
تسعى شركة "أمازون" إلى إعادة ابتكار أجهزتها الذكية من خلال إدخال فئة جديدة ضمن مجموعة أجهزة "أليكسا" (Alexa)، في خطوة تهدف إلى توسيع الخيارات أمام المستهلكين وإعادة الزخم إلى علامتها التجارية التي تراجعت شعبيتها في السنوات الأخيرة.
يقود هذه الاستراتيجية بانوس باناي، رئيس قسم الأجهزة الجديد في أمازون، الذي يسعى إلى تقديم أجهزة عالية الجودة تتميز بتحسينات جوهرية تشمل الصوت، وعمر البطارية، والأمان، مع توفير تجربة أكثر تطوراً للمستخدمين عند التنقل بين الأجهزة المختلفة.
وأضاف باناي، في مقابلة مع "بلومبرغ": "أريد الكمال في كل منتج نقدمه—من دون استثناء. لن يكون هناك أي تهاون، ولا يهم إن جربنا ذلك من قبل، أو كيف كانت التوقعات في السابق".
قلب المنظومة
في قلب هذه الاستراتيجية الجديدة، يأتي نظام التشغيل المعتمد على المساعد الذكي الجديد "أليكسا+" (Alexa+)، وهو إصدار متطور يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يسمح للأجهزة بمعالجة بياناتها بشكل محلي بفضل رقائق متقدمة لمعالجة الحوسبة الطرفية.
تهدف هذه التحديثات إلى تسريع استجابة المساعد الصوتي وتحسين الخصوصية، وهو نهج مشابه لما تقدمه أبل في أجهزتها الذكية، حيث يتم تقليل الحاجة إلى إرسال البيانات إلى الخوادم السحابية، مما يعزز أمان المعلومات الشخصية للمستخدمين.
وتابع باناي: "نحن نعيد تصور تجربة المستخدم في عالم أجهزة الذكاء الاصطناعي، وهناك منتجات مذهلة قيد التطوير".
تُمثّل هذه الخطوة تحولاً كبيراً في استراتيجية أمازون، التي اعتادت على طرح أجهزة بأسعار معقولة، مثل Echo Dot ومكبرات الصوت الذكية منخفضة التكلفة.
وعلى الرغم من أن أمازون أطلقت بعض المنتجات الراقية مثل Echo Studio وKindle Scribe، إلا أنها لم تعتمد بشكل واسع على الفئة الفاخرة في أجهزتها.
ويُذكر أن باناي كان وراء نجاح سلسلة أجهزة سيرفيس الحاسوبية أثناء عمله في مايكروسوفت، حيث حولها من منتج لم يلقَ نجاحاً كبيراً في البداية إلى مجموعة أجهزة متطورة تضم حواسيب شخصية، وأجهزة لوحية، وأجهزة مكتبية متكاملة.
رهان كبير
تعتبر أمازون أن تطوير أليكسا ليس فقط لتعزيز الأجهزة الذكية، بل أيضاً كوسيلة لجذب المزيد من المشتركين في خدمة برايم، حيث سيتم تقديم Alexa+ كجزء من الاشتراك السنوي في أمازون برايم البالغ 139 دولاراً، والذي يشمل أيضاً مزايا مثل الشحن المجاني والبث الترفيهي.
إلا أن هناك تحديات كبيرة أمام أمازون في سوق المساعدات الذكية، خاصة مع المنافسة أمام ChatGPT ومنصات الذكاء الاصطناعي الأخرى. ومع ذلك، يؤكد باناي أن Alexa+ ستمنح جميع الأجهزة داخل المنظومة دفعة ذكاء اصطناعي، حتى تلك التي تم إطلاقها منذ 5 سنوات.
وعلى عكس النهج السابق، حيث كانت أمازون تُغرق السوق بأجهزة أليكسا مدمجة في كل شيء، من الأفران الذكية إلى الخواتم الذكية، ولكن باناي سيستهدف مع فريقه تقليل عدد المنتجات والتركيز على الأجهزة الأكثر أهمية.
ومضى باناي يقول: "في النهاية، ستفتح Alexa+ الباب أمام مجموعة واسعة من المنتجات والتجارب الجديدة. سنتأكد من أننا نقدم المنتجات التي يحتاجها العملاء فعلاً".
نظارات ذكية وروبوتات
وألمح باناي إلى إمكانية تطوير نظارات ذكية تعمل بالواقع المعزز، إلى جانب أجهزة قابلة للارتداء مثل الساعات الذكية. أما بالنسبة للروبوتات المنزلية، فرغم أن روبوت الشركة Astro لم يحقق مبيعات قوية، إلا أن أمازون لا تزال ترى إمكانية التوسع في هذا المجال إذا وجدت طريقة لجعلها أكثر فائدة للمستخدمين.
وأوضح: "في النهاية، ما يهم هو تقديم قيمة حقيقية للعملاء. وإذا كان بإمكان الروبوت فعل ذلك، فسنتأكد من أننا نصنع روبوتاً مذهلاً".
ويبقى الهاتف الذكي الثغرة الكبرى في منظومة أجهزة أمازون، إذ فشل هاتف Fire Phone في تحقيق النجاح المطلوب منذ طرحه قبل عقد من الزمن.
وعند سؤاله عن إمكانية تطوير هاتف جديد، لم يستبعد باناي الفكرة تماماً، لكنه قال: "سيكون من الحماقة عدم مراقبة كيفية تطور العالم من حولنا. يجب دائماً تقييم الفرص الجديدة".
ومع ذلك، يدرك باناي أن أمازون بحاجة إلى أجهزة ذكية يمكنها العمل خارج نطاق المنزل أو المكتب. فالأجهزة الحالية، مثل نظارة إيكو فريمز، المنافسة لنظارة "راي بان" (Ray Ban) الذكية من "ميتا"، وسماعات "إيكو بودز" (Eco Buds) اللاسلكية، لا تزال أقل شعبية مقارنة بمنافساتها مثل أبل "آيربودز" (Airpods).
وأكد أن هناك تحسينات كبيرة قادمة، حيث سيتم تحديث الأجهزة الحالية بتقنيات متطورة، إلى جانب إدخال عناصر أليكسا بلس إليها.
من المتوقع أن يكشف باناي عن أول الأجهزة التي أشرف على تطويرها داخل أمازون في الخريف المقبل، لكن نظراً لعوامل مثل سلاسل التوريد والجداول الزمنية للتطوير، سيستغرق الأمر وقتاً قبل أن يتمكن من وضع بصمته الكاملة على خط إنتاج أمازون.