من اختبارات الصور إلى "أنا لست روبوتاً".. ما قصة الـ"CAPTCHA"؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
اختبار "كابتشا" - Mozilla
اختبار "كابتشا" - Mozilla
القاهرة-محمد عادل

اعتاد مستخدمو الإنترنت لسنوات، مواجهة اختبارات المتصفح "جوجل" للتمييز بين زيارات الكمبيوتر الذكي والإنسان، وذلك يندرج تحت اسم اختبارات "reCAPTCHA".

تضمنت تلك الاختبارات أشكالاً مختلفة للتأكد من الهوية البشرية للمستخدم، من خلال إعادة كتابة نصوص من حروف وأرقام مكتوبة بطريقة معقدة، أو التعرف على صور معروضة بشكل مموه وغير واضح، ولكن كل ذلك بدء في الاختفاء تدريجياً منذ 2018، إلى أن أصبح وجودها شبه منعدم. 

أصل "الكابتشا"

يظن البعض أن فكرة اختبارات "CAPTCHA" من ابتكار جوجل، ولكنها من تطوير فريق من الباحثين بجامعة كورنيجي ميلون، بقيادة الباحث لويس فون أهن، وكان الهدف منها "فلترة" الزيارات الواردة إلى مواقع الويب، والتأكد من أنها ليست وهمية.

وكلمة "CAPTCHA" هي اختصار لعبارة "Completely Automated Public Turing test to tell Computers and Humans Apart"، وتعني اختبار "تورينج" أوتوماتيكي عام يهدف إلى التفرقة بين البشر والأنظمة الحاسوبية الآلية، بحسب تعريف "Google Support".

واعتمد لويس وفريقه في بدايات القرن الـ20، في تصميم اختبارات "الكابتشا" على استخدام عبارات مكونة من حروف وأرقام مكتوبة بطريقة غير مرتبة، بحيث يصعب على الأنظمة الروبوتية تخمينها، ولكن في الوقت ذاته، يمكن للبشر إدراكها، ومن ثم يتم التأكد من هويتهم وتمريرهم إلى المحتوى المرغوب في زيارته على مواقع الإنترنت.

التحايل على النظام

ولكن بين 2008 و2010، بدأت شركات متخصصة في حل اختبارات "الكابتشا"، التي تضم أعداداً ضخمة من الموظفين البشريين، والذين يتركز عملهم في حل تلك الاختبارات، خصوصاً في الهند والفلبين وسريلانكا، بمقابل مالي يصل إلى دولارين مقابل حل 1000 اختبار.

وفي الوقت الذي حاولت تلك الشركات التحايل على النظام لكسر اختبارات "الكابتشا" وتخطيها، بدأ مطورها في التفكير في أنه لا بد من استغلال الوقت والمجهود الذي يقضيه المستخدمون في حل تلك الاختبارات وإنجاز عمل مفيد، مع الاستمرار في الحفاظ على الهدف من تلك الاختبارات وهو التفرقة بين البشر والروبوتات.

رقمنة المطبوعات

وعمل فون أهن وفريقه على إعادة تقديم "الكابتشا" بمنظور جديد، وهو ما عُرف بـ reCAPTCHA، حيث بُدلت من عرض نصوص رقمية مكتوبة بطريقة غير واضحة، إلى المسح الضوئي للإصدارات القديمة المطبوعة من الدوريات والصحف القديمة، واستخراج النصوص المعروضة بشكل مبهم، ومن ثم عرضها أمام المستخدمين، بحيث يسهل ذلك عملية تحويلها إلى نسخ رقمية.

 وبدأ تطبيق الفكرة على مستوى أعداد من أرشيف "نيويورك تايمز" الأميركية، وأثبتت نجاحها عملياً، إذ أصبح الأمر أكثر صعوبة على الروبوتات لتخمين حل الاختبارات الجديدة المعتمدة على الكلمات المطبوعة على قصاصات ورقية تالفة، ولكن البشر ما زال لديهم القدرة على فهمها وإعادة كتابة محتواها.

عصر جوجل

كانت شركة جوجل عام 2009، تعمل على تطوير تقنيتها الخاصة من اختبارات "الكابتشا"، بحسب نيويورك تايمز، إلا أنه من الواضح أنها توصلت إلى أن الاستحواذ على تقنية "ري كاباتشا"، حل أكثر عملية من محاولة تطوير تقنيتها الخاصة.

واستمرت جوجل في استخدام الشكل الأخير للاختبارات والاستفادة منها في تطوير أنظمتها لتحويل النصوص المطبوعة إلى شكل رقمي، وتلك الأنظمة تُعرف بأنظمة OCR أو Optical Character Recognition وتعني التعرف البصري على الرموز، لدعم خدماتها للكتب Google Books وكذلك أرشيفها للأخبار Google News Archive، إضافة إلى تقديم حماية الخدمات والمواقع الإلكترونية من الروبوتات وهجمات المحتوى المزعج Spam.

في ديسمبر 2014، أعلنت جوجل عن جيل جديد من "الكابتشا" وهو No CAPTCHA reCAPTCHA، الذي يعتمد على تبسيط الاختبارات بشكل كبير، حيث يتمثل الأمر في مستطيل يحمل عبارة "I'm not a robot".

وتعتمد هذه الآلية عندما يضغط المستخدم على المربع الأبيض المجاور "أنا لست روبوتاً"، سيكون في خلفية الصفحة المعروضة "كود برمجي" يتأكد من طريقة تفاعل المستخدم مع الصفحة، بحيث يتم التأكد من أنه بشري، وعند ذلك يتم تمريره إلى الصفحة التي يرغب في زيارتها دون المزيد من الاختبارات.

ولكن في حالة تشكك النظام الجديد في مدى بشرية الشخص، سيتم عرض اختبار يتمثل في مجموعة من الصور المصممة بواسطة الرؤية الحاسوبية Computer Vision، والتي يسهل على البشر فهمها، بينما يصعب ذلك على الأنظمة الروبوتية.

الجيل الثالث

بحلول 2018، طورت جوجل الجيل الثالث reCAPTCHA v.3، الذي لا يعتمد على أي تفاعل من المستخدم، حتى مربع "أنا لست روبوتاً" اختفى، وأصبحت عملية التحقق من بشرية الزوار تتم بالكامل في الخلفية، دون أن يشعر المستخدم بحدوثها من الأساس.

ومع الجيل الجديد، تعرّف مطورو مواقع الويب على الممارسات التي تحاول الأنظمة الروبوتية القيام بها، وبالتالي يساعد ذلك على تأمين مواقع الويب بشكل أفضل.

ووسعت جوجل تطبيق الجيل الجديد في عام 2020، عبر إطلاق خدمة reCAPTCHA Enterprise، التي تساعد مطوري تطبيقات الموبايل ومواقع الويب على تطبيق نظامها لتعقب ورصد الأنظمة الروبوتية بشكل دقيق لمنعها من التسلل للخدمات الإلكترونية وإفساد تجربة المستخدمين.

لذلك إذا واجهك اختبار لـ"كابتشا" بأي شكل، فاعلم أن أنظمة "الكابتشا" تراك روبوتاً.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات