تمكن مطوّرو ذكاء اصطناعي في الصين من إيجاد طريقة لاستخدام الرقائق الأميركية الأكثر تطوّراً دون الحاجة إلى جلبها إلى الصين.
وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تقرير، الأحد، بأن مطوّري ذكاء اصطناعي صينيين يعملون مع وسطاء للحصول على الرقائق من الخارج، وفي بعض الأحيان يخفون هوياتهم باستخدام تقنيات مستمدة من عالم العملات المشفرة.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الاستراتيجية تأتي كرد فعل على القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على الصادرات، والتي منعت الشركات الصينية من استيراد الرقائق المُستخدمة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المُطوّرة من قبل شركة "إنفيديا" (Nvidia) الأميركية بشكل مباشر.
وعلى الرغم من أن المستخدمين الصينيين ما زال بإمكانهم جلب رقائق "إنفيديا" إلى الصين بشكل فعلي عبر شبكة بائعين في السوق الرمادية (تسمى أيضاً السوق الموازية، ويجري خلالها التداول غير الرسمي للمنتجات)، إلا أن هذه العملية "مرهقة ولا يمكنها تلبية احتياجات جميع المستخدمين الكبار".
وذكرت الصحيفة أن أحد الأشخاص الذين يساعدون الشركات الصينية في التغلب على تلك العقبات، يدعى ديريك أو، وكان يعمل سابقاً في تعدين العملة المُشفرة "بيتكوين"، أقنع المستثمرين في دبي والولايات المتحدة بتمويل شراء خوادم ذكاء اصطناعي تحتوي على رقائق H100 القوية التي تنتجها "إنفيديا".
وفي يونيو الماضي، وضعت شركة ديريك الرقائق في أكثر من 300 خادم في مركز بيانات في مدينة بريسبان عاصمة ولاية كوينزلاند بأستراليا. وبعد 3 أسابيع، بدأت الخوادم في معالجة خوارزميات الذكاء الاصطناعي لصالح شركة في بكين.
ونقلت الصحيفة عن ديريك قوله: "يوجد طلب، ويوجد ربح. من الطبيعي أن يأتي أحد ما لتوفير العرض".
ليست "ظاهرة جديدة"
ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أن الاستعانة بقدرات حاسوبية من الخارج ليست أمراً جديداً، إذ تنقل العديد من الشركات العالمية البيانات حول العالم باستخدام خدمات تقدمها شركات أميركية مثل جوجل كلاود، ومايكروسوفت أزور، وأمازون ويب سيرفيسز.
وأضافت أن هذه الشركات، مثل المصارف، تتبع سياسة "اعرف عميلك" التي ربما تجعل من الصعب على بعض العملاء الصينيين الحصول على القدرات الحاسوبية الأكثر تقدماً.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن محامين مطلعين على العقوبات الأميركية، قولهم إن مشتري وبائعي القدرات الحاسوبية والوسطاء الذين يربطون بينهم "لا ينتهكون أي قوانين".
وتستهدف واشنطن صادرات الرقائق، والمعدات، والتكنولوجيا المتطورة، لكن شركات خدمات الحوسبة السحابية، تقول إن قواعد التصدير لا تقيّد حصول الشركات الصينية أو الشركات التابعة لها في الخارج على خدمات الحوسبة السحابية باستخدام رقائق "إنفيديا".
وفي يناير الماضي، اقترحت وزارة التجارة الأميركية قاعدة تهدف إلى منع "الكيانات الأجنبية الخبيثة" من استخدام خدمات الحوسبة السحابية الأميركية في أنشطة تشمل تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة. لكن الشركات الأميركية ترى أن هذه القاعدة لن تمنع إساءة الاستخدام، بل ربما تؤدي إلى تقويض ثقة العملاء وإضعاف قدراتها التنافسية.
"عقد ذكي"
ونوهت "وول ستريت جورنال" إلى أن طريقة إصدار الفواتير والدفع التي تتبعها المنصات التي يستخدمها أو وغيره تمنح المشاركين درجة عالية من السرية.
وأوضحت أن مشتري وبائعي القدرات الحاسوبية يستخدمون "عقداً ذكياً" تُحدد شروطه في سجل رقمي متاح للعامة. تُعرَف أطراف العقد فقط بسلسلة من الحروف والأرقام، ويدفع المشتري باستخدام العملة المشفرة.
ويمتد إخفاء الهوية في هذه العملية ليشمل العملة المُشفرة المُستخدمة في العقد نفسه، إذ يستخدم طرفا العقد تقنية حفظ السجلات الرقمية المعروفة بسلسلة الكتل أو "البلوكشين".
وقال ديريك إنه أيضاً ربما لا يتمكن من معرفة الهوية الحقيقة للمُشتري، ولزيادة السرية قال "أو" وآخرون إن شركات الذكاء الاصطناعي الصينية غالباً ما تجري المعاملات من خلال شركات تابعة في سنغافورة، أو في أماكن أخرى.
وأضاف: أن منصته شهدت زيادة كبيرة في عدد العملاء الصينيين منذ أواخر العام الماضي، وأنه كثيراً ما يُسأل عما إذا كان لديه رقائق إنفيديا.
في المقابل، رفضت "إنفيديا" التعليق على الأمر، وقالت الشركة إنها تمتثل لضوابط التصدير الأميركية، وتتوقع من شركائها أن يفعلوا الشيء نفسه. ومن المقرر أن تعلن "إنفيديا" عن أرباحها الفصلية، الأربعاء.