بعد الأعطال الأخيرة.. من يتحكم في البنية التحتية للإنترنت؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
احتكار عدد ضئيل من الشركات لتقديم خدمات البنية التحتية للمواقع الإلكترونية يضر بتجربة المستخدمين - Shutterstock
احتكار عدد ضئيل من الشركات لتقديم خدمات البنية التحتية للمواقع الإلكترونية يضر بتجربة المستخدمين - Shutterstock
القاهرة-محمد عادل

شهد العالم الأسبوع الماضي، غياب بعض أشهر المواقع عن شبكة الإنترنت، نتيجة تعطل خوادم بعض الشبكات الكبرى المقدِّمة لخدمات البنية التحتية والمواقع الإلكترونية.

العطل المذكور، تسبب في عدم قدرة المستخدمين على الوصول إلى بعض مواقع بعض وسائل الإعلام العالمية مثل "الغارديان" البريطانية، و"نيويورك تايمز" الأميركية، و"لوموند" الفرنسية، إلى جانب أعطال مختلفة في بعض مواقع الشبكات الاجتماعية.

أما قائمة الشبكات الاجتماعية التي تعطلت، فكان من بينها "سناب شات" و"ريديت"، وكذلك بعض الخدمات الشهيرة مثل خدمة "زووم" لمكالمات الفيديو.

وبتحليل سوق خدمات البنية التحتية الضرورية لوصول خدمات ومواقع الإنترنت إلى المستخدمين، يتبين أن هناك مجموعة محدودة من الشركات تسيطر على هذه السوق الضخمة.

سُحب المعلومات

في عالم الخدمات السحابية، أصبحت المؤسسات والشركات حول العالم تعتمد بشكل رئيس على فكرة تخزين بياناتها لدى شركات متخصصة في قطاع الحوسبة السحابية Cloud Computing، لترفع عن كاهلها فكرة تأمين بيانات مستخدمي خدماتها وتخزينها، والتي يقدر حجمها في بعض الأحيان بملايين التيرابايتس (التيرابايت تساوي 1000 غيغابايت).

ومع تضخم حجم بعض اللاعبين وقدرتهم على تحقيق انتشار أوسع من غيرهم، دخل الاحتكار إلى هذه السوق، وأصبحت شركة "أمازون" وذراعها للتخزين السحابي "AWS" المُهيمّن الرئيس على سوق تقديم الخدمات السحابية للشركات حول العالم، والذي تُقدر قيمته بأكثر من 130 مليار دولار، بحصة سوقية قدرها 32%، بحسب تقرير مؤسسة "Statista" الإحصائية بنهاية الربع الرابع من العام الماضي.

الرسم التوضيحي أعلاه، يظهر أن "أمازون" تستحوذ على المركز الأول، بفارق شاسع عن "مايكروسوفت" وخدمتها "Azure" التي تأتي في المركز الثاني بحصة 20%، وبداية من المركز الثالث لا تصل الحصص السوقية لكل شركة إلى 10%.

توصيل المحتوى

من أهم خدمات البنية التحتية التي لا يمكن الاستغناء عنها، خدمة شبكة توصيل المحتوى Content Delivery Network، أو ما يُسمى اختصاراً CDN، والتي تكون مسؤولة عن عرض المحتوى الذي يحاول زوار المواقع الإلكترونية الوصول إليه.

أي خلل يصيب تلك الخدمة، يؤدي إلى عدم قدرة المستخدمين على الوصول إلى ذلك المحتوى، وفي بعض الأحيان يتطلب إصلاحه ساعة على الأقل.

وعبر تحليل سوق هذه الخدمة الحيوية، يتبين أن شركة "غوغل" وخدمتها Google Hosted Libraries تتربع على عرض خدمات شبكات توصيل المحتوى بحصة سوقية 28.29%، وفي المركزين الثاني والثالث تأتي شركة "كلاود فلير" بنسب 26.23% و13.62% على الترتيب، وفقاً لبيانات موقع "Datanyze".

شركة "فاستلي " (Fastly)، التي تستحوذ على نسبة قدرها 4.75% من سوق توصيل المحتوى، لفتت الأنظار الأسبوع الماضي عندما تعطلت بعض خوادمها، ما تسبب في صعوبة عرض المحتوى الخاص ببعض المواقع الإخبارية والخدمات الإلكترونية الشهيرة لمدة ساعة كاملة، قبل أن تعاود العمل بشكل طبيعي من جديد.

ويبلغ عدد عملاء "فاستلي" حالياً 405,507 عملاء، ومقارنة بحجم عملاء كل من "غوغل" و"كلاود فلير"، فإن تأثير حدوث عطل صغير في خوادم الشركتين العملاقتين، يكون أكثر ضرراً على مستخدمي الإنترنت حول العالم.

أسماء المواقع

لدخول أي موقع، يكون على المستخدم كتابة اسم الموقع المنتهي بـ .com أو .net أو غيرهما من الامتدادات، وهو ما يعرف باسم DNS أو Domain Name System وهي سوق كبيرة، لأن تلك الخدمة لا غنى عنها لأي موقع من مواقع الويب وشرط رئيس للتواجد على الإنترنت، ولتسهيل وصول المستخدمين إليها.

وبحسب بيانات موقع Datanayze، فإن شركات "غو دادي" و"كلاود فلير" و"أمازون" و"غوغل" هي أكبر اللاعبين في سوق أسماء نطاقات مواقع الويب، وتمتلك "غو دادي" حصة سوقية تبلغ 49.96%، فيما تمتلك "كلاود فلير" نسبة 15.52%، تليها "أمازون" بنسبة 4.44%، بينما تستحوذ "غوغل على المركزين الرابع والخامس بنسبة إجمالية 6.9%.

في عام 2016، شهد العالم اختراقاً قد يكون الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، عندما تعرضت خوادم شركة "دين" (Dyn) والتي تأتي في المرتبة الـ17 بحصة سوقية 0.69% وعملاء يبلغون 52.873 عميلاً، لهجوم رفض خدمة ضخم DDoS بمعدل بيانات 1.2 تيرابت في الثانية الواحدة، ما أدى لصعوبة الوصول إلى عدد كبير من مواقع وخدمات الإنترنت الشهيرة.

الخاسر الأكبر

الخدمات السابقة الذكر، تعتبر جزءاً من خدمات البنية التحتية للإنترنت التي تحتكرها فئة قليلة من الشركات التقنية التي لا يتجاوز عددها الـ20 شركة.

هذا الاحتكار، ينعكس على التنافسية وكذلك على تأثير وقوع عطل معين في خوادم بعض مقدمي تلك الخدمات، ما يجعل المستخدم الأخير بمنزلة الخاسر الأكبر.

وعلى الرغم من سيطرة العمالقة مثل "غوغل" و"أمازون" و"كلاود فلير" و"مايكروسوفت" على سوق الخدمات الإلكترونية، إلا أن الغالبية العظمى من مواقع وخدمات الإنترنت تفضل الاعتماد على خدمات تقدمها شركات ذات حصة سوقية ضئيلة مثل "دين" (Dyn) لخدمات أسماء "الدومين" و"فاستلي" لخدمات توصيل المحتوى، ربما بسبب انخفاض أسعارها مقارنة بمقدمي الخدمات ذوي الأسماء اللامعة.