شجرة دائمة الخضرة يصل ارتفاعها إلى 5 أمتار، موطنها الأصلي البرازيل ومنها انتقلت إلى الأرجنتين وباراغواي، وأوروغواي، إنها المتة التي تُقطف أوراقها كل شهرين لتجفف وتُعقم وتُطحن بقياسات مختلفة، ثم تعبأ فى عبوات بأحجام مختلفة وتطرح في الأسواق، لتتحول إلى مشروب تشير دراسات عدة إلى أن له العديد من الفوائد، منها تخفيف الوزن، والحفاظ على نضارة البشرة، ولمعان الشعر.
لم تعد المتة حكراً على اللاتينيين، بل أصبح الشرق أوسطيون أكبر مستهلك في العالم لهذا المشروب خارج حدود أميركا اللاتينية، نتيجة الهجرات العربية للقارة الجنوبية والتي بدأت قبل 100 عام، وتعد سوريا أكثر البلدان استيراداً واستهلاكاً لهذا المشروب الأخضر، تليها لبنان ثم فلسطين.
ولاقت المتة رواجاً في العديد من دول العالم، مثل ألمانيا وتركيا وبعض دول الخليج، لثلاثة أسباب: الأول تأثر جماهير كرة القدم بمشاهدة نجومهم (مثل لاعب كرة القدم الأرجنتيني ميسي) وهم يشربون المتة، والثاني استضافة البرازيل بطولة نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2014 ومشاهدة عشاق المستديرة للبرازيليين وهم يشربون هذا المنقوع الأخضر في بلادهم، والثالث والأهم هو انتشار السوريين بعد أزمة بلادهم في كل أنحاء العالم وحملهم مشروب المتة معهم.
طقوس المتة
تختلف طقوس شرب المتة في الشرق الأوسط من منطقة لأخرى، كما تختلف عن طقوس شربها في أميركا اللاتينية، ففي مناطق مثل القلمون والسويداء في سوريا يفضل السكان شربها مجتمعين على كأس واحدة صغيرة تعلوها مصاصة وتنتقل من فرد لآخر، أما في الساحل فلكل فرد كأسه ومصاصته وتشرب ساخنة، أما في أميركا اللاتينية وفي البرازيل فالشرب بالكويا (كأس خشبية كبيرة) تعلوها مصاصة كبيرة، ويسمى مشروب المتة (الشيماراو) إذا كان بالماء الساخن، ولا مانع من شرب المتة بالماء البارد وقطع الثلج ويسمى حينها (التيريري)، كما يقوم البرازيليون بتحميص المتة ليتم غليها داخل إبريق الماء وتصفيتها وتبريدها وشربها إلى جانب وجبات الطعام، أو ما يشبه الشاي المثلج.
المتة الصفراء والخضراء
تُعد البرازيل الموطن الأصلي لشجر المتة ومنها انتقلت زراعتها إلى دول أميركا اللاتينية، وقبل 25 عاماً كانت الحكومة البرازيلية تفرض قيوداً على قطف أوراق شجر المتة وتمنع المزارعين من بيعها في الأسواق، لتتولى الحكومة مهام بيعها وتوزيعها وطرحها في الأسواق.
حينها كان المزارعون يلجأون إلى حيل لإخفاء أوراق المتة بعيداً عن أنظار الحكومة في مزارعهم وبيوتهم، خاصة أن فترة السماح بقطف أوراق المتة كانت تقتصر على شهري يوليو وأغسطس من كل عام، ويعاقب المزارع الذي يقطف الأوراق في غير هذه المواعيد، وكانت أوراق المتة تصاب بالاصفرار عند إخفائها لمدد طويلة، واعتاد السكان حينها شرب هذا المنقوع بأوراق صفراء شاحبة.
تغير في موقف الحكومة
المعادلة تغيرت اليوم، فالقوانين تسمح بأن يقطف المزارع أوراق المتة متى يشاء (يستطيع قطف الشجرة مرة كل شهرين وهي الفترة التي تنبت فيها أوراق جديدة وتكبر) ويتولى بنفسه مسؤولية بيعها وتوزيعها للمعامل التي تقوم بتحضيرها وتجفيفها وبيعها، حتى المعايير اختلفت فباتت الأوراق الصفراء للمتة دليل على عدم جودة المنتج وأنه مخزن منذ زمن بعيد، أما الأوراق الخضراء فهي مؤشر على أن الأوراق طازجة وبالتالي صحية، وبات الطعم المر الذي كان يظهر بطول فترة التخزين مؤشراً غير صحي ولا رغبة فيه للبرازيليين، فكلما كان الطعم حلواً كان المنتج طازجاً أكثر.
المنتج الأكبر والمستورد الأول
يُقدر إنتاج البرازيل وحدها بـ900 ألف طن من المتة في العام الجاري، وتشغل الأرجنتين المرتبة الأولى لكبار مستوردي المتة من البرازيل بقيمة نحو 1.7 مليون دولار عام 2019 وقفزت القيمة لتصل إلى 7.6 مليون، بحسب الإحصائيات المتوفرة للعام الجاري، لتتجاوز الصادرات البرازيلية إلى الأرجنتين هذا العام حجم الصادرات إلى باراغواي، والتي كانت تتصدر قائمة مستوردي المتة من البرازيل في العام الماضي، في حين تحتل الأرجنتين المرتبة الثانية عالمياً في إنتاج المتة بعد البرازيل، وتتربع سوريا على قائمة كبار مستوردي المتة من الأرجنتين بقيمة تصل إلى 70% من إنتاج الأرجنتين، تليها لبنان بفارق كبير ومن ثم فلسطين.
المتة البرازيلية
أنطونيو شير، مزارع ومُصنع ومُصدر متة في جنوب البرازيل، قال لـ"الشرق"، إن المتة البرازيلية تُصنف على أنها من أفضل الأوراق عالمياً، وتتميز بأنها خالية من المبيدات الحشرية (تمنع الحكومة البرازيلية المزارعين من استخدام المبيدات في المتة ويتم الاكتفاء برش الأشجار بالماء والملح لتعقيمها عند الحاجة تجنباً لاستخدام مبيدات قد تسبب سرطانات).
وأضاف لـ"الشرق" أن الحكومة الألمانية تسمح ببيع منتجهم من المتة البرازيلية على أراضيها نظراً لخلوها من المبيد الحشري، ولعدم وجود نسبة كربون عالية في منتجهم الأخضر عند تجفيفه لأن التجفيف في معمله يتم على البخار وليس بالاحتراق المباشر، وبالتالي قبلت الحكومة الألمانية المعروفة بصرامتها وشروطها في اتباع المواصفات القياسية والصحية باستيراد المتة البرازيلية.
وتابع شير: "هذا العام أدخلنا المتة البرازيلية إلى سوريا، وكانت المرة الأولى التي تدخل فيها دمشق"، مشيراً إلى إعجاب السوريين واللبنانيين بالمتة البرازيلية وطعمها الحلو ولونها الأخضر، إضافةً إلى فوائدها في تخفيف الوزن.
فوائد المتة
هناك العديد من الدراسات التي تشير إلى فوائد المتة، ومنا أنها تساعد في حميات تخفيف الوزن، والحفاظ على نضارة البشرة، ولمعان الشعر، والتخفيف من تشققات البطن عند الحوامل، وينصح البرازيليون بالمتة الخضراء أكثر من الصفراء كونها غير مؤكسدة، ولا مرارة فيها، كونهم يستهلكونها مباشرةً بعد قطافها وتجفيفها، ولهذا الغرض يقوم بعض البرازيليين بوضع علب المتة في الثلاجات كي تحافظ على لونها الأخضر لأطول مدة ممكنة، في حين أن هذه العادات غير متبعة في الشرق الأوسط لعدم وصول المتة الخضراء لهم.
وحذرت وزارة الصحة البرازيلية في مارس الماضي وفي أوج انتشار فيروس كورونا من مخاطر شرب المتة في كأس مشتركة، إذ يعتمد البرازيليون ثقافة شرب المتة في كوب مشترك وينتقل من شخص لآخر، ما يعني أن التحذير كان من طريقة شرب المتة بشكل مشترك وليس من مادة المتة ذاتها، بل على العكس نصح العديد من الأطباء بالإكثار من شربها ساخنة كون المشروبات الساخنة بالمجمل تخفف من مخاطر الفيروس.