ابتكر باحثون من جامعة "تسينج هوا" الصينية، شريحة ذكية تستخدم الضوء لمعالجة الصور في بضعة أجزاء من المليار من الثانية فقط.
ويمكن لهذه التكنولوجيا أن تتيح للآلات رؤية وفهم محيطها بشكل أسرع بكثير، وهو ما سيكون مفيداً لأشياء مثل السيارات ذاتية القيادة، وتفتيش المصانع، والروبوتات.
وباستخدام هذه الشريحة، يمكن أن تتقدم الحوسبة الطرفية، التي تتعامل مع المهام المعقدة، مثل معالجة الصور على الأجهزة المحلية، إلى الذكاء الطرفي من خلال دمج الذكاء الاصطناعي لإجراء تحليل أكثر ذكاء واتخاذ القرارات بسرعة كبيرة.
والحوسبة الطرفية، هي تقنية تجعل معالجة البيانات وتخزينها أقرب إلى الأجهزة التي تولّد البيانات وتستخدمها، بدلاً من الاعتماد على مركز بيانات مركزي.
ومن خلال أداء مهام مثل تحليل البيانات، ومعالجة الصور والحوسبة في الوقت الفعلي على الأجهزة المحلية أو الخوادم القريبة، تعمل الحوسبة الطرفية على تقليل زمن الوصول وتعزيز السرعة وتحسين كفاءة معالجة البيانات، وهو أمر مفيد بشكل خاص للتطبيقات التي تتطلب استجابات سريعة، مثل المركبات ذاتية القيادة، والأجهزة الذكية، والأتمتة الصناعية.
ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة "لو فانج" إن التقاط الصور ومعالجتها وتحليلها للمهام المستندة إلى تقنيات الحوسبة الطرفية، مثل القيادة الذاتية يقتصر حالياً على سرعات مستوى المللي ثانية بسبب ضرورة تحويلات الإشارات الضوئية إلى إشارات الكترونية.
لكن الشريحة الجديدة تستطيع تنفيذ كل هذه العمليات في أجزاء من المليار من الثانية فقط.
"قدرات خاصة"
وبحسب الدراسة المنشورة في دورية "أوبتيكا"، يقول الباحثون إن الشريحة الجديدة، التي يُطلقون عليها "شريحة المصفوفة الحاسوبية المتوازية البصرية" (OPCA) لديها نطاق معالجة يصل إلى 100 مليار بكسل وزمن استجابة يبلغ 6 نانو ثانية فقط، وهو أسرع بنحو 6 مرات من حيث الحجم من الطرق الحالية.
واستخدم الباحثون الشريحة لإنشاء شبكة عصبية بصرية تدمج ما بين التصوير والحساب وإعادة البناء.
ويمكن للشبكة العصبية الضوئية والرقاقة أن تعزز كفاءة معالجة الصور المعقدة وتساعد على تطوير تكنولوجيا الروبوت الذكي إلى مستوى أعلى بكثير من المستويات الحالية، والتي تستخدم الرؤية الآلية، الكاميرات وأجهزة استشعار الصور والإضاءة وخوارزميات الكمبيوتر، لالتقاط الصور ومعالجتها وتحليلها لمهام محددة.
وتتضمن الطرق التقليدية تحويل المعلومات البصرية إلى إشارات كهربائية رقمية باستخدام أجهزة الاستشعار، ويتم بعد ذلك نقل هذه الإشارات عبر الألياف الضوئية لنقل البيانات لمسافات طويلة والمهام النهائية.
ومع ذلك، فإن التحويل المتكرر بين الإشارات الضوئية والكهربائية، إلى جانب التقدم المحدود في المعالجات الإلكترونية، أصبح عائقاً رئيسياً أمام تحسين سرعة وقدرة معالجة رؤية الآلة.
وأدّى نمو الأجهزة المتطورة، مثل الهواتف الذكية والسيارات ذاتية القيادة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، إلى نمو هائل في بيانات الصور التي سيتم معالجتها ونقلها وعرضها.
وبالتالي يحتاج العالم لتطوير الرؤية الآلية من خلال دمج الاستشعار والحوسبة في المجال البصري، وهو أمر مهم بشكل خاص للحوسبة الطرفية ولتمكين تطبيقات الذكاء الاصطناعي الأكثر استدامة.
المشكلة والحل
لكن التحدي المتمثل في التقاط الصور وتحليلها على الشريحة نفسها باستخدام الضوء ينطوي على تغيير الضوء من العالم الخارجي إلى شكل يمكنه الانتقال داخل الشريحة.
وفي هذه الدراسة، حلّ الباحثون هذه المشكلة عن طريق إنشاء شريحة ذات رنانات حلقية خاصة تحوّل الضوء من المشهد إلى إشارة يمكن للرقاقة استخدامها، وفي الوقت نفسه، تساعد مجموعة من العدسات الصغيرة من خلال تركيز ضوء المشهد على الشريحة.
وسمح تصميم الرقاقة للباحثين ببناء شبكة عصبية بصرية تستخدم أطوال موجية مختلفة من الضوء.
وترسل هذه الشبكة الضوء من خلال دليل موجي بصري واسع، حيث تتجمع الإشارات الضوئية، ويمكن بعد ذلك استخدام هذه الإشارات المدمجة لتحديد الأشياء أو إعادة بناء الصور بالكامل باستخدام الضوء.
ويشير فانج إلى أنه "يمكن إعادة برمجة كل جزء من هذه الشريحة ليعمل مثل الخلية العصبية في الشبكة العصبية، حيث يضبط الإشارات الضوئية بناء على المدخلات والأوزان"، مضيفاً: "تربط الشبكة كل هذه الخلايا العصبية بدليل موجي واحد، ما يؤدي إلى إنشاء اتصال بصري كامل بين الإدخال والإخراج".
ولإظهار ما يمكن أن تفعله الشريحة، استخدمها الباحثون للتعرف على صورة مكتوبة بخط اليد وتطبيق مرشح لاستخراج الميزات من الصورة.
وأظهرت النتائج التي توصلوا إليها أن الشريحة يمكنها ضغط المعلومات وإعادة بناء الصورة بشكل فعال، ما يسلط الضوء على إمكاناتها للعديد من الاستخدامات.
ويعمل الفريق الآن على تحسين الشريحة لتعزيز أدائها وجعلها أكثر ملاءمة لتطبيقات العالم الحقيقي، وخاصة في الحوسبة الطرفية، ويقولون إنه لكي تكون الشريحة عملية، فإنها تحتاج إلى التعامل مع مهام أكثر تعقيداً وجعلها أصغر حجماً.
ويأمل فانج أن يؤدي استخدام الضوء للاستشعار والحوسبة إلى جعل رؤية الآلة أسرع وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
وعلى الرغم من أن أساليب اليوم لن يتم استبدالها بالكامل، إلا أن الباحثين يعتقدون أن ذا النهج سيكون مفيداً في الحوسبة المتطورة، وسيؤدي إلى العديد من التطبيقات الجديدة.