المغرب.. خطة للربط بين الأحواض المائية لمواجهة الجفاف

time reading iconدقائق القراءة - 6
حملة حكومية تستهدف الأطفال عن أهمية الحفاظ على البيئة وجودة المياه في مدينة بوزنيقة المغربية. 17 يوليو 2024 - facebook/agencemarocainedepresse
حملة حكومية تستهدف الأطفال عن أهمية الحفاظ على البيئة وجودة المياه في مدينة بوزنيقة المغربية. 17 يوليو 2024 - facebook/agencemarocainedepresse
الرباط-عمر أجراري

للسنة السادسة على التوالي، يعيش المغرب عاماً آخر من الجفاف، ما دفع الحكومة إلى إعداد حزمة من الإجراءات ضمن "البرنامج الوطني للتزويد بماء الشرب، ومياه الري، الذي دُشن عام 2020 رُصدت له ميزانية تقدر بـ143 مليار درهم (14.3 مليار دولار).

ويضم البرنامج حلولاً على المدى المتوسط، كبناء سدود جديدة ومحطات تحلية مياه البحر، وزيادة قدرات إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، إضافة إلى "حل عاجل" يتمثل في الربط بين الأحواض المائية، وهي عبارة عن تجمعات مائية تتكون أساساً من وديان تقوم بتصريف مياه الأمطار.

وبدأ المغرب العام الماضي في نقل المياه من شمال البلاد إلى وسطها، عبر مشروع "طريق سيّار للماء" يربط بين حوض سبو (شمال)، وحوض أبي رقراق الشاوية قرب مدينة الرباط (وسط)؛ و"الطريق السيّار" عبارة عن قنوات مائية فولاذية بقطر 3.2 متر.

علاوة على مضختين للماء، مهمتها نقل فائض المياه من سد "سبو" شمال البلاد، إلى سد سيدي محمد بن عبد الله بضواحي العاصمة الرباط، بما يبلغ حوالي 15 متر مكعب في الثانية، وبطول يناهز 67 كيلومتراً، وتم إنجاز المشروع بكلفة مالية تقارب 6 مليارات درهم (600 مليون دولار).

وقال رئيس قسم تدبير الماء بوزارة التجهيز والماء عصام الغراري لـ"الشرق"، إنه "من ضمن الحلول المستعجلة: نقل المياه من سد سبو شمالاً إلى سد سيدي محمد بن عبد الله، وذلك بهدف استغلال فائض المياه الذي كان يضيع في البحر انطلاقاً من حوض سبو".

ووصل العجز المائي بحوض أبي رقراق (وسط) في السنوات الأخيرة إلى مستوى كبير، لا سيما في سدّ سيدي محمد بن عبد الله الذي يشكل المصدر الرئيسي لتزويد مدينة الرباط، وجزء من مدينة الدار البيضاء، حيث تراجعت الموارد المائية خلال سنة 2022 إلى أقل من 60 مليون متر مكعب، بالمقارنة مع المعدل السنوي الذي يبلغ 400 مليون متر مكعب، بحسب المسؤول المغربي.

موجات الجفاف

وسبق أن حذر وزير التجهيز والماء نزار بركة، في يوليو 2022، من النقص الكبير في الموارد المائية، واضعاً العاصمة الاقتصادية للمملكة الدار البيضاء، ضمن المدن الأكثر تأثراً بموجات الجفاف المتتالية.

ومكّن مشروع الربط المائي بين حوضي سبو وأبي رقراق، من تزويد حوالي 12 مليون نسمة بالماء الصالح للشرب في مدن الرباط وتمارة والصخيرات والمحمدية وجزء كبير من مدينة الدار البيضاء.

وأشار الغراري، إلى أن إنجاز مشروع الربط جاء في ظروف "حرجة جداً"، لافتاً إلى أن "تأخير هذا المشروع كان سيوقف تزويد مناطق الرباط والدار البيضاء بالماء، انطلاقاً من سد سيدي محمد بن عبد الله في نوفمبر 2023".

وشهدت مياه السدود تراجعاً كبيراً خلال السنوات الماضية إلى أن بلغت مستويات مقلقة، بحسب الخبير في المناخ محمد بنعبو.

وأضاف بنعبو لـ"الشرق"، أن "نسبة ملئ سد حوض أبي رقراق لم تكن تتعدى 15% خلال يوليو من السنة الماضية، مقابل حوالي 32% هذه السنة بفضل نقل المياه من حوض سبو شمالاً، وهذا ما يضمن التزويد بالماء الصالح للشرب لمحور الرباط الدار البيضاء، وكذلك مياه الري بالنسبة للمناطق الزراعية المجاورة".

تأثير التغيرات المناخية

ويخشى مراقبون من تأثير التغيرات المناخية على المساحات الزراعية وغلة المحاصيل، وتدهور الإنتاج بفعل النقص الحاد في الموارد المائية.

وأشار بنعبو، إلى أن "السلطات المغربية أولت اهتماماً خاصاً بإشكالية الماء"، مذكراً بخطاب الملك محمد السادس في عيد العرش الأخير، الذي ركز على أهمية الربط المائي بين الأحواض و"تحقيق عدالة مائية" من خلال ربط أحواض اللوكوس وأبي رقراق إلى حدود حوض أم الربيع وتانسيفت جنوباً.

وأشار الخبير إلى أن هذا الأمر سيمكن من "استغلال مليار متر مكعب من فائض المياه في شمال البلاد الذي يعرف هطول أمطار، وتحويلها إلى الوسط والجنوب اللذين يعيشان على إيقاع عجز مائي منذ سنوات، وبخاصة مناطق الرحامنة و دكالة عبدة التي تعد مناطق زراعية".

الإجهاد المائي في المغرب

وتطرق الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش، إلى موضوع الإجهاد المائي بالمملكة، حيث دعا لمزيد من "الجهد واليقظة، وإبداع الحلول" من أجل مواجهة العجز المتزايد في المياه، بسبب توالي سنوات الجفاف وتأثيرات التغيرات المناخية.

وشدد ملك المغرب على ضرورة وضع آليات فورية للسياسة الوطنية للماء، وتحديد هدف استراتيجي "في كل الظروف والأحوال"، لضمان وصول الماء لجميع المواطنين، وتوفير 80% على الأقل من احتياجات السقي.

وتتجه الحكومة إلى رفع استثماراتها في قطاع الماء، بحسب ما أعلنته الحكومة المغربية عقب اجتماع لجنة قيادة البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب، ومياه السقي 2020-2027 في 30 من يوليو الماضي.

وأقرت الحكومة مشروعات جديدة للربط المائي بين الأحواض والتي "توجد في طور الإنجاز" بحسب مدير قسم تدبير الماء بوزارة التجهيز والماء في تصريحه لـ"الشرق".

تصنيفات

قصص قد تهمك