رغم الفقر.. مسحوق الذهب العملة المفضلة في إحدى ولايات فنزويلا

time reading iconدقائق القراءة - 9
عامل يبحث عن الذهب في منجم لاكوليبرا في إل كالاو بولاية بوليفار جنوب شرق فنزويلا. 1 مارس 2017 - AFP
عامل يبحث عن الذهب في منجم لاكوليبرا في إل كالاو بولاية بوليفار جنوب شرق فنزويلا. 1 مارس 2017 - AFP
كاراكاس-أ ف ب

يزن خوسيه فالينزويلا كمية صغيرة من مسحوق الذهب على ميزان رقمي، ثم يضعها جانباً لدفع ثمن الوقود في ولاية أمازوناس الفنزويلية، حيث يعتبر هذا المعدن الثمين العملة المفضلة.

يعمل فالينزويلا مساعداً لأولفر راميريز على متن القارب التجاري الذي يملكه الأخير، والذي يبحران به في نهر أورينوكو عبر حديقة ياباكانا الوطنية في ولاية أمازوناس على مسافة 750 كيلومتراً جنوب العاصمة كراكاس.

يرسي الرجلان قاربهما الخشبي الضيق في كاريتشي، وهي إحدى مستوطنات السكان الأصليين على طول ضفة النهر، ويبيعان البضائع للزبائن قبل أن يأخذا قسطاً من الراحة.

 وعلى متن القارب الآلي، لوح من الورق المقوى عليه أسماء المنتجات المتوافرة للبيع مع أسعارها المحددة بـ "خطوط" من مسحوق الذهب، في منطقة يطعم فيها التعدين غير القانوني أفواه العديد من السكان.

وهناك، يعادل "الخط" الواحد عُشر غرام من الذهب الذي تتغير قيمته حسب سعر البيزو الكولومبي. وفي يوم وصول فالينزويلا وراميريز إلى كاريتشي، كان سعر الخط يبلغ نحو 20 ألف بيزو كولومبي. أي ما يعادل 6 دولارات، لكن العملة الخضراء ليست مستخدمة كثيراً في هذه المنطقة.

وعلى لوح الورق المقوى أعلن توافر علبة تونة مقابل خط واحد من مسحوق الذهب، ولتر من الزيت مقابل خطين، وكيلو من الحليب البودرة مقابل 3 أو 4 خطوط.

يكلف لتر البنزين خطاً واحداً، نحو 10 أضعاف السعر المفروض في كولومبيا.

 أوراق نقدية للتغليف

إضافة لسعر الوقود، كما شرح التاجران، فهما يدفعان رشاوى على طول الطريق لقوات الأمن وزعماء السكان الأصليين الذين يتقاضون رسوماً مقابل العبور عبر أراضيهم.

أما العملة الفنزويلية، البوليفار، فهي غائبة تماماً، و"لا قيمة لها" وأن الأوراق النقدية تستخدم أحياناً لتغليف الذهب، لكن ليس للدفع. بحسب فالينزويلا ورفيقه. 

في هذا اليوم التجاري، كان نهر أورينوكو هادئاً فيما يستمتع الرجلان بإطلالة خلابة على جبل ياباكانا الذي سمّيت الحديقة الوطنية على اسمه، لكن وراء هذا الجمال، تكمن قصة حزينة عن الدمار والعنف.

 يؤكد ناشطون على أن عمليات التنقيب غير القانونية تدمر المنطقة، وأن تلك العمليات تساعد عسكريين يغضون الطرف مقابل الرشاوى.

وبرغم موقعها في حديقة محمية تضم كنزاً دفيناً من التنوع البيولوجي، فإن تعدين الذهب ينمو بمقدار 242 هكتاراً، أي ما يقرب من مساحة 300 ملعب كرة قدم سنوياً، وفقاً لمنظمة "إس أو إس أورينوكو" غير الحكومية، وفي تقريرها الأخير عام 2019، قالت المنظمة إن التعدين في الحديقة يغطي مساحة 2227 هكتاراً.

"القبطان" 

وتنطلق القوارب من المدن المحلية إلى الحديقة الوطنية بشكل منتظم مع معدات التعدين الثقيلة التي تصل بالطائرة على مدارج صغيرة قبل أن تشق طريقها في مجرى نهر أورينوكو.

وتفيد منظمات غير حكومية بأن الضرر الذي يلحق بالنظام البيئي للمياه العذبة لا يمكن إصلاحه.

لكن الأمور تعقدت بسبب إصرار السكان المحليين على أن الحرس الوطني ليس له أي سلطة على مياه النهر. فالقانون السائد هنا أن "القبطان" هو من يتخذ القرارات، وهو غالباً ما يكون فرداً في منظمة إجرامية أو مجموعة شبه عسكرية أو إحدى العصابات.

وقال ميساييل هيريرا، عامل منجم يبلغ من العمر 19 عاماً، إن "القبطان هو من يحافظ على النظام.. وأنت تدفع له مقابل ما تجده".

كما أن الوصول إلى هذه المناطق أمر خطر وتكثر فيها جرائم القتل، إذ تتقاتل مجموعات مختلفة من أجل السيادة والسيطرة.

ولفت هيريرا إلى أنه بدأ العمل في التعدين قبل 5 سنوات "بدافع الضرورة"، ويذكر أنه اكتشف العديد من "شوكانو"، وهي كتلات من الذهب يعادل حجمها نصف إبهام، ومع ذلك، فهو يكسب فقط ما يكفي لشراء الضروريات.

وقال راميريز الذي بدأ مشروعه قبل عام: "لم أرَ في حياتي عامل منجم ثرياً"، فهو لا يكسب سوى 100 دولار في الأسبوع ليرسلها لأسرته.

وختم حديثه قائلاً: "من أجل كسب 100 دولار في فنزويلا، عليك أن تفعل المعجزات".