تكثف شركات تصنيع الهواتف الذكية في الصين جهودها للحصول على موطئ قدم أقوى في أوروبا وبيع أجهزة من الفئة الراقية ذات هامش ربح أعلى.
وتهدف إحدى العلامات التجارية الأسرع نمواً في العالم إلى زيادة حصتها في السوق في القارة العجوز بأكثر من الضعف خلال السنوات الثلاث المقبلة، حسبما قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وتقول شركة "ريلمي" Realme، ومقرها مدينة شنتشن الصينية، والتي زادت مبيعاتها الأوروبية بنسبة 275% من عام 2020 إلى العام الماضي، وفقاً للمحللين، إنها تستهدف حصة سوقية تزيد عن 10% خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، ارتفاعاً من 4%.
وأصبحت شركة تصنيع الهواتف، وهي حالياً رابع أكبر مورد في القارة، الأسرع على الإطلاق للوصول إلى 100 مليون شحنة هواتف عالمية في عام 2021 وخامس أسرع ما يصل إلى 200 مليون شحنة في العام الماضي، على الرغم من التباطؤ في سوق الهواتف الذكية، وفقاً لبحث أجرته Tech Insights وCounterpoint Research.
زيادة المبيعات
وقال فرانسيس وونج، رئيس تسويق المنتجات في الشركة: "إذا تمكنت ريلمي من تحقيق النجاح في السوق الأوروبية، فسترتفع علامتنا التجارية بشكل كبير وسيساعد ذلك مبيعاتنا عالمياً.. وتتمثل استراتيجيتنا بالكامل في البدء من المستوى المنخفض والعمل على شق طريقنا إلى الأعلى".
ومع ذلك، حذر وونج من أن تكاليف التسويق المرتبطة بالبيع للعملاء الأوروبيين الذين يفضلون الهواتف الذكية الخاصة بشركتي أبل وسامسونج، كانت أعلى بأكثر من 10 مرات منها في الهند، أول سوق رئيسي للشركة عندما أصبحت كياناً مستقلاً في عام 2018.
وأضاف أن المستهلكين الأوروبيين أقل وعياً بالعلامات التجارية الصينية وأقل اهتماماً بالقيمة مقابل المال، ما يعني أن نمو الشركة كان حتى الآن أبطأ في القارة منه في الأسواق الأخرى، حيث تضاعفت مبيعاتها مرتين أو 3 أو 4 مرات في غضون سنوات قليلة.
وتابع وونج: "لقد اعتدنا على هذا النوع من النمو السريع. لذلك بعد مجيئنا إلى أوروبا، وجدنا أن هذا السوق ليس سهلاً كما تخيلنا".
"هيمنة مستمرة"
ولا تزال شركتا أبل وسامسونج تهيمنان على أوروبا، خاصة في مجال المنتجات المتميزة، وفقاً للأرقام الصادرة عن شركة Counterpoint. وهي تمثل 94% من الهواتف التي بيعت بأكثر من 700 دولار في الربع الثاني من هذا العام.
وكان آخر منافس خارجي يطالب بما يقرب من 10% من السوق الأوروبية المتميزة هو شركة هواوي، التي زادت حصتها من المبيعات بسرعة حتى تم طردها تدريجياً بسبب العقوبات الأميركية والحظر في بعض البلدان على استخدام معدات الشركة في شبكات الجيل الخامس منذ عام 2020.
ظهرت شركة ريلمي في البداية كفرع من شركة Oppo، والتي كانت في حد ذاتها علامة تجارية مملوكة لمجموعة BKK للإلكترونيات. كما أنتجت المجموعة، التي يقع مقرها في دونجقوان، صانعي الهواتف Vivo وOneplus.
وتوقف نمو شركة "أوبو" Oppo، رابع أكبر شركة مصنعة في العالم من حيث المبيعات، بسبب معركة قانونية مع نوكيا بشأن حقوق براءات الاختراع في عام 2021، ما أجبرها على الانسحاب لعدة سنوات من أوروبا.
لكن هذا العام، يقول صانعو الهواتف الذكية الصينيون إنهم يبذلون جهوداً متجددة لتعزيز المبيعات الأوروبية، مستغلين فرصة للفوز بحصة سوقية بتقنيات جديدة مثل الأجهزة القابلة للطي والكاميرات المتقدمة وأجهزة الشحن فائقة السرعة.
تغيير قواعد اللعبة
قال توني ران، رئيس شركة Honor في أوروبا ومقرها شنتشن: "بدت أوروبا منفتحة للغاية تجاه كل من الهواتف القابلة للطي والقابلة للقلب. هذا حقاً يغير قواعد اللعبة"، مضيفاً أن القارة كانت السوق الأكثر أهمية للشركة خارج الصين.
وفي الربع الثاني، تفوقت شركة Honor على سامسونج لتصبح البائع الأول للهواتف الذكية القابلة للطي في أوروبا الغربية، بعد أن دخلت المراكز الخمسة الأولى من حيث حصة السوق الأوروبية الإجمالية في الربع السابق.
وذكر ران أن 60% من المشترين الأوروبيين للهواتف القابلة للطي في متجر الشركة عبر الإنترنت، انتقلوا من "الاحتكار الثنائي" لأجهزة سامسونج أو أبل.
ويتم عرض هاتف Magic V3 الرائد القابل للطي من Honor بسعر ممتاز يبلغ حوالي 2000 يورو، مقارنة بسعر 1979 يورو لجهاز iPhone 16 Pro Max بسعة تخزين 1 تيرابايت.
وفي الوقت نفسه، قالت شركة Oppoالشهر الماضي، إنها ستطلق سلسلة Find X8 الرائدة في أوروبا، ما يمثل عائداً رفيع المستوى لعلامتها التجارية المتميزة.
"الخطوة الأصعب"
وقال بيلي تشانج، رئيس التسويق والمبيعات والخدمات الخارجية، إن شركة "أوبو" "مصممة" على الاستثمار في السوق الأوروبية على المدى الطويل. وعلى الرغم من التحديات، أعرب عن أمله في أن يعتاد المستهلكون ببطء على علامة "أوبو" التجارية. وأضاف: "الخطوة الأولى دائماً هي الأصعب".
كما رفعت شركة "تشاومي" Xiaomi، الشركة المصنعة للهواتف الأكثر مبيعاً في القارة منذ فترة طويلة خلف أبل وسامسونج، حصتها في سوق الهواتف المتميزة إلى 4.3% في الربع الثالث من عام 2024، بزيادة من 2.7% في نفس الفترة من العام الماضي.
وفي أوروبا الشرقية، قامت الشركات المنافسة ذات الفئة المنخفضة سابقاً، مثل شركة Transsion، وهي شركة تصنيع صينية تهيمن على إفريقيا، بزيادة مبيعاتها من الفئة المتوسطة بشكل كبير.
فواتير ضخمة
يحذر المحللون من أن شركات التصنيع الصينية كافحت من أجل دفع حصصها في السوق الأوروبية إلى ما يزيد على نحو 4% في السنوات الأخيرة، في حين تكبدت فواتير ضخمة من خلال حملات تسويقية قوية شملت رعاية الأحداث الرياضية الكبرى مثل دوري أبطال أوروبا أو بطولة فرنسا المفتوحة.
وأضافوا أن نمو حصة "ريلمي" في السوق كان مدعوماً بالمبيعات في روسيا، بعد خروج سامسونج وأبل بعد الغزو الشامل لأوكرانيا.
ويقول صانعو الهواتف الذكية في الصين، إن مكانة شركاتهم في سوق متقدمة مثل أوروبا يمكن أن تساعدهم في أسواق راقية أخرى مثل اليابان وأستراليا والولايات المتحدة، ما قد يقنع المشغلين ببيع الهواتف الصينية في تلك المناطق.