"المنسف" طبق صمد آلاف السنين ويعد سيداً للمائدة الأردنية    

time reading iconدقائق القراءة - 6
أشرف المبيضين صاحب مطعم "مناسف مؤاب" يحضر طبق المنسف في العاصمة الأردنية عمّان. 17 مارس 2023 - AFP
أشرف المبيضين صاحب مطعم "مناسف مؤاب" يحضر طبق المنسف في العاصمة الأردنية عمّان. 17 مارس 2023 - AFP
عمّان-أ ف ب

يُعدّ "المنسف"، الطبق الوطني الأردني الذي ترتبط نشأته بحرب قديمة وتطور تاريخي، وصمد على مدى آلاف السنين في الأردن، رمزاً للأصالة وكرم الضيافة.

ويُطبخ "المنسف"، الذي يوصف بأنه "سيد المائدة الأردنية"، بلحم الأغنام البلدية وكرات "الجميد" المحضرة من حليب الأغنام والسمن البلدي، والأرزّ، واللوز والصنوبر لتزيينه.

وجميع مكونات "المنسف" منتجة محلياً، ويشتهر على سبيل المثال، الجميد الكركي نسبة إلى محافظة الكرك الواقعة على 118 كيلومتراً إلى الجنوب من عمان والسمن البلقاوي، نسبة إلى محافظة البلقاء التي تبعد نحو 30 كيلومتراً إلى شمال غربي عمان.

وأُدرِج المنسف في ديسمبر الماضي على لائحة التراث الثقافي غير المادي (الحيّ) لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".

وقال أشرف مبيضين (47 عاماً) الذي يملك مع صديقه تامر المجالي (42 عاماً) مطعم "مناسف مؤاب" في العاصمة عمّان، إن المنسف "طبق مشهور في أكثر من دولة، لكن أساسه وأصله من الأردن وهو الألذّ ونُسب إلى مملكة مؤاب قديماً".

وأضاف: "المطعم يقدّم الأكلات الشعبية الأردنية ومنها المنسف والفتيت (الخبز المفتت واللبن) والعيش (القمح المجروش المطبوخ) واللزاقيات (حلويات)، لكن سيد المائدة الأردنية هو المنسف".

ويؤكد شريكه المجالي، الذي كان يُعدّ طبق "الرشوف"، وهو عبارة عن طبخ جريش القمح والعدس والحمص المسلوق بلبن الجميد مع إضافة البصل والسمن البلدي ليتم تناوله كحساء، أن "المنسف هو سيد المائدة الأردنية، واذا أردت أن تكرم ضيفك لا يوجد ما هو أفضل من المنسف".

من جانبه، قال المؤرخ والكاتب جورج طريف إن "المنسف كان بالأساس يصنع من ثريد لحم الضأن واللبن وخبز الشراك (خبز رقيق)".

ولاحقاً أصبحت "المادة الرئيسية للمنسف البرغل (القمح المجروش)، ثم تطور بعد اكتشاف الأرز الذي استخدم في المنسف في فترة متأخرة من القرن الـ19".

رواية الملك ميشع

ووفقاً لطريف، يرتبط "المنسف" تاريخياً من خلال حادثة تروى عن الملك ميشع، أحد ملوك مملكة "مؤاب" التي تأسست في القرن 13 قبل الميلاد ودامت إلى القرن الرابع قبل الميلاد.

وامتدت حدود تلك المملكة على الساحل الشرقي للبحر الميت، من شمال مدينة الكرك إلى الشوبك نحو 205 كيلومترات جنوب عمان.

وأضاف طريف: "كان مركز حكم الملك ميشع في الكرك، وكان يعلم جيداً أن اليهود لا يأكلون اللحم المطبوخ باللبن، وفقاً لشريعتهم المستمدة من التوراة".

وتابع: "أراد أن يختبر الملك ميشع ولاء شعبه المؤابي في الحرب ضد العبرانيين في المعركة الواقعة في القرن 9 قبل الميلاد، فطلب من شعبه أن يطبخوا اللحم باللبن".

واستجاب شعبه لطلبه، وبهذاً نسف ما جاء في التوراة، ومنذ تلك الفترة سميت هذه الأكلة بـ"المنسف"، ولذلك اختار مبيضين والمجالي تسمية مطعمهما "مناسف مؤاب"، نسبة إلى مملكة مؤاب.

أطباق مندثرة

من جهته، قال الباحث والأكاديمي حسن مبيضين (58 عاماً) إن "المنسف وجبة ذات معايير خاصة وطقوس خاصة، وأيضاً لأشخاص تربطهم علاقات خاصة بمعنى أنها تُقدَّم وفق بروتوكول معين للضيافة وطريقة التقديم والترتيب".

وأشار إلى أن التعامل مع الضيف "يكون وفق الدرجة، لجهة طريقة الاستقبال وطريقة الوداع وطريقة تقديم الأكل، فمثلاً يقدم رأس الذبيحة على أكبر سدر لكبير القوم، وأحياناً الرأس والذبيحة كاملة ليشعر الضيف أنه نال من الإكرام أبلغه وأجزله".

وتقليدياً يشترك ما بين 12 إلى 14 شخصاً في الأكل من سدر المنسف الكبير، مستخدمين أيديهم اليمنى، بينما اليسرى تبقى خلف ظهورهم، لكن الوجبات باتت تُقدّم بشكل فردي غالباً.

وهناك أكلات أردنية قد تكون اندثرت مثل "شوربة الجعدة" المحضرة من نبات الجعدة البري والعدس واللبن، أو "الخميعة" وهو طبق حلويات يعد من الخبز المفتت والحليب والسكر، يشبه رقائق الفطور المعروفة اليوم.

إلاّ أن بعض الأكلات بقيت حاضرة في مناطق محددة، كالمكمورة وهي طبقات من العجين مع الدجاج والبصل وزيت الزيتون المعروفة في شمال الأردن، و"المجللة" المكونة من لبن ولحم مع البصل بالسمن البلدي في جنوب الأردن.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات