الأفوكادو.. تهديد جديد للفيلة في كينيا

time reading iconدقائق القراءة - 9
أفيال في محمية كيمانا في كينيا. 2 مارس 2021. - AFP
أفيال في محمية كيمانا في كينيا. 2 مارس 2021. - AFP
نيروبي-أ ف ب

تشكل ظاهرة الطلب المتزايد على ثمار الأفوكادو، تهديداً للفيلة في كينيا، لأن المزارع التي تنتج هذا النوع من الفاكهة، تستهلك كميات كبيرة من المياه وتؤثر على النظام البيئي في البلاد. ومن شأن ذلك، زيادة التهديد الذي تتعرض له الفيلة الإفريقية التي باتت على "القائمة الحمراء" للكائنات التي تواجه خطر الانقراض نتيجة نقص المياه.

وخلال مايو ويونيو 2020، نفق 356 فيلاً بشكل غامض، في جمهورية بوتسوانا (جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا الجنوبية)، في حادثة وصفها الخبراء بالكارثة، ما أثار قلق السلطات والجمعيات البيئية.

وتشكل مزرعة مساحتها 73 هكتاراً قرب متنزه "أمبوسيلي" الزاخر بأجناس كثيرة من الحيوانات البرية، محور معركة قضائية بين مناهضي، وممولي المزرعة، إذ يؤكد المناهضون أن المزرعة "تعوق تنقل الفيلة وتتعارض مع الاستخدام التاريخي لهذه الأراضي"، بينما ينفي الممولون ذلك مؤكدين أنها "لا تهدد الحيوانات البرية، وتوفر في المقابل وظائف ضرورية في أراضٍ غير مستغلة".

ويعد تدمير مواطن العيش الطبيعية والأراضي الزراعية، مع الصيد غير القانوني، من الأسباب الرئيسة للتراجع الكبير في أعداد الفيلة الإفريقية، وفق تحذيرات وجهها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وهي منظمة غير حكومية تنشط للحفاظ على التنوع الحيوي، في تقرير أصدرته، الخميس.

معركة قضائية

وتحتل كينيا موقعاً متقدماً بين قائمة الدول المصدّرة للأفوكادو، وازدادت صادراتها بدرجة كبيرة، مع الطلب المتنامي على هذا النوع من "الأطعمة الخارقة" الذي بات من المكونات الهامة على قوائم الطعام حول العالم.

وتشغل كينيا المركز السادس على قائمة الدول الأكثر تصديراً للأفوكادو إلى أوروبا، وارتفعت صادراتها بنسبة 33% لتصل إلى 127 مليون دولار في أكتوبر 2020، وفق اتحاد مصدري المنتجات الطازجة في البلاد.

وحصلت شركة "كيلي آفو فريش ليمتد" على إذن من الهيئة الوطنية لإدارة البيئة "نيما"، لإقامة مزارع لها على أراضٍ باعها أشخاص من إثنية ماساي.

ويذكّر أصحاب الأراضي في المناطق المجاورة، ومجموعات بيئية بأن الزراعة على نطاق واسع ممنوعة في هذا المكان بموجب خطط استغلال الأراضي في المنطقة.

وفي سبتمبر، أمرت هيئة "نيما" استجابة لحملة ضغوط، شركة "كيلي آفو" بتعليق أنشطتها ريثما يتم الانتهاء من دراسة الملف، لكن الشركة طعنت على القرار أمام المحكمة البيئية في كينيا التي تنظر القضية حالياً.

وتستمر الزراعات في المكان. وفي صباح أحد أيام مارس الجاري، لوحظ وجود جرارات زراعية تحرث الأرض، فيما كان عمّال زراعيون يسقون أشجار الأفوكادو الصغيرة.

"لا مكان للتعايش" 

وعلى الرغم من ازدهار أنشطتها، يبقى حجم زراعة الأفوكادو محدوداً في كينيا مقارنة بالسياحة التي درّت 1,6 مليار دولار على البلد الإفريقي سنة 2019.

غير أن مدير المزرعة جيريميا شواكا سالاش، وهو مساهم أيضاً في "كيلي آفو"، يؤكد أن هذا المشروع الزراعي "أنقذ" موظفين كثيرين في القطاع السياحي بعدما فقدوا وظائفهم بسبب تدابير الإغلاق خلال جائحة كورونا.

ويوضح سالاش "أدافع عن فكرة إمكان التعايش مع الحيوانات البرية والحصول على مصدر إيرادات آخر"، مشيراً إلى وجود مزرعة أكبر للفواكه والخضر في الجوار.

أما أصحاب الأراضي المجاورة والخبراء في الحياة البرية فلهم موقف حاسم أنه "لا إمكان للتعايش بين الأمرين".

ويحذر هؤلاء، من أن زراعة الأفوكادو تستهلك كميات كبيرة من مياه الريّ، وتهدد بالتالي النظام البيئي في كينيا المدرج على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو" للتراث العالمي، والذي يواجه أصلاً موجات جفاف متكررة. 

المنتزه ومصيره المجهول

واصطدمت الفيلة بالسياج الكهربائي الذي وضعته "كيلي آفو". ويعوق هذا السياج الطرق التي تسلكها الفيلة لدى مغادرتها "أمبوسيلي" للتكاثر أو للبحث عن الماء أو المراعي.

وتقول بولا كاهومبو، التي تدير منظمة "وايلدلايف دايركت" غير الحكومية: "يمكنكم تصور موت الفيلة في أمبوسيلي لكي يأكل الأوروبيون الأفوكادو".

ويشير معارضو المشروع، إلى أن السماح لشركة "كيلي آفو" بمواصلة أنشطتها سيؤدي إلى سابقة خطيرة، في ظل سعي جهات أخرى إلى استغلال هذه الأراضي.

ويواجه "تولستوي" ورفاقه الفيلة البالغ عددها 2000 في هذا النظام البيئي، المركبات التي تعبر ملجأ كيمانا، وهو ممر إلزامي بين متنزهات مختلفة.

ويقول دانيال أولي سامبو، من منظمة "بيغ لايف فاونديشن" غير الحكومية المحلية: "إذا استمر الوضع على حاله، فسيكون مصير متنزه أمبوسيلي الوطني الزوال".

ويضيف: "هذه الفيلة (...) سترحل، وستكون تلك نهاية المتنزه وانهيار السياحة في المنطقة".

 الأفوكادو

أكثرية السكان من إثنية ماساي في محيط مزرعة "كيلي آفو"، جعلوا من أراضيهم محميات خاصة مفتوحة يمكن للحيوانات البرية ورؤوس الماشية التنقل فيها بحرية.

ويقول المسؤول عن جمعية تضم 342 من أصحاب الأراضي في محيط "كيلي آفو"، سامويل كانكي: "إذا ما ربحت (كيلي آفو) الدعوى القضائية، سنفقد محمياتنا وستضيع محاصيل الماساي الزراعية".

وترى بولا كاهومبو، أن الزراعة التجارية في كينيا باتت "أخطر بكثير على الحيوانات من الصيد غير القانوني"، داعية الموزعين الأجانب، إلى الاستعلام عن منشأ الأطعمة التي يشترونها، على غرار مجموعة "تيسكو" البريطانية العملاقة التي قطعت صلاتها مع مزرعة كينية كبيرة للأفوكادو في أكتوبر الماضي، بسبب اتهامات بإساءة معاملة الموظفين، معتبرة أنه "من غير الممكن إقامة مزرعة للأفوكادو في منطقة برية كهذه". 

خطر الانقراض

وصُنفت فيلة الأدغال، الموجودة قرب "أمبوسيلي"، ضمن قائمة الأجناس "المهددة" بالانقراض، بعدما تراجعت أعدادها بنسبة لا تقل عن 60% خلال السنوات الخمسين الأخيرة.

وباتت فيلة الغابات، الموجودة خصوصاً في وسط القارة الإفريقية وغربها، مصنفة ضمن قائمة الأجناس التي تواجه "خطر انقراض أقصى".

اقرأ أيضاً: