
تجري شركة مايكروسوفت مفاوضات متقدمة مع شركة OpenAI بهدف التوصل لاتفاق يضمن استمراريتها في الحصول على أحدث تقنيات الشركة المطورة لتطبيق ChatGPT، حتى في حال نجاح الأخيرة في تطوير نموذج ذكاء اصطناعي عام (AGI) يفوق قدرات البشر، بحسب وكالة "رويترز".
ونقلت وكالة بلومبرغ عن مصدرين وصفتهما بأنهما مطلعين، قولهما إن النقاشات الجارية تشمل تعديل بنود العقد القائم حالياً، والذي يمنح مايكروسوفت حقوقاً واسعة في استخدام تكنولوجيا OpenAI.
غير أن هذا العقد يتضمن شرطاً يفقد مايكروسوفت بعض امتيازاتها تلقائياً عند إعلان OpenAI الوصول إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي العام، ما دفع الشركة إلى التفاوض على إطار قانوني جديد يحفظ هذه الحقوق على المدى البعيد.
تأتي هذه التطورات في ظل مساعٍ متواصلة من OpenAI لإعادة هيكلة نموذجها المؤسسي، والتحول إلى كيان ربحي جزئياً من خلال اعتماد نموذج "شركة منفعة عامة"، وهي خطوة تتطلب موافقة مايكروسوفت بصفتها المستثمر الأكبر في الشركة، إذ تصل قيمة استثماراتها إلى نحو 13 مليار دولار.
وتشير التقارير إلى أن الشركتين تتفاوضان منذ أشهر بشأن تعديل الشروط الاستثمارية، بما يشمل الحصة التي ستحتفظ بها مايكروسوفت في الهيكل الجديد ل OpenAI.
وكانت صحيفة "فاينانشيال تايمز" كشفت في وقت سابق من مايو الماضي، عن مفاوضات شاملة بين الطرفين لإعادة صياغة بنود الشراكة بالكامل.
وتهدف هذه المراجعة إلى تمكين OpenAI من التمهيد لطرح أسهمها في البورصة مستقبلاً، دون أن تفقد مايكروسوفت حق الوصول إلى النماذج الذكية المتقدمة التي تطورها الشركة وفي مقدمتها ChatGPT.
وشملت المفاوضات أيضاً البند الذي يتيح لمايكروسوفت الحصول على نسبة من عائدات ومبيعات منتجات OpenAI حتى نهاية العقد المبرم بين الطرفين والممتد حتى عام 2030.
وبحسب مصادر مطلعة، عرضت مايكروسوفت التنازل عن جزء من حصتها في الشركة الناشئة مقابل تمديد فترة الوصول إلى تقنياتها لما بعد عام 2030، وهو ما يعكس اهتمام الشركة العملاقة بضمان الاستفادة المستمرة من الابتكارات التي تصنعها OpenAI.
تجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين الطرفين اتسمت في الآونة الأخيرة بشيء من الفتور، رغم استمرار مايكروسوفت في دمج تقنيات OpenAI داخل منتجاتها، وتخصيص موارد هائلة من قدرتها الحاسوبية لدعم نماذج الذكاء الاصطناعي التي تطورها الأخيرة.
في المقابل، تسعى OpenAI جاهدة لتقليل اعتمادها على مايكروسوفت، وبدأت بالفعل تجهيز بنية تحتية حوسبية ضخمة من خلال مشروع "ستارجيت"، بالتعاون مع شركاء عالميين من بينهم مجموعة "سوفت بنك" اليابانية وشركة أوراكل الأميركية.
وتهدف هذه الجهود إلى منح OpenAI استقلالية تقنية واقتصادية تسمح لها بتلبية الطلب المتزايد على خدماتها دون الاعتماد الكامل على موارد مايكروسوفت.
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في يونيو الماضي، أن المفاوضات بين الشركتين وصلت إلى درجة من التعقيد دفعت OpenAI إلى التفكير في إقامة دعوى قضائية ضد مايكروسوفت، تتهمها فيها بانتهاك قوانين المنافسة العادلة خلال فترة الشراكة، وتضمنت الخطط أيضاً احتمال تقديم طلب رسمي لمراجعة بنود العقد من قبل الجهات التنظيمية الأميركية.
خطط بديلة
وتبرز في هذا السياق صفقة استحواذ OpenAI على شركة "ويندسيرف" الناشئة، والمتخصصة في أدوات برمجة الذكاء الاصطناعي، بقيمة 3 مليارات دولار، والتي اعترضت عليها مايكروسوفت بسبب حقوق الملكية الفكرية، في ظل سعي الأخيرة لضمان استمرار سيطرتها على تقنيات OpenAI.
وعلى جانب البنية التحتية، وقعت OpenAI اتفاقاً ضخماً مع شركة أوراكل، تُقدّر قيمته بـ 30 مليار دولار سنوياً، لتوفير 4.5 جيجاوات من القدرة الحاسوبية، وهي كمية تعادل ربع الطاقة التشغيلية الحالية لمراكز البيانات في الولايات المتحدة.
ويمثل هذا الاتفاق توسعاً كبيراً في مشروع "ستارجيت" الذي أطلقته الشركة مع شركائها، مطلع العام الجاري، ويشمل بناء مراكز بيانات ضخمة في ولايات أميركية متعددة، من بينها تكساس وميشيجان وجورجيا ونيو مكسيكو.
ويُموّل المشروع من خلال تحالف يضم أيضاً شركة MGX التابعة لصندوق أبو ظبي السيادي، وجمعت OpenAI بالفعل ما يقارب 50 مليار دولار من رأس المال لهذا المشروع الطموح.
وتعزيزاً لهذا التوجه، أعلنت OpenAI في يوليو الجاري، إدراج منصة جوجل السحابية ضمن قائمة مزوديها لخدمات الحوسبة السحابية، لتنضم إلى أوراكل ومايكروسوفت وCoreWeave.
ويمتد استخدام بنية جوجل السحابية إلى تشغيل منصة ChatGPT وواجهة التطبيقات البرمجية الخاصة بها (API) في عدة دول، من بينها الولايات المتحدة، وبريطانيا، واليابان، وهولندا، والنرويج.
وتمثل هذه الخطوة انتصاراً لوحدة جوجل السحابية التي تنافس شركتي أمازون ومايكروسوفت، وتأتي في إطار تحركات OpenAI لتنويع مصادرها التقنية.
يُشار إلى أن مايكروسوفت، رغم احتفاظها بحق الشفعة الذي يمنحها أولوية التعاقد في حال رغبة OpenAI بالحصول على موارد حوسبية إضافية، لم تعد المزود الحصري للشركة، بعدما سمحت الأخيرة لنفسها بالتعاقد مع جهات أخرى وفقاً لاحتياجاتها التشغيلية.
من جهته، لا يزال الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، يُصرّ على أن هدفه النهائي يتمثل في تطوير ذكاء اصطناعي عام قادر على تجاوز القدرات البشرية، وصرح مراراً بأن الشركة تواجه تحديات ضخمة في توفير الموارد اللازمة لهذا التوجه.
وكان ألتمان طلب، في أبريل الماضي، عبر منصة "إكس"، المساعدة في الحصول على وحدات معالجة رسوميات (GPU) بأعداد ضخمة تفوق 100 ألف وحدة، ما يعكس حجم الضغوط التشغيلية التي تواجهها الشركة في ظل النمو المتسارع لطلب المستهلكين.