انتهت أكثر من 180 عاماً من سباقات الخيل في سنغافورة، السبت، حيث استضاف Singapore Turf Club آخر سباق له، قبل أن تستعيد الحكومة ملكيته لتوفير مساحات أرضية لبناء منازل جديدة، بحسب "بلومبرغ".
وتحت سماء ملبدة بالغيوم، كانت منصات كبار الشخصيات المكيفة، مليئة بالمتحمسين والشخصيات المرموقة والمغتربين، بينما استضافت الطوابق الأرضية وقاعات المراهنات المقامرين وهم من كبار السن في الغالب.
وأعرب الفائز، الفارس الجنوب إفريقي، موزي يني، عن شعوره بالخسارة، والذي شاركه فيه الكثيرون في ذلك اليوم. وقال في مقابلة بعد السباق: "أود أن تنظر الحكومة في الأمر".
ومن المقرر هدم الموقع الذي تبلغ مساحته أكثر من 120 هكتاراً (300 فدان) لبناء منازل عامة وخاصة جديدة حيث تحاول البلاد، التي يقل حجمها عن مدينة نيويورك، استيعاب عدد سكان متزايد تجاوز ستة ملايين نسمة هذا العام.
وقالت الحكومة، إن هذا ضروري لضمان "وجود مساحة كافية للأجيال القادمة".
في حين تسبب قرار إنهاء سباق الخيل في المدينة، في صدمة عبر مجتمع ركوب الخيل والتدريب، عندما تم الإعلان عنه العام الماضي، فإن هذه الرياضة كانت حالة انحدار بالفعل.
وانخفض عدد المتفرجين من متوسط يوم السباق البالغ 11 ألفاً في عام 2010 إلى حوالي 6 آلاف في عام 2019، قبل أن تسبب جائحة فيروس كورونا في انخفاض الحضور بأكثر من النصف. ويوم السبت، حضر حوالي 10 آلاف شخص، ما يشكل ثلث سعة الملعب.
وانتقل المواطنون الأصغر سناً إلى رياضات وهوايات أخرى. وهيمنت سباقات "فورمولا 1" السنوية للسيارات على سباقات الخيل في المدينة، واجتذبت في سبتمبر ما يقرب من 270 ألف شخص لحضور العرض الذي استمر ثلاثة أيام، وتخلله حفلات موسيقية.
وأقام نادي سنغافورة الرياضي، الذي أسسه التاجر الاسكتلندي، ويليام هنري ماكليود ريد، أول مسابقة له في طريق فارير، شمال وسط المدينة، في عام 1843، عندما كانت البلاد مستعمرة بريطانية. وكان الحدث مناسبة كبيرة، إذ تم إعلانه عطلة عامة.
في عام 1911، انطلقت أول رحلة طيران من سنغافورة، بقيادة الطيار البلجيكي، جوزيف كريستيانز، من المضمار، أحد المناطق القليلة المتاحة من الأراضي المفتوحة المسطحة.
مزارع المطاط
ومع نمو المدينة وزيادة الاهتمام بالرياضة، انتقل نادي "سنغافورة تيرف" الذي أعيدت تسميته إلى موقع أبعد بعد شراء Bukit Timah Rubber Estate للموقع.
افتُتح المضمار الجديد في عام 1933، وظل موطناً للنادي حتى عام 1999، عندما تم تخصيصه لرياضات ترفيهية أخرى. ومنذ ذلك الحين، تم توجيه الأرض حيث يتواجد، لبناء المزيد من المنازل.
وسباق الخيل ليس الرياضة الوحيدة التي تأثرت بتوسع الإسكان في سنغافورة. فقد أغلق آخر ملعب جولف عام مكون من 18 حفرة في وقت سابق من العام الجاري لإعادة التطوير.
وتم بناء آخر مضمار لنادي Turf كمنشأة حديثة بتكلفة 500 مليون دولار سنغافوري (384 مليون دولار أميركي)، مع منصات مكيفة، وإضاءة كاشفة للسباقات الليلية ومدرج قادر على استضافة 30 ألف متفرج.
وقال تيم فيتزسيمونز، المدرب الرئيسي ومدير Fitzsimmons Racing، الذي كان لديه أكثر من 50 حصاناً في العام الماضي، وسينتقل مرة أخرى إلى أستراليا بعد قدومه إلى سنغافورة في عام 2007: "كانت سنغافورة رائدة عالمية في سباقات الخيل" وكان المضمار واحداً من أفضل المضامير. "لا أعتقد أنه سيعود أبداً".
وكان العديد من الآلاف الذين تابعوا سباق السبت، من المتقاعدين الذين كانوا يأتون إلى السباقات لعقود من الزمان. وتجمع الحضور من أجل هذه الاحتفالية الأخيرة، حيث كان المدخنون يشجعون الخيول الأصيلة، وكانت امرأة مقعدة تتبادل الحديث مع أصدقائها باللهجة الصينية، وكان الرجال الصلع يدققون في أوراق الصحف المبعثرة بحثاً عن تفاصيل عن الخيول.
وقالت سونج يا جينج، الطاهية البالغة من العمر 77 عاماً، والتي كانت تشارك زوجها في آخر سلسلة من الرهانات: "إنه مكان جميل وذو مناظر خلابة، ولكن أيام مجده قد ولت وصيانته مكلفة للغاية. ربما يستطيع أطفالي العيش في المساكن العامة ذات يوم".
وفي نهاية اليوم، جلب مقطع فيديو قصير على الشاشة الرئيسية وعرض صغير للألعاب النارية، نهاية متواضعة لما يقرب من قرنين من سباقات الخيول في سنغافورة. وقد غادر معظم الجمهور المكان قبل غروب الشمس تحت أعمدة الضوء الشاهقة البالغ عددها 41 عموداً.
ومع قيام آخر الحاضرين بالتقاط الصور وسط تذاكر الرهان الملقاة، أظهرت الشاشة رسالتها الأخيرة: "شكراً".