بعد ظهوره في العراق.. أسباب الكوليرا وطرق الوقاية والعلاج

عقاقير من لقاح ضد "الكوليرا" وزعتها منظمة الصحة العالمية للاجئين في بنجلاديش- 10 أكتوبر 2017 - REUTERS
عقاقير من لقاح ضد "الكوليرا" وزعتها منظمة الصحة العالمية للاجئين في بنجلاديش- 10 أكتوبر 2017 - REUTERS
بالتعاون مع مايو كلينيك -الشرق

"الكوليرا" مرض بكتيري عادةً ما ينتشر عن طريق الماء الملوّث، يتسبب للأشخاص المصابين به بإسهال وجفاف شديد، وعلى الرغم من أنه قابل للعلاج، لكن قد يكون قاتلاً خلال ساعات قليلة، حتى لدى الأشخاص الذين كانوا أصحاء سابقاً.

وشهدت الأيام القليلة الماضية ظهور المرض في العراق، خاصة في محافظة السليمانية حيث أودى بحياة اثنين وتم تسجيل مئات الإصابات.

وفي حين قُضي فعلياً على "الكوليرا" في البلدان الصناعية بواسطة الصرف الصحي الحديث ومعالجة المياه، لا يزال منتشراً في إفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وهايتي، وبعض مناطق الشرق الأوسط.

ويرتفع خطر الإصابة بوباء "الكوليرا" عندما يُرغِم الفقر أو الحرب أو الكوارث الطبيعية الأشخاص على العيش في تجمعات مزدحمة، دون وجود مرافق صرف صحي ملائمة.

ورغم ذلك، يُمكن علاج هذا الوباء بسهولة، حيث بالإمكان تفادي الوفاة بسبب الجفاف الشديد، عن طريق استخدام محلول إمهاء بسيط وغير مكلِّف.

الأعراض

لا يمرض أغلب المصابين بـ"الكوليرا" (فيبريو كوليرا) ولا يعرفون أنهم أصيبوا بالعدوى من الأساس، لكن بالنظر لحقيقة أن بكتيريا "الكوليرا" توجد في برازهم لفترة تتراوح ما بين 7 أيام و14 يوماً، فبإمكانهم نقل العدوى للآخرين عن طريق المياه الملوثة.

أطفال عراقيون يلعبون في أحد المستنقعات شرق بغداد- 20 سبتمبر 2015 - REUTERS
أطفال عراقيون يلعبون في أحد المستنقعات شرق بغداد- 20 سبتمبر 2015 - REUTERS

وأعراض أغلب حالات المرض تكون عبارة عن إسهال بسيط أو معتدل، يصعب تفرقته عن الإسهال الناتج عن أية مشكلة صحية أخرى، بينما يُصاب البعض الآخر بمؤشرات وأعراض شديدة، غالباً ما تظهر خلال عدة أيام من الإصابة بالعدوى.

ويحدث الإسهال الناتج عن الكوليرا فجأةً وقد يُسبب فقداناً كبيراً لسوائل الجسم، يصل إلى ربع جالون (حوالي 1 لتر) في الساعة، وعادةً ما يبدو الإسهال الناتج عن "الكوليرا" باهتاً وحليبياً، ويشبه مياه الأرز.

وكذلك يُعاني المصاب بـ"الكوليرا" من الغثيان والقيء، والذي يحدث في المراحل الأولى من المرض ويمكن أن يدوم لساعات.

أما الجفاف، فقد يحدث بعد ساعات من ظهور الأعراض، وتتراوح حدته من بسيط لحاد، ومن علاماته فقدان 10% أو أكثر من وزن الجسم، وسهولة الاستثارة، والإرهاق، وغور العينين، وجفاف الفم، والعطش الشديد، وجفاف وذبول الجلد الذي عند قرصه يعود ببطء لموضعه الأصلي، وقلة التبوُّل أو انعدامه، وانخفاض ضغط الدم، واضطراب ضربات القلب.

ويسبب الجفاف فقدان المعادن من الجسم بسرعة، وهي المسؤولة عن الحفاظ على توازن السوائل في جسمك، ويُعرَف ذلك باضطراب الشوارد.

الوفاة

يُمكن أن تؤدي اضطرابات "الكهرل" إلى الإصابة بمؤشرات وأعراض خطيرة، مثل تقلصات مؤلمة في العضلات، تنتج عن الفقدان السريع للأملاح، مثل الصوديوم والكلوريد والبوتاسيوم.

وتلعب الكهارل (جمع الكهرل) دوراً حيوياً في المحافظة على استتباب الجسم، وتساهم في تنظيم الوظائف القلبية والعصبية، وتوازن السوائل، ونقل الأكسجين، والتوازن الحمضي القلوي، والكثير أيضاً.

وتُعد الصدمة من مضاعفات الجفاف الأكثر خطراً، وتحدث حين يتسبب انخفاض كمية الدم بانخفاض ضغط الدم، وانخفاض كمية الأكسجين في الجسم.

وفي حالة عدم معالجة هذه الحالة، يمكن أن تؤدي صدمة نقص حجم الدم الشديدة إلى حدوث الوفاة.

فريق طبي يرش معمقاً في مركز لعلاج
فريق طبي يرش معمقاً في مركز لعلاج "الكوليرا" في موزمبيق- 29 مارس 2019 - REUTERS

متى تزور الطبيب؟

خطر "الكوليرا" طفيف في الدول الصناعية، وحتى في المناطق التي ينتشر بها، من غير المحتمل أن تُصاب بالعدوى إذا اتبعت توصيات سلامة الغذاء.

ومع ذلك، تحدث حالات "الكوليرا" في جميع أنحاء العالم. فإذا أُصبت بإسهال شديد بعد زيارة منطقة بها "كوليرا نشطة، استشر طبيبك.

وإذا كان لديك إسهال، خاصة الإسهال الشديد، وتعتقد أنك ربما تكون قد تعرضت لـ"الكوليرا"، فاطلب العلاج على الفور، فالجفاف الشديد حالة طبية طارئة تستلزم رعاية فورية.

أسباب العدوى

تنتج عدوى "الكوليرا" بسبب أحد أنواع البكتيريا، يُسمى "ضمة الكوليرا".

والآثار المميتة للمرض هي نتيجة لسم تفرزه البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، يتسبب في إفراز الجسم لكميات هائلة من الماء، ما يؤدي إلى الإسهال وفقدان سريع للسوائل والأملاح (الكهارل).

 وربما لا تسبب بكتيريا "الكوليرا" المرض لدى جميع الأشخاص الذين يتعرضون لها، لكن لا تزال تمرر البكتيريا في البراز، وهي يمكن أن تلوث الطعام وإمدادات المياه.

وتُعد المياه الملوثة المصدر الرئيسي لعدوى "الكوليرا"، وقد توجد البكتيريا في سطح التربة أو مياه الآبار.

ويمكن أن يعرضك تناول الأسماك القشرية النيئة أو غير المطبوخة جيداً، وخاصة الأسماك القشرية، التي تأتي من أماكن معينة، للإصابة ببكتيريا "الكوليرا".

وكذلك تعتبر الفواكه والخضروات النيئة غير المقشرة مصدراً متكرراً لعدوى الكوليرا في المناطق، لاسيما في البلدان النامية، حيث يمكن أن تلوث الأسمدة أو مياه الري التي تحتوي على مياه الصرف الصحي الخام الخضار والثمار في الحقل.

وفي المناطق، التي تنتشر فيها الكوليرا على نطاق واسع، يمكن للحبوب مثل الأرز والدخن الملوثة بعد الطهي التي تُحفَظ في درجة حرارة الغرفة لعدة ساعات أن تنمو فيها بكتيريا "الكوليرا".

This undated handout photograph released by Philippine's Ramon Magsaysay Foundation on August 31, 2021 shows Bangladeshi scientist Firdausi Qadri (L) administering an oral cholera vaccine to a man in Dhaka. - A Bangladeshi scientist who helped develop a cheap oral vaccine against cholera, a Pakistani microfinance pioneer and a Filipino fisherman were among the winners of Asia's equivalent to the Nobel Prize. (Photo by - / Ramon Magsaysay Foundation / AFP) / -----EDITORS NOTE --- RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY CREDIT
رجل من بنجلاديش يتلقى لقاحاً ضد الكوليرا، في العاصمة دكا، في 31 أغسطس 2021- AFP

الرضّع استثناء

جميع الأشخاص معرضون للإصابة بـ"الكوليرا"، باستثناء الرضع الذين يحصلون على المناعة من الأمهات المرضعات اللائي سبق لهن الإصابةبالمرض، ومع ذلك، هناك عوامل معينة يُمكن أن تجعلك أكثر عرضة للإصابة بالمرض أو أكثر عرضة للإصابة بعلامات وأعراض حادة.

وأنت أكثر عرضة للإصابة بالكوليرا إذا كنت تعيش مع شخص مصاب بالمرض.

ولأسباب غير واضحة تماماً، يكون احتمال إصابة الأشخاص الذين يحملون فصيلة الدم (O) بـ"الكوليرا" ضعف احتمال الإصابة لدى الأشخاص ممن يحملون فصيلة دم أخرى.

وعلى الرغم من أن الدول الصناعية لم تعد تُصاب بتفشي الكوليرا على نطاق واسع، فإن تناول الأسماك القشرية من المياه المعروف أنها تأوي البكتيريا يزيد من خطر الإصابة.

مضاعفات قاتلة

يُمكن أن تُصبح الكوليرا من أسرع الأمراض القاتلة. فقد يُؤدِّي الفقد السريع لكميات كبيرة من السوائل والكهارل إلى الموت في غضون ساعات، في معظم الحالات الحادَّة. أمَّا في الحالات الأقل حِدَّةً، فقد يموت المرضى الذين لم يتلقَّوا العلاج بعد ساعات أو أيام من ظهور أول أعراض الكوليرا؛ وذلك بسبب الجفاف وهبوط الدورة الدموية.

على الرغم من أن الجفاف وهبوط الدورة الدموية هما أسوأ مضاعفات الإصابة بالكوليرا؛ إلا أن مشكلات أخرى قد تحدث، فعندما تفقد الكُلى قدرتها على الترشيح، تتراكم كميات زائدة من السوائل، وبعض الكهارل، والفضلات في الجسم، الأمر الذي قد يُشكل خطراً على الحياة. وغالباً ما يترافق الفشل الكلوي بالهبوط الدموي عند المرضى المصابين بـ"الكوليرا".

الوقاية.. تجنّب "السوشي"

إذا كنت مسافرًا إلى مناطق معروفة بتفشِّي الكوليرا، فإن خطر إصابتك بالمرض منخفض للغاية إذا اتبعت هذه الاحتياطات:

اغسل يديك بالصابون والماء بشكل متكرِّر.

واشرب الماء الآمن فقط، بما في ذلك المياه المعبَّأة في زجاجات أو الماء الذي قمت بغليه أو تعقيمه بنفسك. استخدم المياه المعبأة حتى لتنظيف أسنانك.

وتعتبر المشروبات الساخنة آمنة بشكل عام، مثل المشروبات المعلبة أو المعبأة في زجاجات، ولكن امسح الزجاجة من الخارج قبل فتحها.

ولا تضف الثلج إلى مشروباتك إلا إذا صنعته بنفسك باستخدام مياه آمنة.

وتناول الطعام المطبوخ والساخن، وتجنّب طعام الباعة المتجولين، إن أمكن.

وإذا اشتريت وجبة طعام من بائع متجول، فتأكد من طهيها في حضورك وتقديمها ساخنة.

وتجنَّب السوشي، وكذلك الأسماك والمأكولات البحرية النيئة أو المطبوخة بشكل غير صحيح من أي نوع.

والتزم بالفواكه والخضروات التي يمكنك تقشيرها بنفسك، مثل الموز والبرتقال والأفوكادو، وابتعد عن السلطات، والفواكه التي لا يمكن تقشيرها مثل العنب والتوت.

لقاح الكوليرا

بالنسبة للبالغين المسافرين من الولايات المتحدة إلى المناطق الموبوءة بمرض "الكوليرا"، من الأفضل الحصول على لقاح يسمى "فاكسكورا"، ويُؤخذ كجرعة سائلة عن طريق الفم قبل 10 أيام على الأقل من السفر.

ويتوفر أيضاً في العديد من البلدان الأخرى لقاحات عن طريق الفم.

هذا المحتوى من مايو كلينيك*

تصنيفات