يترقب متابعو مستجدات القطاع التكنولوجي ما ستعلنه شركة أبل في مؤتمرها السنوي للمطورين الذي ينطلق، الاثنين المقبل، لإظهار كيفية دمجها الذكاء الاصطناعي في منتجاتها، ولمحاولة تعويض تأخيرها عن منافسيها الرئيسيين المتقدّمين بشكل أكبر في هذا المجال.
منذ إطلاق ChatGPT، برنامج الذكاء الاصطناعي التوليدي المُبتكَر من شركة OpenAI، في نوفمبر 2022، عملت مايكروسوفت، وجوجل، وأمازون، وميتا، لإدراج هذه التقنية في خدماتها.
أما شركة أبل التي تعتمد أصلاً في أجهزتها "أيفون"، و"آي باد"، و"ماك"، الذكاء الاصطناعي منذ سنوات، فلم تصدر أي إعلان مرتبط بهذه التقنية حتى اليوم، مؤجّلةً بالتالي أي ابتكارات جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وخلال عرض أحدث نتائج الشركة في مطلع مايو، تحدّث المدير العام تيم كوك عن إعلانات مرتقبة خلال الأسابيع المقبلة، من دون التطرق إلى تفاصيل إضافية.
وضيّق المستثمرون المولعون بالذكاء الاصطناعي التوليدي منذ 18 شهراً، الخناق على أسهم أبل التي ارتفعت بنسبة 1% فقط منذ بداية العام، مقارنة بارتفاع أسهم مايكروسوفت، 11%، وأسهم أمازون، 18%، وأسهم "ألفابت" (الشركة الأم لجوجل) 24%.
ويقول المحلل في شركة "ويدبوش سيكيوريتيز" دان آيفز، إنّ مؤتمر المطورين السنوي الذي سينعقد من الاثنين إلى الجمعة "يمثل الحدث الأهم لأبل منذ عقد، إذ يحمل في خلفيته ضغوطاً لتقديم حزمة من ابتكارات الذكاء الاصطناعي التوليدي للمطورين والمستهلكين".
ويتوقع كثيرون أن تكشف أبل عن نسخة جديدة هي الثامنة عشرة من نظام تشغيل هواتفها "IOS"، مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وذكرت وسائل إعلام أميركية أنّ أبل أقامت شراكة مع OpenAI، ستتيح لها استخدام النماذج اللغوية الخاصة بمُبتكرة ChatGPT، والتي تمثل قواعد بيانات عملاقة توفر إجابات على أسئلة تُطرح باللغة الشائعة.
لحظة حاسمة لأبل
تشير كارولينا ميلانيسي من شركة "كرييتف ستراتيجيز" إلى أن هذه التحسينات والميزات الجديدة يُفترض أن تساعد في تعزيز رغبة الزبائن بمنتجات أبل، وخصوصاً أجهزة "أيفون".
وتؤكد أن "هدف أبل يتمثل في دفع الأشخاص إلى استبدال هواتف أيفون الخاصة بهم"، مضيفةً "سنرى ما إذا كانت الشركة ستمنحهم الأسباب المقنعة للقيام بذلك".
ويلفت المحلل في "إي ماركتر" جادخو سيفيّا إلى أن "اللحظة حاسمة لأبل"، معتبراً أن التواصل في المؤتمر السنوي للمطورين هو "اختبار مهم" لقدرة المجموعة على تحقيق دخل من الذكاء الاصطناعي التوليدي كما فعلت "جوجل" و"مايكروسوفت".
ويحذر من أن "أي خطأ قد ترتكبه أبل في هذه المرحلة قد يُخسرها مكانتها كشركة رائدة في مجال التكنولوجيا، أمام شركتين عملاقتين في الذكاء الاصطناعي سبق أن ابتكرتا منتجات (متوفرة)، وكشفتا عن مهل زمنية لإصدار ابتكارات تمتد على السنوات القليلة المقبلة".
ويأتي التحدي الجديد في وقت تحاول "أبل" إعادة صورتها الأسطورية كشركة معتادة على إطلاق منتجات، وخدمات قادرة على تغيير عادات الاستهلاك، من أجهزة "ماك" إلى هواتف "أيفون" مروراً بمنتجات "آي بود".
وسبق أن حققت أبل أول تحوّل كبير في فبراير من خلال طرح خوذة "فيجن برو" للواقع "المختلط" (الافتراضي والمعزز)، وتشكل هذه الخوذة منتجاً متطوراً (سعره 3499 دولاراً) يستهدف نسبة محدودة من جمهور أبل التقليدي.
وبالإضافة إلى التقدّم الذي حققه منافسوها، أصبح هذا السعي لتحقيق نجاحات جديدة، طارئاً لـ"أبل" بسبب انخفاض مبيعات "أيفون" بنسبة 10% على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2024.
ومن خلال الذكاء الاصطناعي التوليدي، تستثمر أبل في نشاط خدماتها الذي أصبح شريان الحياة لنموّها، وتشير شركة "كاناليس" إلى أنّ 16% من الهواتف الذكية التي ستُطرح هذا العام ستكون مجهزة بميزات ذكاء اصطناعي توليدي، وهي نسبة يُتوقَّع أن ترتفع إلى 54% سنة 2028.
ويشير بعض المحللين إلى مسألة استخدام البيانات الشخصية الضرورية لتوليد الذكاء الاصطناعي، والتي لطالما أظهرت أبل أنها تحميها، لدرجة جعلها أحد أسباب شعبيتها.