أظهرت دراسة حديثة، أجراها باحثون في كلية "وايل كورنيل للطب"، دوراً غير متوقع لإنزيم EZH2 في تعزيز نمو أورام سرطان البروستاتا العدوانية المقاومة للعلاج.
ويلعب إنزيم EZH2 دوراً مهماً في تنظيم التعبير الجيني داخل الخلايا، من خلال تعديل بنية الحمض النووي، وإضافة علامات كيميائية تُعرف باسم "ميثيل الهيستون" (Histone methylation). ويؤدي هذا التعديل إلى تثبيط أو تعطيل بعض الجينات، بما في ذلك الجينات التي تمنع نمو الأورام.
وفي الحالات الطبيعية، يساهم هذا الإنزيم في تنظيم العمليات الخلوية، لكن نشاطه المفرط يرتبط بتطور العديد من أنواع السرطان، حيث يُعزز نمو الخلايا السرطانية، ويُساعدها على مقاومة العلاجات.
سرطان البروستاتا
وتوفر النتائج، المنشورة في دورية "نيتشر كومينكيشنز" Nature Communications، إمكانات جديدة لتطوير علاجات للمرضى الذين يواجهون خيارات محدودة، وتساهم في التقدم الكبير في فهم كيفية تطور مقاومة سرطان البروستاتا المتقدم للعلاجات التي تستهدف مستقبلات الأندروجين أو "هرمون الذكورة" (Androgen).
ويُعد سرطان البروستاتا أحد الأسباب الرئيسية لوفيات السرطان بين الرجال.
وبينما تستجيب معظم سرطانات البروستاتا في البداية للعلاجات التي تستهدف مستقبلات الأندروجين، يتحول بعضها إلى شكل عدواني ومقاوم للعلاج يُعرف بـ"سرطان البروستاتا العصبي الصماوي".
وفي هذا النوع من السرطان، لا تعتمد الخلايا السرطانية على إشارات الأندروجين، مما يجعل علاجها تحدياً كبيراً.
النمو العدواني للأورام
وكشفت النتائج أن غياب بروتين يُسمّى (PKCλ/ι) في خلايا سرطان البروستاتا يُمكّن إنزيم EZH2 من تعزيز النمو العدواني للأورام حتى في وجود مثبطات مستقبلات الأندروجين.
وبروتين (PKCλ/ι) أحد أنواع البروتينات المسؤولة عن تنظيم إشارات داخل الخلية، وهو ينتمي إلى عائلة من الإنزيمات تُسمّى "بروتين كيناز" (Protein kinase).
ويلعب هذا البروتين دوراً مهماً في الحفاظ على التوازن داخل الخلايا، بما في ذلك تنظيم نموها وانقسامها ووظائفها الطبيعية، كما يعمل أيضاً كمثبط لنشاط إنزيمات مثل EZH2، مما يحد من قدرتها على تعزيز نمو الأورام السرطانية.
وعندما يغيب هذا البروتين في خلايا سرطان البروستاتا، يفقد الجسم إحدى آلياته الدفاعية، مما يسمح بنشاط مفرط للإنزيمات التي تساهم في تطور السرطان وانتشاره.
طرق علاجية جديدة للسرطان
وأظهرت التجارب العلمية التي أُجريت في المختبر، وعلى نماذج حيوانية أن تعطيل الوظائف غير التقليدية لإنزيم EZH2 قد يكون له دور كبير في تطوير طرق علاجية جديدة، ما يعني إمكانية استخدام تقنيات، أو أدوية تستهدف هذه الأنشطة البديلة للإنزيم، بهدف وقف نمو الأورام، أو التغلب على مقاومة السرطان للعلاجات الحالية.
كما أثبتت أيضاً أن استهداف هذا المسار قد يعزز فعالية العلاج المناعي، الذي لم يُحقق نجاحاً كبيراً عند استخدامه بمفرده لعلاج سرطان البروستاتا.
وأشار الباحثون إلى أن غياب بروتين (PKCλ/ι) يخلق ضعفاً فريداً في الخلايا السرطانية، مما يفتح الباب أمام إمكانية الجمع بين مثبطات EZH2 والعلاجات المستهدفة لمستقبلات الأندروجين لوقف نمو الأورام بشكل فعَّال.
ومع ذلك، حذّر العلماء من أن تثبيط EZH2 في الأورام التي تحتوي على مستويات مرتفعة من بروتين (PKCλ/ι) قد يؤدي إلى تأثيرات عكسية، مما يؤكد الحاجة إلى تصميم علاجات دقيقة تتناسب مع حالة كل مريض.