من " اجتياح رفح" إلى "رهائن غزة".. أوراق ضغط متبادلة بين إسرائيل و"حماس"

مصادر: الاتفاق "بات وشيكاً" إذا تم الانتهاء من إشكاليات التنفيذ

time reading iconدقائق القراءة - 11
عائلات فلسطينية وأطفال بمخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة بينما يتواصل القصف الإسرائيلي والغارات على أنحاء متفرقة من القطاع. 30 أبريل 2024 - AFP
عائلات فلسطينية وأطفال بمخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة بينما يتواصل القصف الإسرائيلي والغارات على أنحاء متفرقة من القطاع. 30 أبريل 2024 - AFP
دبي -الشرق

باتت حرب إسرائيل على غزة أمام مفترق طرق، إذ تحاول كلاً من حركة "حماس" وإسرائيل، استخدام ما تملكانه من أوراق ضغط، لتقوية مواقفهما في المفاوضات الجارية الرامية إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين الجانبين، بينما تتواصل الجهود الدولية للتوصل إلى اتفاق على أساس مقترح مصر الأخير، وسط  "تفاؤل حذر".

وبحسب مصادر مطلعة على المفاوضات، فإن الوصول إلى اتفاق بين الطرفين "بات وشيكاً"، وربما يتم التوصل إليه خلال بضعة أيام، إذا تم الانتهاء سريعاً من بعض الإشكاليات التي تعيق التنفيذ، في انتظار رد حركة "حماس" على المقترح المصري.

ويحاول الطرفان الضغط، لإملاء شروطه، بعد أكثر من 200 يوم من الحرب على غزة، إذ لم تعد إسرائيل تملك الكثير من الأهداف في غزة، وسط ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفاً وقرابة نحو 80 ألف مصاب، وفي ظل ضغوط دولية ووسط تقارير إعلامية عن إمكانية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة كبار بالجيش، بينما تستعد تل أبيب لاجتياح رفح.

وقبل المقترح المصري الأخير، عرضت إسرائيل، إطلاق سراح 900 أسير فلسطيني بينهم 100 من الصادر ضدهم أحكام بالسجن مدى الحياة، مقابل 40 محتجزاً إسرائيلياً من المدنيين والمجندات، لكن "حماس" طالبت بأن تطلق إسرائيل سراح 50 أسيراً فلسطينياً مقابل كل مدني إسرائيلي، وأن يجري اختيار الأسرى الفلسطينيين وفق مبدأ الأقدمية، بحيث يطلق سراح من أمضوا أطول فترة اعتقال تباعاً.

لكن مصادر مطلعة، قالت لـ "الشرق"، الأحد، إن ورقة مصر الجديدة قدمت "حلاً وسطاً" بهذا الشأن، إذ جرت صياغة المقترح بالتوافق مع إسرائيل، في الزيارة الأخيرة التي أجراها وفد أمني مصري إلى تل أبيب، الجمعة الماضي، ما يمثل بعض التقدم، خاصة في مجال عودة النازحين الفلسطينين إلى شمال قطاع غزة، وابتعاد قوات الاحتلال الإسرائيلي مسافة كافية عن الطريق المقرر أن يسلكها العائدون.

بنود المقترح المصري

ووفق المصادر المطلعة، فإن الورقة المصرية الجديدة، نصت على إجراء تبادل للأسرى من المدنيين والمجندات، في المرحلة الأولى، وفق الأعداد الموجودة لدى حركة "حماس"، وليس اشتراط إطلاق سراح 40 محتجزاً إسرائيلياً، كما جاء في الورقة السابقة.

وحددت الورقة الجديدة أعداد وفئات الأسرى الفلسطينيين الذين سيجري إطلاق سراحهم مقابل المحتجزين الإسرائيليين المتوقع أن يبلغ عددهم حوالي 33 محتجزاً.

بدورها، قالت مصادر لوكالة أنباء العالم العربي (AWP)، إن الاقتراح المصري يتضمّن "تخلي (حماس) عن شرط الوقف الدائم لإطلاق النار في المرحلة الأولى من الصفقة، وإطلاق سراح ما يقرب من 30 محتجزاً إسرائيلياً، على أن يتم إقرار يوم من الهدنة مقابل كل محتجز إسرائيلي يتم إطلاق سراحه، كما يتضمن المقترح خطوطاً واضحة للمرحلة الثانية من الاتفاق".

وأشار أحد هذه المصادر إلى أن المفاوضات قد تشهد خروج بعض قادة "حماس" من غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، إلى القاهرة لإدارة المفاوضات، وذلك بضمانات ثلاثية من مصر وقطر والولايات المتحدة لعدم مساس إسرائيل بهم.

خلافات بشأن المحتجزين

ورغم ذلك، قالت مصادر سياسية مطلعة على المفاوضات التي تتم بوساطة مصرية وقطرية، إن المقترح المصري يحظى بقبول الطرفين، لكن الإشكالية تتمثل في عدد المحتجزين من الفئات العمرية المختلفة، والطبيعة الوظيفية المحددة في المقترح.

وأضافت المصادر أن فترة التهدئة المطروحة حالياً، تصل إلى 6 أسابيع، لكن ربما يجري تقليصها، إذا لم تفرج الحركة عن أكثر من 20 محتجزاً، مؤكدة أن عقبة المحتجزين يمكن تجاوزها من خلال تعديل عدد أيام التهدئة، لافتة إلى إمكانية إنجاز الصفقة خلال أيام، "فور تجاوز الإشكاليات".

وتوقعت المصادر، أن يتضمن رد "حماس" على المقترح المصري، طلب إيضاحات بشأن عدد المدنيين العائدين إلى شمال غزة وشروط عودتهم، موضحة أن الحركة لم تتخل عن مطلبها بإعلان انتهاء الحرب، لكنها باتت مستعدة لبحث الأمر خلال الهدنة وتنفيذ الجزء الأول من الصفقة.

مطالب "حماس"

وكانت "حماس" قالت سابقاً، إنها استطاعت حصر 20 محتجزاً من كبار السن والمرضى والنساء، بينما يطالب الإسرائيليون بإطلاق سراح ما بين 35 إلى 40 محتجزاً.

وقال مصدر إن هذه العقبة "يمكن تجاوزها من خلال عدد أيام التهدئة التي يمكن التوافق عليها، إذ أن المطروح 6 أسابيع وقد يتم تقليص هذه الأيام إذا لم تتمكن حماس من إطلاق سراح أكثر من 20 محتجزاً".

وأوضح المصدر، أن "حماس لم تتخل حتى الآن عن مطلبها السابق بإعلان انتهاء الحرب على قطاع غزة، لكنها باتت مستعدة لبحث هذا الأمر خلال فترة الهدنة وتنفيذ الجزء الأول من الصفقة".

ولا تريد "حماس" أن يُداهم الجيش الإسرائيلي آخر معاقلها في رفح، بينما تستمر الضغوط الدولية على تل أبيب لمنع اجتاح المدينة التي تؤوي أكثر من مليون نازح فلسطيني، ما يهدد بكارثة إنسانية، فبدأت بالتلويح بأقوى أوراق الحسم لديها والمتمثلة في المحتجزين الإسرائيليين، وعمدت في اليومين الماضيين إلى بث مقاطع فيديو "مؤثرة نفسياً" لبعضهم وهم يحثّون عائلاتهم على ممارسة مزيد من الضغوط على الساسة الإسرائيليين، الذين يرفضون تقديم "تنازلات" ويرفعون شعار "النصر المطلق".

وآخر مقطع مصور تم بثه للمحتجزين كيث سيجال، وعومري ميران، كان طويلاً وتضمن عبارات مؤثرة عاطفياً. والمحتجزان من بلدتي كفر عزة وناحل عوز، وهما أقرب إلى مناطق شمال غزة التي أعلنت إسرائيل مراراً سيطرتها التامة عليها، ما يزيد ورقة الفيديو قوة.

وتصاعدت حدة المظاهرات في إسرائيل خلال الأيام الماضية للمطالبة بصفقة تُفضي إلى تحرير المحتجزين في قطاع غزة، لكن إسرائيل لا تجد في جعبتها ورقة تلوح بها سوى "احتياح رفح"، إذ عمدت وسائل الإعلام الإسرائيلية، الاثنين، إلى نشر خبر مفاده أن رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، صادق على خطط اجتياح رفح.

مساومة إسرائيلية

وفي ظل هذه المعادلة واستنفاد الحرب لأجل أهدافها، يجد رئيس نتنياهو نفسه محاصراً بين فكي كماشة تضغط عليه من كل الاتجاهات، فهناك أهالي المحتجزين من ناحية، بالإضافة إلى الوزراء المؤيدين لإبرام صفقة من ناحية أخرى.

ومن بين هؤلاء الوزراء عضو مجلس الحرب بيني جانتس، الذي قال، الأحد: "إذا تم التوصل إلى خطة مسؤولة لعودة المختطفين بدعم من الجهاز الأمني بأكمله، على نحو لا يعني نهاية الحرب، وقرر الوزراء الذين قادوا الحكومة في السابع من أكتوبر منع تنفيذها، فلن يكون للحكومة الحق في البقاء".

وهناك أيضاً وزراء اليمين الذين يلوحون بحل حكومة نتنياهو، حال مضييها قدماً في قبول المقترح المصري، إذ وصف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الموافقة على الصفقة المصرية، إن تمت، بأنها "استسلام مذل"، كما هدد وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير بـ"حل الحكومة للسبب نفسه".

بدورها، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إنه مع تزايد الضغوط الدولية في الخلفية ضد العمليات الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة، وبالتزامن مع محاولات الوسطاء للتوصل إلى اتفاق جديد لإطلاق سراح المحتجزين، قرر نتنياهو وقف العملية في رفح في الوقت الحالي، بعدما تم بالفعل تحديد موعدين لبدء العملية، لكن إذا فشلت محاولات التوصل إلى اتفاق فمن المتوقع أن تبدأ العملية في المستقبل القريب.

وبحسب هيئة البث، فقد وافقت إسرائيل على سحب قواتها من الممر الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه في إطار ما اعتبرته مزيداً من المرونة في المفاوضات، لكن القناة الـ 12 الإسرائيلية، قالت إنه رغم موافقة الساسة في إسرائيل على الانسحاب من الممر، إلا أن الدوائر الأمنية الإسرائيلية أبدت تحفظاً على مطالبة "حماس" بفتح الممر، خوفاً من عودة مسلحي الحركة إلى شمال قطاع غزة.

"وهم" القضاء على "حماس"

بدوره، كتب الخبير الإسرائيلي في الشؤون العسكرية والأمنية، رونين بيرجمان، مقالاً، الأحد، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ذكر فيه أن محاولة نتنياهو الترويج لفكرة أن اجتياح رفح سيقود لتحرير المحتجزين والقضاء على "حماس"، "هو مجرد وهم".

وقال: "ما تحاول إسرائيل وقادة الطبقة السياسية، وللأسف أيضاً معظم قطاع الأمن، إقناع الناس به هنا، هو أن العملية البرية وحدها ستجلب المخطوفين، على الرغم من أننا نعلم أن حماس قدمت عرضاً مماثلاً تقريباً، ربما حتى أفضل لإسرائيل، قبل أن يتقرر الدخول إلى غزة".

بدوره، كتب القنصل الإسرائيلي السابق في نيويورك، ألون بينكاس، مقالاً نشرته صحيفة "هآرتس"، الأحد، جاء فيه إنه "منذ أن تحولت الحرب إلى حرب استنزاف خالية من الأهداف، بدأت إسرائيل في تسويق غزو رفح كنقطة تحول وهمية تنهي الحرب بشكل حاسم".

واستطرد: "لكن رفح ليست ستالينجراد، ولا هي معركة الثغرة (أكتوبر 1973)، بالتأكيد ليس من الناحية الاستراتيجية، فيما تفكر إسرائيل في هجوم موسع على جنوب لبنان".

تصنيفات

قصص قد تهمك