شهد سوق السيارات الكهربائية تطوراً كبيراً ومنافسة شرسة خلال 2021، بين أرقام تيسلا القياسية وحوادث سياراتها المستمرة، ونجاح مرسيدس في قنص رخصة أول نظام قيادة ذكي من المستوى الثالث للذكاء الاصطناعي، وتقارير تتعلق بدخول أبل وشاومي وهواوي إلى السوق، في حين تندلع ثورة كبرى بالسوق الصيني في هذا المجال.
في العام الجديد 2022، ربما يتحول سوق السيارات الذكية إلى حرب طاحنة بين الشركات التي تتصارع على المنافسة في هذا "السوق الناشئ"، وسط صعوبات قد تؤثر على مستويات نموه.
أزمة الشرائح
يتوقع الخبراء أن تستمر أزمة الشرائح الإلكترونية في تهديد سوق السيارات الكهربائية بشكل كبير خلال العام المقبل، إذ ترى شركة رولاند بيرجر، المتخصصة في الاستشارات السوقية وقطاع الأعمال، أن الشركات العاملة في قطاع السيارات الذكية عليها الحذر عن تصميم سياراتها الجديدة، بحيث يتم إعادة تصميمها لتحتاج إلى عدد أقل من المكونات الإلكترونية، ما يخفف من وطأة تأثير الأزمة عليها.
وعوّلت شركة الاستشارات الألمانية، بحسب وكالة "بلومبرغ"، على ضرورة اعتماد صناع السيارات الذكية على فكرة الشرائح المركزية، والتي تجعل شريحة واحدة قادرة على معالجة كم ضخم من البيانات لإنجاز العديد من المهام، بدلاً من الاستعانة بأكثر من شريحة، لأن ذلك سيقلل من المكونات الإلكترونية التي تحتاج إليها السيارات الجديدة لتشغيلها.
ويتفاءل أليكسندر ماريان، المدير التنفيذي بشركة AlixPartners للخدمات الاستشارية، بأن تنتهي الأزمة بحلول النصف الثاني من 2022، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تبدأ المزيد من أزمات نقص مكونات أخرى في الظهور، مثل المعادن والمطاط، نتيجة أزمات نقص العمالة في بعض الأسواق.
الحلبة الأوروبية
يتوقع أن تشتعل المنافسة خلال العام المقبل داخل سوق السيارات الذكية، مع الأداء القوي من الشركات الأوروبية وفي مقدمتها الألمانية "فولكس فاجن"، التي تقدم عوامل بيعية تنافسية قوية، مثل عائلة من السيارات الكهربائية متنوعة الاختيارات، بالإضافة إلى أسعار تنافسية أقل من المنافسين، تبدأ من 40 ألف دولار، مع إصدار سيارتها ID. 3 وكذلك الجيل الجديد منها ID. 4، والتي منذ إطلاقها في سبتمبر 2020، نجحت في تحقيق مبيعات قياسية.
ولكن في الوقت نفسه تحاول تيسلا أن تعزز صدارتها العالمية لسوق السيارات الكهربائية، عبر ضرب جذور عميقة وقوية في السوق الأوروبي، ويتضح ذلك من خلال مصنعها العملاق GigaFactory الذي أطلقته في العاصمة الألمانية برلين، استعداداً لبدء الإنتاج قريباً.
ويعكس حرص الشركة الأميركية على المضي قدماً في المنافسة داخل القارة العجوز، تخليها عن احتمالية استقبالها دعماً مستحقاً من السلطات الأوروبية، يبلغ 40% من تكلفة الاستثمارات التي تسعى تيسلا لدفعها في تأسيس مصنعين، أحدهما للسيارات والآخر للبطاريات.
كان يعني ذلك حصولها على 1.24 مليار دولار، ولكنها رفضت انتظار قرار المسؤولين الأوروبيين لتوفير الوقت المستغرق للحصول على تصريح بدء تشغيل مصنعيها الجديدين، بحسب "رويترز".
الصين قادمة
داخل سوق التنين الصيني، من المتوقع أن يكون عام 2022 بداية لصحوة كبرى لسوق السيارات الذكية، إذ إن التوقعات تشير إلى احتمالية وصول إجمالي المبيعات إلى 3 ملايين سيارة بنهاية 2021، وهو ضعف مبيعات السوق بنهاية العام الماضي، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 20 مليون سيارة بحلول 2030، بحسب وكالة "بلومبرغ".
وبحلول العام الجديد، ستستمتع الشركات الأجنبية بحرية أكثر في عملها داخل السوق الصيني، إذ إن الحكومة الصينية ستسقط شرط ضرورة إبرام عقد تعاون مع شركة محلية صينية للحصول على رخصة العمل داخل الصين، والذي عملت به الإمبراطورية الصينية لأكثر من 30 عاماً.
وقد بدأت الشركات العالمية الاستعداد لتطبيق القرار الجديد، إذ تستهدف تويوتا الدفع بمبيعاتها في الصين بنسبة 50% بحلول 2025، مع تقديم 30 إصداراً من سياراتها الكهربائية، إلى جانب استعداد فولكس لطرح ID. 3 في الصين، بينما وعدت هوندا بأن تكون كافة سياراتها المتاحة في الصين من السيارات الكهربائية بحلول 2030.
وإلى جانب اللاعبين الدوليين، فإن حجم السوق الضخم والإقبال الكبير من جانب المستخدمين، جعل السوق الصيني يشهد منافسة قوية من جانب شركات صينية رائدة مثل BYD وSAIC وChangan، بالإضافة إلى شركات ناشئة مثل Nio.
كما دخل السوق الصيني وافدون جدد مثل هواوي، التي أعلنت خلال ديسمبر الجاري عن أول سيارة كهربائية تعمل بنظام تشغيلها الخاص HarmonyOS، وستحمل اسم Aito M5، وهي من إنتاج شركة Seres، وسيصبح من الممكن استخدام ساعات هواوي الذكية كمفتاح للسيارة، التي ستبدأ في الوصول إلى الأسواق بحلول 20 فبراير 2022.
تيسلا والوافديون الجدد
وتشير التوقعات إلى أن عام 2022 لن يكون فقط عاما للكبار في سوق السيارات، وإنما سيكون حافلاً أيضا بالنسبة لتيسلا، ومؤسسها الملياردير إيلون ماسك، وكذلك الوافدون الجدد وعلى رأسهم شركات Lucid وRivian.
من المنتظر بدء تشغيل وإنتاج السيارات الكهربائية بمصنعيّ تيسلا الجديدين "جيجافاكتوري" في برلين وتكساس، إلى جانب توقعات بتوسعات كبرى في المصنع الخاص بالشركة في شنجهاي الصينية، والتي من المتوقع أن يبلغ معدل إنتاجها السنوي في 2022 نحو مليون سيارة.
كذلك، من المنتظر أن تطرح الشركة سيارتها المنتظرة CyberTruck في الأسواق في النصف الثاني من 2022، وذلك بعد تأخر عامين منذ الكشف عنها لأول مرة في 2019، بالإضافة إلى أنه من المتوقع قيام تيسلا بتقديم إصدار جديد من سياراتها السيدان المميزة، وستكون بتصميم مدمج أنيق وبسعر منخفض، وقد تحمل اسم Model 2.
ومن المنتظر أن يتم توسيع تطبيق البرنامج التجريبي، لإتاحة الشحن داخل محطات تيسلا لمختلف السيارات الكهربائية، إذ بدأت الشركة هذه المبادرة في 10 مواقع بهولندا، مع خطط لتوسيع التجربة على مستوى العالم، ما سيشجع المستخدمين على التحول للسيارات الكهربائية، دون القلق من عدم توفر محطات شحن كافية من جانب شركته.
ومع نمو هذا الاتجاه، ستفتح تيسلا باباً جديداً لأرباحها، من خلال تكلفة الشحن التي ستحصدها من أصحاب السيارات الكهربائية المعتمدين على محطاتها لشحن سياراتهم.
أما على مستوى الشركات الصاعدة، فنجحت شركة "لوسيد" هذا العام في تحقيق أرقام قياسية، وتمكنت من رفع عدد حجوزات سياراتها إلى 17 ألف سيارة خلال الربع الرابع من العام الجاري، مقارنة بـ 13 ألف في الربع الثالث، وكان قد وصلت قيمة الحجوزات بنهاية سبتمبر إلى 1.3 مليار دولار، بالإضافة إلى حصد سيارتها السيدان Air على لقب سيارة العام في تقييم مجلة MotoTrend الشهيرة في عالم السيارات.
أكدت الشركة الناشئة أنها على الطريق نحو إنتاج 20 ألف سيارة من سياراتها المتنوعة بحلول 2022، سعيا نحو تحقيق عوائد بقيمة 2.2 مليار دولار.
كما تنطلق شركة "ريفيان" الواعدة في سوق السيارات الكهربائية بأقصى سرعة نحو تحقيق أهدافها في 2022، بإضافة عضو جديد لعائلة مركباتها، وهو مركبة توصيل البضائع EDV500، والتي من المتوقع أن تكون أكثر نحافة وأقل طولا من سابقتها الكبرى EDV700، لتنضم بذلك إلى جانب شاحنتها القوية R1T وكذلك سيارتها العائلية R1S.
وتسعى "ريفيان" كذلك إلى توسيع شبكة محطات شحن سياراتها داخل المتنزهات على مستوى الولايات الأميركية، لتحفيز وجذب محبي الحفاظ على البيئة والداعمين للطاقة النظيفة، وقد أبرمت بالفعل عقدين مع ولايتي تينيسي وكولورادو.
وعلى متن خطط الشركة أيضا افتتاح مصنع جديد لها في مدينة أتلانتا الأميركية، والذي من المتوقع أن تصل قوته الإنتاجية إلى 400 ألف سنويا.