أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاماً تحول المغرب من الزراعة إلى الصناعة

time reading iconدقائق القراءة - 7
جمل يستريح على الأرض في منطقة مراكش وهي من أكثر المناطق جفافاً في المغرب. 17 يونيو 2007 - REUTERS
جمل يستريح على الأرض في منطقة مراكش وهي من أكثر المناطق جفافاً في المغرب. 17 يونيو 2007 - REUTERS
الرباط-رويترز

يسعى المغرب إلى تقليل اعتماده على قطاع الزراعة الذي يشهد أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاماً، عن طريق رفع مساهمة قطاعات أخرى، خاصة الصناعة.

ويرى خبراء البيئة أن الجفاف أصبح متواتراً بعد أن كان يحدث مرة كل 5 سنوات، إذ يساهم القطاع الزراعي بنسبة 14% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل به أكثر من 40% من السكان.

وتقدر المساحة المزروعة في المغرب بنحو 8.7 مليون هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر)، ما يشكل 25.12% من المساحة الإجمالية للبلد، إذ تشكل الحبوب وحدها ما نسبته 55%، يليها الحمضيات والزيتون والأشجار المثمرة.

غير أن القطاع يعتمد بشكل كبير على تساقط الأمطار، خاصة زراعة الحبوب، التي لا تغطي احتياجات البلاد لتضطر إلى الاستيراد، إذ يحتاج المغرب إلى نحو 10 ملايين طن من الحبوب سنوياً.

واستورد المغرب، العام الماضي، قرابة 50 مليون طن، بزيادة 23.2% على أساس سنوي، وكلف استيراد القمح اللين، العام الماضي فقط، أكثر من 25 مليار درهم (نحو 2.4 مليار دولار) أي بزيادة 81%، حسب إحصائيات مكتب الصرف المغربي.

وأشار تقرير صدر في الآونة الأخيرة من وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني إلى أن تصنيف المغرب مرهون بضعف مؤشرات التنمية والحوكمة وارتفاع الدين العام، فضلاً عن تقلب الناتج الزراعي.

وأضاف التقرير أن الانتعاش الاقتصادي للمغرب يواجه عوامل غير مواتية، إذ تباطأ النمو الاقتصادي في عام 2022 إلى 1.2% من 7.9% في 2021، وتراجع الإنتاج الزراعي 15% بسبب الجفاف الشديد.

وتوقعت الوكالة تعافي نمو الناتج المحلي في 2023 إلى 3%، مدعوماً بتحسن الإنتاج الزراعي، فيما لا يزال أداء القطاع نفسه يعتمد أساساً على الظروف المناخية.

تضخم مرتفع

وتسبب ضعف الإنتاج المحلي وارتفاع أسعار المواد الأولية المستخدمة في قطاع الزراعة إلى ارتفاع التضخم إلى مستويات لم يسبق لها مثيل في الأشهر القليلة الماضية، إذ بلغ نهاية فبراير الماضي، 10.1%، نتيجة زيادة أسعار المواد الغذائية بأكثر من 20%.

واتخذت الدولة إجراءات لكبح التضخم الذي طال أسعار الخضر والفواكه على الرغم من أن المغرب يحقق فيها اكتفاءً ذاتياً، من بينها إعفاء الأسمدة من الضرائب وإلغاء ضريبة القيمة المضافة على المنتجات الزراعية لخفض النفقات على المزارعين والتقليل من صادرات بعض السلع لضمان توفرها في السوق كالطماطم التي ارتفع سعرها خلال شهر رمضان الماضي.

وأعلن وزير الزراعة محمد صديقي، الأسبوع الماضي، أن الحكومة "ستشرع في تنفيذ برنامج لدعم الفلاحين بقيمة 10 مليارات درهم، يشمل دعم الأعلاف المستوردة المخصصة للمواشي والدواجن، ودعم المواد الزراعية الأولية المستوردة بهدف خفض تكلفة إنتاج مجموعة من الخضر والفواكه".

وأضاف أن الحكومة "ستخصص اعتمادات مالية لاستيراد القمح اللين لضمان توفير احتياجات للسوق حتى ديسمبر المقبل".

وللتقليل من آثار الجفاف، أقر المغرب في وقت سابق برنامجاً للتزود بالمياه لأغراض الشرب والري للفترة بين 2020 و2027 باستثمارات تبلغ نحو 12 مليار دولار، كما يراهن على محطات تحلية مياه البحر، ويسعى لأن يكون لديه 20 محطة بحلول 2030.

مخطط "المغرب الأخضر"

ويرى المحلل الاقتصادي المغربي بدر زاهر الأزرق أن "الرهان على القطاع الزراعي، يعني الارتكاز على قطاع اقتصادي هش نوعاً ما ومرتبط بالسياقات الدولية والاضطرابات المناخية".

ووضع المغرب في 2008 برنامجاً امتد حتى عام 2020 سمي مخطط "المغرب الأخضر" بهدف تطوير الإنتاج وجعل القطاع محركاً أساسياً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد والحفاظ على الموارد الطبيعية.

وقال الوزير الأول (رئيس الحكومة) عزيز أخنوش، الذي كان وزيراً للزراعة في فترة وضع المخطط، مطلع مايو الجاري، أمام البرلمان، إن المخطط "ساهم في الاستغلال الكامل لإمكانية المغرب الزراعية، ومضاعفة الناتج الداخلي الخام ليتجاوز سقف 127 مليار درهم في 2021، ومضاعفة الصادرات 3 مرات، مع تمكنه من خلق ما يزيد عن 50 مليون عمل إضافي بنسبة تشغيل بلغت 75% في الوسط القروي".

وأشار إلى "مخطط الجيل الأخضر"، وهو استكمال للمخطط الأول ويمتد من 2021 إلى 2030، لافتاً إلى أنه يهدف إلى تطوير محاصيل لا تحتاج للكثير من مياه الري كأشجار الخروب واللوز والزيتون والصبار.

واستورد المغرب، في الشهرين الماضيين، نحو 20 ألف رأس ماشية من البرازيل لسد النقص في اللحوم وخفض أسعارها في السوق المحلية، ما دفع المغاربة إلى التساؤل عن أمنهم الغذائي ورآه البعض مهدداً، فيما ربط آخرون الأمر بالأوضاع العالمية والمحلية الصعبة.

 أمن غذائي مهدد

وإثر ارتفاع الصادرات المغربية من الخضر والفاكهة الأساسية إلى أوروبا وإفريقيا، في الشهرين الماضيين، اختفت من على موائد المغاربة بعد زيادة أسعارها في السوق بشكل حاد.

وقال الحسين أضرضور، رئيس الفيدرالية المغربية لمنتجي ومصدري الخضر والفواكه، إن "التصدير بتلك الكمية كان ظرفياً، بسبب سوء الأحوال الجوية في أوروبا والطقس البارد، ما أثر بشكل خاص على إنتاج الطماطم"، مشيراً أن السوق المغربية الآن تتسم بـ "الوفرة في الخضر والفواكه".

وأضاف: "ظهور بعض الأمراض في أهم المناطق الزراعية، وتأثير الجفاف، يرفعان تكلفة الإنتاج، ما ينعكس بصفة عامة على الأسعار".

ويراهن المغرب على تحقيق معدل نمو في حدود 4% خلال 2023، مقابل توقعات عند 3% لصندوق النقد الدولي.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات