنواع الغازية تأثيرات عميقة على الأنواع المهاجرة.

وعلى الصعيد العالمي، هناك 399 نوعاً مهاجراً مهدداً، أو على وشك الانقراض غير مدرج حالياً ضمن الاتفاقية.

وقدم التقرير نظرة عامة عالمية على حالة الحفظ والاتجاهات السكانية للحيوانات المهاجرة، بالإضافة إلى أحدث المعلومات حول التهديدات الرئيسية التي تواجهها والإجراءات الناجحة لإنقاذها.

وقالت المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة إنجر أندرسن في بيان صحفي، تلقت "الشرق" نسخة منه، إن التقرير يظهر بوضوح أن الأنشطة البشرية غير المستدامة تعرض مستقبل الأنواع المهاجرة للخطر "وهي مخلوقات لا تعمل فقط كمؤشرات للتغير البيئي، ولكنها تلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على البيئة".

ولفتت أندرسن إلى أن المجتمع العالمي "لديه فرصة لترجمة هذا العلم الأخير للضغوط التي تواجه الأنواع المهاجرة إلى إجراءات ملموسة للحفاظ على البيئة".

وفي حين كانت هناك اتجاهات إيجابية بالنسبة للعديد من الأنواع المدرجة في الاتفاقية، فإن نتائج التقرير أكدت الحاجة إلى مزيد من العمل، لجميع الأنواع المهاجرة.

تتمثل إحدى الأولويات الرئيسية في رسم الخرائط واتخاذ الخطوات المناسبة لحماية المواقع الحيوية التي تعمل كمواقع للتكاثر والتغذية والتوقف للأنواع المهاجرة، وهي أولوية رئيسية.

وبيّن التقرير أن ما يقرب من 10 آلاف من مناطق التنوع البيولوجي الرئيسية في العالم مهمة للأنواع المهاجرة مدرجة في قائمة اتفاقية الأنواع المهاجرة، ولكن أكثر من نصفها لم تُصنف كمناطق محمية أو محفوظة. كما إن 58% من المواقع المراقبة المهمة للأنواع المدرجة في الاتفاقية معرضة للتهديد بسبب الأنشطة البشرية.

كما بحث التقرير في عدد الأنواع المهاجرة المعرضة للخطر، ولكنها غير مشمولة بالاتفاقية.

ووجدت أن 399 نوعاً مهاجراً، معظمها من الطيور والأسماك، بما في ذلك العديد من طيور القطرس والطيور وأسماك الراي اللساع، صُنفت على أنها مهددة أو شبه مهددة، ولكنها لم يتم إدراجها بعد في قائمة اتفاقية حماية الأنواع المهاجرة.

وبينما شدد التقرير على الوضع المثير للقلق للعديد من الأنواع، فإنه أوضح أيضاً أن التعافي السكاني والانتعاش على مستوى الأنواع أمر ممكن.، كما سلط الضوء على حالات التغيير الناجح في السياسات والإجراءات الإيجابية، من المستوى المحلي إلى الدولي.

وشملت الأمثلة العمل المحلي المنسق الذي أدى إلى خفض شبكات صيد الطيور غير القانونية بنسبة 91% في قبرص، وأعمال الحفظ والترميم المتكاملة الناجحة في كازاخستان، والتي نجحت في إنقاذ ظباء "سايجا" من حافة الانقراض.

وينعقد المؤتمر تحت شعار "الطبيعة لا تعرف الحدود"، وهو بمثابة تذكير مع الشعار بأن رحلات الأنواع المهاجرة لا تلتزم بالحدود السياسية، وأن بقاءها يعتمد على التعاون الدولي والعابرة للحدود وجهود الحفاظ على البيئة.

ويسلط الاجتماع الدولي الذي يعقد كل 3 سنوات الضوء على قضايا الحفاظ على الموائل واستعادتها، بالإضافة إلى التهديدات التي تتعرض لها الأنواع مثل الاستغلال المفرط وفقدان الموائل وتجزئتها والتلوث وتغير المناخ.

كما يوفر فرصة فريدة لإطلاق تقارير ومبادئ توجيهية رئيسية جديدة، بما في ذلك التقرير الأول على الإطلاق عن "حالة الأنواع المهاجرة في العالم"، والمبادئ التوجيهية العالمية الجديدة بشأن التلوث الضوئي، وأفضل الممارسات للبنية التحتية الخطية لتقليل التأثيرات على الأنواع المهاجرة.

تصنيفات

قصص قد تهمك