دراسة: تحليل دم للنساء يتنبأ بالإصابة بأمراض القلب قبل 30 عاماً من حدوثه

تحليل الدم للنساء في سن الثلاثين يساعد على توقع أخطار الإصابة بأمراض القلب لمدة 30 سنة أخرى، صورة تعبيرية - escardio.org
تحليل الدم للنساء في سن الثلاثين يساعد على توقع أخطار الإصابة بأمراض القلب لمدة 30 سنة أخرى، صورة تعبيرية - escardio.org
القاهرة-محمد منصور

حدد بحث جديد منشور في دورية "نيو إنجلاند الطبية" The New England Journal of Medicine ثلاث مؤشرات حيوية يمكنها التنبؤ بخطر إصابة المرأة بـ"أمراض القلب، والأوعية الدموية" قبل أكثر من 30 عاماً من حدوثها.

وأوضح الباحثون عند تقديم نتائجهم في اجتماع "الجمعية الأوروبية لطب القلب" السنوي في لندن، والذي بدأ الجمعة، ويستمر حتى الاثنين، أن الدراسة أظهرت للمرة الأولى أن تحليل الدم البسيط يجعل من الممكن تقدير حجم خطر إصابة أي امرأة بأمراض القلب والأوعية الدموية على مدى الثلاثة عقود التالية.

وتسلط النتائج الضوء على أهمية قياس نوعين من الدهون في مجرى الدم - كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) والبروتين الدهني (أ) إلى جانب البروتين التفاعلي سي (CRP)، وهو أحد مؤشرات الالتهاب المعروفة.

واستندت الدراسة إلى بيانات من دراسة صحة المرأة، والتي شملت نحو 28 ألف سيدة في الولايات المتحدة. وتم متابعة هؤلاء النساء، اللاتي بدأن المشاركة بين عامي 1992 و1995 بمتوسط عمر 55 عاماً، لمدة 30 عاماً.

وخلال هذه الفترة، عانت 3662 مشاركة من مشكلات قلبية وعائية كبرى، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية والجراحات لاستعادة الدورة الدموية أو الوفيات المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وقام الباحثون بتقييم القوة التنبؤية لبروتين (سي) التفاعلي عالي الحساسية وكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة وبروتين الدهنيات منخفض الكثافة (أ) لهذه المشكلات، بشكل فردي وجماعي. كما تم تجميع المشاركين في 5 فئات بناء على مستويات كل علامة، من الأعلى إلى الأدنى.

أخطار الكوليسترول الضار

وذكرت الدراسة أن النساء ذوات المستويات الأعلى من كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة كان لديهن خطر متزايد بنسبة 36% للإصابة بأمراض القلب مقارنة بالنساء ذوات المستويات الأدنى.

كما وجدت أن السيدات اللائي لديهن مستويات أعلى من بروتين الدهنيات منخفض الكثافة لديهن زيادة في المخاطر بنسبة 33%.

وواجهت المشاركات ممن لديهن مستويات أعلى من البروتين التفاعلي (سي) زيادة في المخاطر بنسبة 70%.

والبروتين الدهني منخفض الكثافة هو نوع من الكوليسترول يُعرف باسم "الكوليسترول الضار" ويتكون من البروتينات الدهنية التي تحمل الكوليسترول من الكبد إلى خلايا الجسم.

وعندما تكون مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة مرتفعة جداً، يمكن أن يتراكم الكوليسترول على جدران الشرايين، ما يؤدي إلى تضييقها وتصلبها، وهو ما يُعرف بـ"تصلب الشرايين".

أما البروتين الدهني (أ)، فهو نوع من البروتينات الدهنية التي تحتوي على الكوليسترول، ويُعتبر نوعاً معدلاً من البروتين الدهني منخفض الكثافة وهو عامل وراثي خطر لأمراض القلب والأوعية الدموية، إذ يمكن أن يسهم في تكوين الترسبات الدهنية في الشرايين.

وينتج البروتين التفاعلي (سي) في الكبد استجابة للالتهاب في الجسم، ويُعتبر علامة على وجود التهاب مزمن يمكن أن يكون مرتبطاً بعدد من الأمراض، بما في ذلك أمراض القلب.

وعندما يكون مستوى البروتين التفاعلي (سي) مرتفعاً، يشير هذا إلى وجود التهاب في الجسم، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم أمراض القلب وتصلب الشرايين.

وعندما تم النظر في جميع العلامات الثلاث معاً، تصاعد الخطر بشكل كبير.

وكان لدى النساء ممن لديهن أعلى مستويات في جميع العلامات الثلاث خطر متزايد للإصابة بالسكتة الدماغية بأكثر من 1.5 مرة، وزيادة في خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية بأكثر من 3 مرات مقارنة بأولئك الذين لديهن أدنى مستويات.

وأكدت الدراسة على التفاعل المعقد بين الدهون والالتهابات في زيادة مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية.

وأشار الباحثون إلى أنه في السنوات الأخيرة، كشفت الدراسات عن كيفية تفاعل المستويات المتزايدة من الالتهاب مع الدهون لتفاقم مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، وتؤكد النتائج الحديثة أن المستويات المنخفضة أفضل غالباً.

وأوضحت الدراسة أن الجهاز المناعي، الذي يعمل عادة على إصلاح الجسم من الجروح أو الالتهابات، يمكن أن يساهم في الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية عندما يستشعر زيادة الكوليسترول أو تراكم اللويحات في الشرايين.

ويمكن أن تؤدي البيئة الالتهابية المفرطة الناتجة إلى تكوين أو نمو أو تمزق اللويحات، ما يؤدي إلى حدوث مشكلات قلبية وعائية.

وأكد الدكتور بول ريدكر، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة ومدير مركز الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية بمستشفى "بريجهام آند ومين" في بوسطن، على أهمية الاكتشاف المبكر في الوقاية من أمراض القلب.

وقال ريدكر: "الفحوص الثلاثة مستقلة تماماً عن بعضها البعض، وتوضح لنا مشكلات حيوية مختلفة تواجهها كل امرأة على حدة".

وأشار إلى أنه "لا يمكننا علاج ما لا نقيسه، ونأمل أن تساعد هذه النتائج في تقريب المجال من تحديد طرق مبكرة للكشف عن أمراض القلب والوقاية منها".

وأوضح ريدكر أن أغلب النساء في الدراسة كنّ من الأميركيات ذوات البشرة البيضاء، لكن النتائج من المرجح "أن يكون لها أثر أكبر بين ذوات البشرة السوداء والنساء من أميركا اللاتينية اللاتي يوجد بينهن تفش مرتفع للالتهابات غير المكتشفة أو المعالجة".

وأضاف: "هذه مشكلة عالمية". وتابع: "نحتاج إلى فحص عالمي للبروتين المتفاعل عالي الحساسية، وللبروتين الدهني (A)، بالضبط مثلما نجري فحوصاً عالمية للكوليسترول".

وشدد الباحثون على أهمية الوقاية الأولية، وتشمل الاستراتيجيات الرئيسية النشاط البدني المنتظم، واتباع نظام غذائي صحي للقلب، وإدارة الإجهاد، وتجنب التدخين أو الإقلاع عنه. 

وبالنسبة للأشخاص الذين لديهم مخاطر مرتفعة، قد تكون الأدوية لخفض الكوليسترول والحد من الالتهاب ضرورية.

ويمكن أن تؤدي التدخلات المبكرة والجهود المستمرة للحفاظ على صحة القلب إلى نتائج أفضل بمرور الوقت.

تصنيفات

قصص قد تهمك