كارثة تواجه صناع المحتوى في الشرق الأوسط.. محتالون يستغلون أدوات ميتا

time reading iconدقائق القراءة - 7
شعارا فيسبوك وإنستجرام - AFP
شعارا فيسبوك وإنستجرام - AFP
القاهرة-الشرق

كشف تقرير جديد عن تصاعد وتيرة هجمات من نوع جديد يشنها محتالون على المؤثرين وصناع المحتوى في منطقة الشرق الأوسط، وذلك اعتماداً على أدوات الإبلاغ عن المحتوى المخالف لدى ميتا، حيث يستهدف المحتالون محتوى المؤثرين لمساومتهم على مبالغ مالية تُقدر بآلاف الدولارات.

بحسب بلومبرغ، استقبل المؤثر العراقي عيسى أحمد عدنان، الذي يحظى بمتابعة أكثر من نصف مليون على إنستجرام بفضل فيديوهاته عن القضايا البيئية، رسالة غريبة من المنصة الاجتماعية، في مايو 2023، بشأن إزالة منشور مدفوع لمطعم محلي، بدعوى وصول بلاغ إلى انستجرام بأن المنشور ينتهك حقوق الملكية.

وصُدم عيسى بإزالة منشوره، لأنه يتوخى كل الحذر في نشر المحتوى، ويحرص على ألا يتضمن أي محتوى مخالف للمعايير، مثل وضع مقاطع موسيقية محمية بحقوق ملكية، خاصة أن الفيديو المحذوف كان يتضمن فقط جولة له في المطعم وتجربة عدة أطباق.

مساومة صريحة

وقال المؤثر العراقي إنه لم يمض وقت طويل حتى بدأت مقاطع فيديو أخرى في الاختفاء بسبب انتهاك حقوق الملكية الفكرية، رغم أن أحدها كان يظهر خلاله وهو يساعد في تنظيف نهر دجلة ويتحدث إلى الكاميرا، دون وجود أية موسيقى في الخلفية.

من خلال واتساب، تواصل أحمد عدنان مع الشخص الذي أبلغ عن منشوراته، وكان يدعي أنه مالك حقوق الملكية الفكرية للمحتوى الذي ينشره عيسى، مُقراً بأن فيديوهات المؤثر العراقي لم تنتهك حقوق الملكية لأي شخص، وعرض عليه استعادة المحتوى مقابل 3000 دولار، وهو ما يقارب دخل عيسى الشهري.

أوضح التقرير أن الشخص عرض على المؤثر العراقي خيار دفع مقابل الحماية المستمرة ضد أوامر الإزالة الزائفة للمحتوى، بتكلفة 1000 دولار شهرياً أو 7000 دولار سنوياً. 

وأرسل الشخص لقطة شاشة إلى عيسى لتأكيد ما يواجهه، وقد أظهرت الصورة بعض محتوى عيسى المهدد بالإزالة، وذلك من خلال أداة تتيحها ميتا لمساعدة مالكي حقوق الملكية للمحتوى للتعرف على المحتوى المخالف تلقائياً ليتم سحبه من منصاتها.

معضلة أزلية

ونقلت "بلومبرغ" عن متحدث باسم شركة ميتا قوله إن الشركة تمنع المستخدمين من نشر محتوى خاص بالآخرين والادعاء بأنه ملك لهم، مضيفاً: "نقوم بشكل دوري بإلغاء الوصول أو تعطيل الحسابات عندما نكتشف حالات سوء استخدام".

كما أكد أن أدوات إدارة الحقوق الخاصة بميتا تعمل على مستوى العالم، "ونستثمر بشكل كبير فيها حتى يتمكن الأشخاص حول العالم من حماية حقوقهم وإدارة محتواهم على نطاق واسع".

تعد فكرة حقوق ملكية المحتوى الرقمي واحدة من أبرز المعضلات التي واجهتها الشبكات الاجتماعية منذ طورها الأول في بداية العقد الماضي، حيث أطلقت جوجل تقنية تسمى ContentID في عام 2007 على متن يوتيوب، بعد مواجهة منصة الفيديوهات سلسلة من الدعاوى القضائية.

وتعتمد هذه التقنية على منح كل مقطع مصور أصلي رقم هوية مُسلسل، بحيث في حال رصدت أنظمة يوتيوب وجود أي جزء من أجزاء هذا المحتوى في أي قناة أخرى مملوكة لغير صاحب حقوق ملكية المحتوى، يكون له مطلق حرية الاختيار بين خيارين، الأول إزالته أو الحصول على جزء من عائدات الإعلانات المعروضة عليه. 

كذلك واجهت فيسبوك مشكلة مشابهة عندما حولت تركيزها إلى زيادة المحتوى المصور على متنها منذ بضعة سنوات، مما أثار شكاوى من صناع المحتوى على يوتيوب من أن محتالين يعيدون نشر مقاطعهم على الشبكة الزرقاء.

سوق سوداء

وأشار المتحدث باسم ميتا إلى إن الشركة دائماً تكون انتقائية فيما يتعلق بالسماح بالوصول إلى أداة "Rights Manager"، وذلك "لضمان أن يحصل فقط أصحاب حقوق ملكية المحتوى على هذه الأداة". 

ومع ذلك، ظهرت سوق سوداء جعلت من السهل وصول هذه الأداة إلى الأيدي الخاطئة، فداخل مجموعات متعددة على فيسبوك، بعضها مفتوح للجمهور، يقوم المستخدمون ببيع حسابات إنستجرام وفيسبوك التي تمتلك حق الوصول إلى أداة "Rights Manager" بأسعار تصل إلى 3000 دولار. 

وتكون هذه الحسابات غالباً قد حصلت على حق الوصول بشكل قانوني إلى أداة إدارة حقوق المحتوى عبر صانع محتوى أصلي، ثم تم اختراقها لاحقاً. 

يوجد المستخدمون النشطون في هذه المجموعات حول العالم، لكنهم يتواجدون بشكل رئيسي في الدول النامية حيث تكون احتمالية اكتشاف ميتا لهم أقل. أما مديري أكبر مجموعة، التي تضم ألف عضو، فيعيشون في مواقع جغرافية متعددة، مثل باكستان، ودبي، وفقًا لملفاتهم الشخصية.

بمجرد أن يحصل الأشخاص على حق الوصول إلى "Rights Manager"، يمكنهم استخراج ملفات الفيديو أو الصور أو الصوت من حساب المؤثر وتحميلها، مما يؤدي إلى إرسال طلبات إزالة تلقائية إلى صناع المحتوى الأصليين، ثم يتصل المحتالون بضحاياهم لإخبارهم بما يجب دفعه لحل المشكلة.

جبهة حماية

في الوقت الذي يتزايد فيه حجم التدمير والخسائر التي تخلفها هجمات جبهات المحتالين في حياة صناع المحتوى في الشرق الأوسط، حاول أوس السعدي، مؤسس منظمة "تك فور بيس" غير الربحية العراقية التي تركز على الحقوق الرقمية، أن تصنع جبهة حماية لهم.

وقال السعدي، لـ"بلومبرغ"، إنه منذ مايو 2023 ساعد أكثر من 100 شخص في منطقة الشرق الأوسط على التعامل مع مشكلة إساءة استخدام حقوق النشر، موضحاً أنه عادةً ما تقوم ميتا باستعادة الحسابات، لكن الأمر قد يستغرق وقتاً طويلاً، لكن في بعض الأحيان لا يملك الضحايا الوقت الكافي، ويخسرون صفحاتهم على المنصة بسبب بلاغات زائفة.

وتمكنت "تك فور بيس" من مساعدة العراقي عيسى عدنان في استعادة محتواه خلال أيام قليلة من تواصله معها، وقال إنه فعل ذلك بعد تلقيه رداً آلياً من ميتا يفيد بأن الشركة لا تستطيع المساعدة. 

لكن بعد أسابيع قليلة تلقى إشعارات جديدة بإزالة المحتوى، مما تسبب في خسارته لحوالي 20 ألف دولار من إيرادات الإعلانات، حسب تقديره.

وبدا مهاجم أحمد عدنان مستمتعاً بموقفه الصعب، حيث قال له الشخص في رسالة استعرضتها مجلة "بيزنس ويك": "أنت تتصرف بحماقة.. إذا لم تدفع خلال 24 ساعة، سنقوم بإزالة حسابك".

وعندما رفض الدفع، استمر الشخص في السخرية منه قائلاً: "قل وداعاً للفيديو الخاص بك على فيسبوك. قل وداعاً له. إزالة فيديو أو اثنين آخرين وسيختفي حسابك على فيسبوك إلى الأبد".

تصنيفات

قصص قد تهمك