أصبحنا على بُعد خطوات قليلة من دخول العالم الرقمي الجديد "الميتافيرس"، ما يمنح حياتنا طابعاً إلكترونياً أكثر من أي وقت مضى، حيث سنتمكن في هذه الحياة الرقمية الجديدة من إتمام الروتين اليومي بالكامل سواء دراسة أو صحة أو وقت تسلية.
ومع هذا التغيّر الضخم، سيصبح تأثر سوق الوظائف التقليدية لصالح مهارات مختلفة يحتاجها العالم الجديد أمراً لا مفر منه، لذا نستعرض في هذا التقرير، أهم مجالات العمل والفرص التي يمكن اقتناصها مبكراً في العالم الافتراضي الجديد الذي ما زالت ملامحه قيد التشكيل.
الوافدون الأوائل
كأي مجال جديد، من يصل أولاً ويتقن مهارات جديدة يمكنه أن يربح كثيراً من خلال تعليم الأجيال التالية له، وسيكون ذلك واحداً من أهم المجالات التي ستخلق دخلاً ضخماً للرواد الأوائل لعالم الميتافيرس.
الأمر سيكون أشبه بحال الإنترنت عام 2010 مع بدء العصر الحقيقي لشبكات التواصل الاجتماعي، وانتباه مستخدمي الإنترنت إلى مواقع "السوشيال ميديا" وأهمية تجربتها والتفاعل معها للتواصل مع العالم من حولهم.
ومنذ هذا التوقيت، أصبح رواد الشبكات الاجتماعية الأوائل، هم القبلة التي يتجه إليها المستخدمون الجدد ليحصلوا منهم على خلاصة خبرتهم مع تلك الأدوات الجديدة آنذاك، ومعرفة كيفية الاستفادة منها بالشكل الأمثل.
لذا سيكون على الوافدين الأوائل إلى العالم الافتراضي تقديم محتوى جديد وتفاعلي على الشبكات الاجتماعية التقليدية "فيسبوك" و"سناب شات" و"إنستجرام" و"يوتيوب" وغيرها، يتناول موضوعات مثل عوالم وخدمات الميتافيرس المتاحة، وكيفية الدخول إليها واستخدامها.
أما داخل الميتافيرس نفسه، فسيتعين عليهم إنتاج محتوى مميز، وتنفيذ جولات افتراضية تعريفية يصطحبون فيها المستخدمين الجدد داخل العالم الافتراضي، ليكونوا أشبه بمرشدين سياحيين يتجولون بفوج سياحي.
الموضة الرقمية
تعتبر العلامات التجارية العالمية في مجال الموضة من أوائل شركات قطاع الأعمال التي بدأت تجارب أولية منذ عامين على الأقل، وذلك من خلال طرح تجارب افتراضية للمستخدمين، تسمح لهم بإمكانية الحصول على تجربة متكاملة من أي مكان في العالم دون الحاجة إلى زيارة أي متاجر على أرض الواقع.
وكانت شركة "لوريال" الفرنسية قدمت منذ 7 سنوات تطبيق يسمح للسيدات تجربة منتجاتها التجميلية المختلفة للعناية بالبشرة عبر هواتفهن مباشرة من خلال الكاميرا السيلفي، عبر مؤثرات بصرية يتم إضافتها على وجه المستخدمات افتراضياً، وهي ميزة أشبه بما سيتم تقديمه في عالم الميتافيرس الافتراضي.
الأمر لن يقف بالتأكيد عند منتجات العناية وتجميل البشرة، فقد دخلت بالفعل شركات وعلامات تجارية عالمية مثل "جوتشي" و"أديداس" و"نايك" إلى العالم الافتراضي، بتقديم إصدارات افتراضية من منتجاتهم ومتاجر رقمية يستعرضون من خلالها تلك المنتجات.
وتتيح هذه الشركات للمستخدمين تزويد شخصياتهم الافتراضية Avatars بكل ما يحلمون به، وما قد يكونون غير قادرين على ارتدائه لارتفاع ثمنه في الحقيقة، إذ إن النسخة الافتراضية ستكون أرخص بالتأكيد.
وذهب عملاق الأزياء الرياضية Adidas إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث قام بعرض مقطع مصور لبعض الشخصيات الافتراضية التي ترتدي بعض الأزياء والأحذية من تصميمه للبيع على موقع المزادات OpenSea لبيع قطع NFT المشفرة.
كذلك تطور الأمر إلى دخول لاعبين جدد إلى سوق الموضة الرقمية، مثل Dress X وThe Fabricant، لا يستهدفون إنتاج أزياء تقليدية حقيقية مادية، ولكنهم يصممون وينتجون أزياء رقمية فقط، مع استعراضها على عارضات أزياء من البشر باستخدام تكنولوجيا الواقع المعزز AR.
التجارة الإلكترونية
تمكنت شركة "ميتا"، فيسبوك سابقاً، من تقديم الصورة الأوضح لفكرة التجارة الإلكترونية خلال إعلان الشركة لتحولها الكامل نحو الميتافيرس، أكتوبر الماضي، وذلك حينما جلس مدير منتجات "ميتا" للميتافيرس فيشال شاه، في بيئة افتراضية مع مؤسسة علامة "FORVR Mood" لمنتجات الرفاهية والتجميل جاكي آينا.
وعرض حينها "شاه" فكرة ثورية خاصة بكيفية تسوق المستخدمين داخل الميتافيرس، من خلال واجهة رقمية تعرض إحدى منتجات "جاكي" وأسفل المنتج اختياران، أحدهما الشراء داخل الميتافيرس فقط من أجل "الأفاتار"، أو الشراء على أرض الواقع.
الأمر لا يتوقف على الشراء فقط داخل العوالم الافتراضية، فقد أتاحت سلسلة المتاجر الشهيرة Forever 21 تجربة فريدة داخل عالم "روبلوكس" الافتراضي تحمل اسم Forever 21 Shop City، وسمحت للمستخدمين بتصميم متاجرهم الخاصة لبيع الأزياء.
ويمكن للمستخدم بخلاف تصميم تجربة التسوق من طريقة عرض الأزياء والألوان والأجواء داخله، امتلاك المتجر وإدارته أيضاً، بحيث يشرف بشكل كامل على عمل المتجر والتفاعل مع الجمهور.
سوق المؤثرين
وكما يشكل الميتافيرس فرصة مثالية لجميع الشركات وقطاع الأعمال، فإن سوق المؤثرين Influencing Marketing لديه فرصة ذهبية للنمو، من خلال تطوير مهاراتهم لاستخدام أدوات تصميم المنتجات الافتراضية وربطها بأنظمة سلاسل الكتل Blockchain.
ومن المتوقع أن تتطور طريقة ظهورهم من مجرد صور ثابتة ومجسمات ثلاثية الأبعاد، إلى هيئة بشرية، وذلك في ظل تطور تقنيات عديدة أهمها ما تقدمه شركة Epic التي تطور شخصيات افتراضية بهيئة بشرية لدرجة مثيرة للدهشة، وتطلق عليهم اسم MetaHuman.
العقارات.. "حصان أسود"
ورغم كل ما سبق، تعتبر سوق العقارات والمقاولات هي الحصان الأسود داخل عالم الميتافيرس في عام 2021، حيث شهد ازدهاراً كبيراً تمثل في تسليط الضوء على شركات متخصصة في مجال بيع وتداول العقارات والأراضي الافتراضية، مثل شركة Republic Realm والتي تمكنت هذا العام من إجراء صفقات بيع وشراء داخل عوالم ميتافيرس مختلفة مثل Decentraland وSandBox وAxie Infinity بملايين الدولارات.
ومع الإقبال المتزايد على شراء الأراضي الافتراضية، ظهرت فرص جديدة لتخصصات عمل مختلفة مثل شركات للمقاولات الافتراضية متخصصة في تشييد المحال والأسواق التجارية الضخمة لصالح الشركات المالكة للأراضي الافتراضية.
ومن أهم الشركات العاملة في مجال المقاولات الافتراضية شركتا Meta Construction Company و MetaMaker، والتي تقدم خدمات التشييد والبناء لعملائها داخل عالم ميتافيرس Sandbox.