الأسود والأبيض.. لون هوليوود المفضل الجديد

الملصق الدعائي لفيلم "بلفاست" - Facebook/BelfastMovie
الملصق الدعائي لفيلم "بلفاست" - Facebook/BelfastMovie
لوس أنجلوس -أ ف ب

عادت المشاهد بالأبيض والأسود إلى الشاشة الكبيرة، إذ لوحظ اتجاه إلى اعتمادها في مزيد من الأعمال السينمائية، ومنها فيلما "بلفاست- Belfast" و"تراجيديا ماكبث -The Tragedy of Macbeth" اللذان يسعيان إلى الفوز بجوائز  الأوسكار مساء الأحد. 

وليس "بلفاست" المستوحى من طفولة مخرجه كينيث براناه في أيرلندا الشمالية و"تراجيديا ماكبث" الذي اقتبسه جويل كوين من المسرحية الشكسبيرية، إلا أحدث الأفلام التي قررت الاستغناء عن اللون، توخياً لإضفاء مزيد من الصدقية على الجانب التاريخي للقصة أو لإبراز طابعها الإنساني والحميم.

وشرح كينيث براناه عن "بلفاست" المستوحى من تجربته مع العنف في أيرلندا الشمالية في أواخر ستينيات القرن العشرين، أن الألوان تتيح وصف الأشخاص بطريقة رائعة، لكن اعتماد الأبيض والأسود يجعل المشاهد يشعر بها"، ورُشح الفيلم لسبع فئات من جوائز الأوسكار أبرزها جائزة أفضل فيلم.

ومع أن الألوان تتيح في رأي براناه تقديم "المناظر الطبيعية الخلابة لصحراء أو سلسلة جبلية" بطريقة جذابة، "فإن الوجه البشري يأخذ بالأسود والأبيض بعداً استثنائياً على شاشة عملاقة"، حسب قوله.

ورأى أن استخدام المشاهد غير الملونة "يضفي بُعداً شاعرياً على الأشياء التي لولا ذلك قد تبدو مبتذلة بعض الشيء".

أما مدير التصوير في "تراجيديا ماكبث"، الفرنسي برونو دولبونل، فأوضح أن الهدف من الأسود والأبيض "إضفاء الطابع المسرحي" واللمسة غير الخالدة لهذا الاقتباس من عمل كلاسيكي.

ويؤدي دور ماكبث دينزل واشنطن، الذي يسعى للحصول على جائزة الأوسكار الثانية كأفضل ممثل في مسيرته المهنية الطويلة.

"تجريد وسحر"  

استمر تصوير الأفلام بالأبيض والأسود بانتظام حتى بعد التحوّل إلى الألوان في خمسينيات القرن الماضي، وكانت تلاقي نجاحاً.

وساهم في هذا الازدهار خصوصاً تطور التقنيات التي كانت أقل تكلفة من تلك التي جذبت مشاهدي "ساحر أوز - The Wizard of Oz" أو "ذهب مع الريح -  Gone with the Wind" اللذين أُنتجا عام 1939.

وتوج "الفنان - The Artist" عام 2012 في حفل توزيع جوائز الأوسكار كأفضل فيلم روائي طويل، ولم يكن فقط بالأسود والأبيض بل كان فيلماً صامتاً أيضاً.

وفي الآونة الأخيرة، حصل كل من "روما - Roma" و"مانك - Mank" أيضاً على جوائز هوليوودية عن تصويرهما، غير أن الاتجاه تعزز هذه السنة إذ يميل مزيد من الأفلام إلى تدرجات الرمادي.

وقال مايك ميلز الذي تولى إخراج فيلم "كامون كامون" (c'mon c'mon) من بطولة جواكين فينيكس مازحاً: "اجتمعنا جميعاً.. لقد كان اجتماعاً لنقابة المخرجين".

واستغنى فينكس هو الآخر عن الألوان في فيلمه الذي كان هذا الشهر ينافس على جائزة "بافتا" السينمائية البريطانية.

"التمييز العنصري"

وفي فيلم "تمرير - Passing"، من بطولة روث نيجا التي رشحت لمجموعة من الجوائز السينمائية، وفازت بجائزة "سبيريت اواردز" للسينما المستقلة، تُستخدم هذه التقنية لتسليط الضوء بشكل أفضل على التمييز العنصري.

ويتناول هذا الفيلم للمخرجة ريبيكا هول، قصة امرأة سوداء تعيش في نيويورك في عشرينيات القرن الماضي، وتلتقي صديقة طفولتها، التي تتظاهر مثلها بأنها بيضاء اللون بسبب شحوب بشرتها.

وأوضحت المخرجة خلال مهرجان ساندانس قائلة: "لم يكن اختيار الأبيض والأسود مجرد أسلوب. شعرت بأنه كان خياراً من حيث المفهوم لصنع فيلم عن التمييز على أساس لون البشرة، بحيث يكون مطهراً من الألوان كلها".

وتابعت ريبيكا هول قائلة: "ننظر إلى الوجوه ثم نصنفها على الفور ونضعها في فئات، وينتهي الأمر أن نضفي على الفئات أهمية لكن غالباً ما تكون سخيفة".

صدفة

ولكن هل لا يعدو الانتشار الحالي لمشاريع الأفلام بالأسود الأبيض كونه محض مصادفة؟

أشار بعض الخبراء إلى اتجاهات مماثلة على إنستجرام ووسائل التواصل، ما قد يفسر سبب استحواذ هذه الأفلام على اهتمام الجمهور بعدما كانت توحي له سابقاً بأنها أفلام قديمة الطراز أو فكرية أو مملة.

وكتبت أليسا ويلكنسون من مجلة "فوكس" الثقافية: "نظراً إلى أننا اعتدنا مشاهدة صور خضعت إلى تغيير في ألوانها، كالصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو بالأسود والأبيض، قد تصبح أقل ارتباطاً بالماضي وبدأنا ننظر إليها فقط كخيار جمالي".

أما مايك ميلز فاعتبر الأسود والأبيض "تجريدياً" لدرجة أنه يؤثر بطريقة "سحرية على المشاهد" تقريباً، مضيفاً: "لم نعد في العالم الحقيقي. لقد انطلقنا في قصة، في الفن".

اقرأ أيضاً: