طائرات F-16 تصل أوكرانيا.. تفاؤل في كييف وسط رهانات محدودة على تغيير المعادلة أمام روسيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ينظر إلى طائرة مقاتلة من طراز F-16 أثناء إحياء يوم القوات الجوية الأوكرانية في مكان غير معلوم بأوكرانيا. 4 أغسطس 2024 - Reuters
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ينظر إلى طائرة مقاتلة من طراز F-16 أثناء إحياء يوم القوات الجوية الأوكرانية في مكان غير معلوم بأوكرانيا. 4 أغسطس 2024 - Reuters
دبي -عبد السلام الشامخ

بعد طول انتظار، حلّقت مقاتلات F-16 في سماء كييف، في لحظة فارقة في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، التي دخلت منعطفاً جديداً، إذ تثار تساؤلات عديدة بشأن قدرات هذه الطائرة النفاثة في تغيير قواعد الاشتباك، لاسيما في ظل التقدم التكتيكي للقوات الروسية في الجبهات الميدانية.

وتعهدت دول غربية، بما فيها الولايات المتحدة، بإرسال 65 طائرة F-16 إلى كييف، وقد وصل بعضها إلى أوكرانيا.

وأعطى الرئيس الأميركي جو بايدن، الضوء الأخضر في أغسطس 2023 لنشر طائرات F-16 المستعملة في أوكرانيا، على الرغم من أن الولايات المتحدة لن توفر أيًا من طائراتها الخاصة. وتعهدت بلجيكا والدنمارك وهولندا بتزويد أوكرانيا بأكثر من 60 طائرة منها خلال الأشهر المقبلة في ما قد يكون تدفقاً بطيئاً للتسليم.

وستعزز طائرات F-16 القوة العسكرية لأوكرانيا، من خلال تعريض المزيد من الأهداف الروسية للخطر، وبالتالي اكتساب المزيد من النفوذ في الحرب، وعلى طاولة المفاوضات. ولكن محللين تحدثوا إلى "الشرق" يقولون إن هذه الطائرات لن تغير مجرى الحرب بمفردها، وبالتالي لن يكون لها تأثير جذري في ساحة المعركة.

وتشير بعض التقديرات إلى أن حجم أسطول المقاتلات، الذي تحتاجه أوكرانيا كان 69 طائرة في مارس 2023. ووفقاً لمعايير حلف شمال الأطلسي "الناتو"، قد لا يزيد هذا العدد من الطائرات عن 3 أسراب مقاتلة (بواقع 18 طائرة لكل سرب).

وتحتاج أوكرانيا إلى ما يقرب من 12 سرباً مقاتلًا لتحقيق الدعم الجوي اللازم للحرب على الأرض، مع أربعة أسراب مسؤولة بشكل أساسي عن كل مجموعة من المهام الأساسية: (1) قمع الدفاعات الجوية للعدو، (2) الحظر الجوي، و(3) الدفاع الجوي المضاد، ويتطلب هذا الهدف 216 طائرة "F-16"، بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، في أعقاب التقارير الأولية التي تفيد بأن الطائرات من الجيل الرابع وصلت إلى أوكرانيا، إن الجنود الروس عُرضت عليهم بالفعل مكافآت لتدمير هذه الطائرات في ساحة المعركة. وأشارت كييف إلى أن بعض الطائرات سيتم تخزينها في قواعد خارج حدود أوكرانيا لحمايتها.

وتخطط الدنمارك وهولندا وبلجيكا لشحن أكثر من 60 طائرة إلى كييف هذا الصيف. ويزعم الأوكرانيون أن القدرة على تحليق المزيد من طائرات F-16 ستساعد كييف في صد القوات الروسية عن الخطوط الأمامية في مناطق مثل خاركيف، حيث تقدمت موسكو في الأشهر الأخيرة. ومع ذلك، قالت الولايات المتحدة إنها لا تتوقع أن تكون الطائرات قادرة على تغيير قواعد اللعبة في ساحة المعركة.

السيطرة على السماء

الخبير العسكري والاستراتيجي خليل الحلو، أشار في تصريحات لـ"الشرق"، إلى أن الطائرات، التي حصلت عليها أوكرانيا، تم تزويدها بأنظمة صواريخ متوسطة المدى جو جو AGM-88 HARM، تصل مداها إلى ما بين 80 إلى 100 كيلومتر، لافتاً إلى أن هذه الطائرات متعددة المهام، ولها أدوار اعتراضية سواء للصواريخ أو الطائرات الروسية.

وأضاف أن الرادارات المتقدمة التي تمتلكها الطائرة الأميركية ستسمح للطيارين الأوكرانيين بتحديد الأهداف على مسافة أبعد مما يستطيعون تحديده بطائراتهم من طراز "ميج-29" و"سو-27" و"سو-24".

اقرأ أيضاً

بوتين: طائرات F-16 يمكنها حمل أسلحة نووية لكنها لن تغير الوضع في أوكرانيا

نقلت وكالات أنباء روسية عن الرئيس فلاديمير بوتين قوله للعسكريين، الأربعاء، إنه إذا زودت الدول الغربية أوكرانيا بمقاتلات F-16، فإن تلك الطائرات لن تغير الوضع

ويمكن لطائرات F-16 أن تحمل صواريخ "كروز ستورم شادو" التي تطلق من الجو، بمدى يزيد عن 250 كيلومتراً، والتي قد تضرب أهدافاً داخل روسيا. وقد تحصل كييف أيضاً على صواريخ جو-جو بعيدة المدى، من شأنها أن تهدد القاذفات والطائرات المقاتلة الروسية.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، إن أوكرانيا استلمت وتستخدم بالفعل أول دفعة من طائرات F-16 المقاتلة.

ورفض المسؤولون الإفصاح عن عدد الطائرات التي ستتسلمها أوكرانيا هذا العام، ولكن لن يكون هناك أكثر من سرب واحد، أي نحو 20 طائرة. وكان من المتوقع أن يكمل 6 طيارين فقط التدريب هذا الصيف، لأن البرنامج به عدد محدود من الأماكن وأوكرانيا لديها عدد قليل من الطيارين الاحتياطيين، حسبما نقلته "نيويورك تايمز".

واعتبر الحلو في حديثه مع "الشرق"، أن ردارات F-16 لها صفات متعددة تتفوق على نظيرتها سوخوي، كما حجم الطائرة الروسية أكبر وهو ما يجعلها مكشوفة أمام الردارات الأميركية، إذ أن البصمة الرداراية تكشف بسهولة على طائرة F-16.

ويمكن لرادار طائرة F-16، اكتشاف الأهداف على بعد حوالي 125ميلاً، مما يجعلها أكثر أماناً، لأن الطيارين لا يضطرون للاقتراب من الطائرات المعادية لإطلاق النار عليها.

وبينما توفر هذه المقاتلات تحسيناً، مقارنة بالطائرات الأوكرانية الحالية، إلا أنها لا تزال مقاتلة من جيل أقدم مقارنة بالقوة الجوية الروسية الأحدث والأكثر تطوراً، وفق "واشنطن بوست".

وتُمثل السيطرة على السماء جزءاً جوهرياً من الحملة البرية في الحرب، إذ توفر الطائرات غطاء جوياً للقوات، لكن دعم تحركات القوات الأوكرانية على الخط الأمامي بهجمات أرضية ربما يُشكل خطراً بالغاً على مقاتلات F-16، بالنظر إلى تقدم أنظمة الدفاع الجوي التي تمتلكها موسكو.

وفي هذا الصدد، يؤكد الحلو، أن الطائرات المقدمة لكييف يمكن تزويدها بأنظمة تستهدف الأهداف الأرضية على علو يتجاوز 7 كيلومتراً، وعن بعد يتجاوز الخمسين كيلومتراً.

ويمكن أن يكون لمقاتلات F-16 تأثيراً سيكولوجياً على الطيارين الروس، وأن تقدم دفعة معنوية للأوكرانيين ضد قوات الكرملين، بحسب "أسوشيتد برس".

الاقتراب من خطوط المواجهة المباشرة

تستطيع طائرات F-16 حمل مجموعة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الغربية قصيرة وطويلة المدى. ويُسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحة غربية بعيدة المدى ضد أهداف روسية في أوكرانيا.

ورغم أن أوكرانيا كانت مقيدة في السابق باستخدام الأسلحة الغربية لضرب أهداف في روسيا، فإن الدول الغربية التي تبرعت بطائرات F-16 لم تكشف عن أي قيود على كيفية نشرها.

لكن المسؤولين الأوكرانيين والغربيين، قالوا إن الطائرات المقاتلة من غير المرجح، أن تحلق على مقربة شديدة من خطوط المواجهة، لأن عددها قليل للغاية، وهناك الكثير من أنظمة الدفاع الجوي الروسية القادرة على إسقاطها، وفق "نيويورك تايمز".

وقال الجنرال هشام جابر الخبير الاستراتيجي، ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث في بيروت، لـ"الشرق" إن تزويد كييف بطائرات حربية من طراز F-16 "لن يغير من قواعد الاشتباك على الأرض، ولن يكون هناك تغييراً دراماتيكياً في الجبهة".

وقال المسؤولون الغربيون، إن الطائرات الأولى من طراز F-16، من المرجح أن تعزز الدفاعات الجوية لأوكرانيا، وتدمر الصواريخ والطائرات بدون طيار والطائرات القادمة.

وقالت ميشيل ميس كوران، وهي طيارة سابقة لطائرات F-16، لصحيفة "واشنطن بوست"، الشهر الماضي: "أعتقد أن الناس ينتظرون هذه اللحظة الحاسمة لوصول الطائرات وتحول كل شيء، لكن الأمر لا يسير على هذا النحو. إنه أمر مثير، لكن يتعين علينا أن نتحلى بقليل من الصبر لرؤية النتائج".

لكن في المقابل شدد الجنرال جابر في حديثه مع "الشرق"، على أن هذه الطائرات يمكن أن تساعد القوات الأوكرانية على الأرض من خلال إسنادها وضمان تقدمها، لأن القوات البرية لا تستطيع التقدم بدون تغطية جوية، بسبب طبيعة التضاريس وطبيعة المعركة مع القوات الروسية.

وقال جابر، إن أي تجاوز لخطوط المواجهة المباشرة من قبل هذه الطائرات سيتم إسقاطها من قبل القوات الروسية، التي عبرت في وقت سابق أنها لن تتردد في مهاجمتها وتحطيمها.

تصنيفات

قصص قد تهمك