"تسريع البرنامج النووي" خيار إيراني محتمل لتدارك الخسائر أمام إسرائيل

منشأة نووية إيرانية لتخصيب اليورانيوم في نطنز على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة الإيرانية طهران، 30 مارس 2005 - REUTERS
منشأة نووية إيرانية لتخصيب اليورانيوم في نطنز على بعد 250 كيلومتراً جنوب العاصمة الإيرانية طهران، 30 مارس 2005 - REUTERS
دبي-الشرق

أعرب مسؤولون أميركيون سابقون ومحللون، عن قلقهم من أن "الخسائر المعتادة" التي تتكبدها إيران، قد تكون الدافع إلى تسريع خططها لامتلاك قنبلة نووية، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، السبت.

وقالت "واشنطن بوست"، إن إيران تعاني سلسلة من الانتكاسات المتتالية، بدءاً بفقدان قادة عسكريين إيرانيين وحلفاء لها في ضربات إسرائيلية، مروراً بالخسائر والفوضى في صفوف "حزب الله"، وصولاً إلى ردها بهجوم صاروخي باليستي على إسرائيل

وتشير تقييمات أميركية وأممية، إلى أن إيران تقترب أكثر من أي وقت مضى من امتلاك القدرة على إنتاج الأسلحة النووية، منذ أن ألغى الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، الاتفاق النووي في عام 2018. 

وسيلة ردع 

وأضافت الصحيفة، أن إيران قد تكون في الوقت الحالي مستعدة لاستخدام وضعها النووي المحتمل كوسيلة لردع خصومها، حتى دون اتخاذ خطوات نحو التسلح. ويبدو أن ذلك يشكل عاملاً مهماً في حسابات القادة الإسرائيليين أثناء دراستهم للرد على وابل الصواريخ الباليستية، الذي قُدر بنحو 180 صاروخاً. 

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعد هجوم الثلاثاء الماضي: "إيران ارتكبت خطأً كبيراً الليلة، وستدفع ثمن ذلك. إن النظام في إيران لا يفهم عزيمتنا على الدفاع عن أنفسنا والانتقام من أعدائنا". 

ورغم أن الهجمات كانت "مذهلة من الناحية البصرية"، حيث عُرضت مقاطع فيديو لصواريخ إيرانية تضيء سماء تل أبيب على التلفزيون الحكومي الإيراني لعدة أيام، لا يبدو أن الذخائر التي نجحت في اختراق دفاعات إسرائيل أحدثت الأضرار الجسيمة التي كانت إيران تأمل في تحقيقها.

ووصف المرشد الإيراني، علي خامنئي، الهجوم بأنه "استثنائي" و"قانوني" و"شرعي" أثناء إمامته صلاة الجمعة في طهران. لكنه كان يتحدث بـ"نبرة حزينة"، إذ أقر بالخسائر الأخيرة، وخاصة اغتيال قائد "حزب الله" حسن نصر الله، الذي أشاد به كـ"أخ" و"جوهرة لبنان اللامعة".

وتعهد خامنئي باستمرار الدعم الإيراني لما وصفها بـ"المقاومة"، داعياً حلفاء طهران إلى "تشديد حزام الدفاع". وأكد أن إيران ستلتزم في المرحلة المقبلة بـ"عدم التباطؤ أو التسرع في أداء واجبها". 

ولكن الموقف الدفاعي الإيراني تعرض لعدد من الضربات على مدى العام الماضي، مع شن إسرائيل حرباً على قطاع غزة، وشن غارات جوية ضد الحوثيين في اليمن، وتركيزها مؤخراً على حزب الله في لبنان، بحسب الصحيفة. 

وتشكل هذه الجماعات الثلاث، إلى جانب فصائل مُسلحة أخرى في العراق وسوريا، "محور المقاومة" الإيراني، وهو شبكة واسعة النطاق من الجماعات المتحالفة التي أُسست لأسباب منها حماية طهران من التهديدات الإقليمية، وفق "واشنطن بوست".

وقال ديفيد أولبرايت، خبير الأسلحة النووية ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي، للصحيفة: "إذا لم يكن محور المقاومة فعالاً، فإن الخيار الوحيد للردع قد يكون الردع النووي". 

اقرأ أيضاً

سلاح إيران النووي.. عام من العمل المكثف في ظل تعقيدات تقنية

يرى خبراء الطاقة النووية أن إيران تحتاج إلى أكثر من مجرد أسابيع لبناء قنبلة نووية، ويعتقدون أن طهران تحتاج إلى نحو عام من العمل الدؤوب لبناء قنبلة ذرية.

ويرى أولبرايت، أن إضعاف حركة "حماس" و"حزب الله"، إلى جانب فشل إيران في إلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل من خلال ضرباتها الصاروخية، يعني "تزايد احتمال أن تقرر إيران بناء أسلحة نووية". 

تحول مفاجئ 

وقالت "واشنطن بوست" إن الخسائر التي تكبدها "حزب الله" كانت "مدمرة بشكل خاص" بالنسبة لإيران. ونقلت عن سينا ​​آزودي، الخبير في الشؤون الإيرانية والمحاضر في جامعة جورج واشنطن، قوله: "عندما تفكر في رقعة شطرنج، فحزب الله هو الوزير بالنسبة لإيران. إنه أنجح فصيل مُسلح أنشأته إيران".

وأضاف آزودي، أن تدهور وضع "حزب الله" يجعل إيران "أكثر عرضة للخطر"، لأنه "يمنح إسرائيل قدراً أكبر من حرية الحركة في المنطقة".

وأشارت "واشنطن بوست" إلى وجود "تحول مفاجئ" في الخطاب الإيراني بشأن الأسلحة النووية في الأسابيع التي تلت الحرب على غزة.

وقالت إن القادة الإيرانيين كانوا سابقاً ينكرون وجود أي نية لديهم لتطوير الأسلحة النووية. ولكن على مدار العام الماضي، أكد المسؤولون في الخطب والمقابلات أن طهران تمتلك بالفعل كل ما تحتاجه لامتلاك سلاح نووي، لكنها اختارت التحلي بضبط النفس. 

وقال محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في يناير الماضي: "من حيث أمننا القومي، لا نريد أن نفعل ذلك. الأمر لا يتعلق بالافتقار إلى القدرات". 

وفي فبراير الماضي، أصدر مكتب مديرة المخابرات الوطنية الأميركي، أفريل هاينز، تقريراً وصف التهديد النووي الإيراني بشكل أكثر وضوحاً مقارنة بالتقييمات السابقة. 

وجاء في التقرير أن إيران، على الرغم من عدم ظهورها كدولة تعمل بنشاط على تطوير سلاح نووي، أعلنت منذ عام عام 2020 أنها "لم تعد مقيدة" بالحدود المنصوص عليها في الاتفاق النووي، و"باشرت أنشطة تعزز من موقفها لإنتاج جهاز نووي، إذا أرادت ذلك".

مخاوف بشأن رد إسرائيل

وعبر العديد من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين عن قلقهم من أن إسرائيل قد تستغل الفرصة للهجوم على منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية؛ رداً على الهجوم الصاروخي الذي وقع هذا الأسبوع.

ولكن لم يتضح بعد ما إذا كانت القنابل الإسرائيلية قادرة على اختراق منشآت اليورانيوم المدفونة على عمق كبير في إيران، كما قال المسؤولون وخبراء الأسلحة.

وأوضحوا أن معظم اليورانيوم المُخصب بدرجة عالية في إيران يُنتج في منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم، والتي بُنيت داخل أنفاق محفورة في جبل بالقرب من مدينة قم.

وقال جريجوري كوبلنتز، الأستاذ المشارك والخبير في الحد من انتشار الأسلحة النووية بجامعة جورج ماسون، للصحيفة: "من المرجح للغاية هذه المرة أن تستهدف إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية، خاصة إذا كانوا يعتقدون أن إيران قد استأنفت بالفعل أعمال التسلح النووي.

وأضاف كوبلنتز، أن الهجمات التي شنتها إسرائيل ضد حزب الله في الأسابيع الأخيرة كانت تهدف جزئياً إلى تحييد القوة الصاروخية الهائلة التي يمتلكها الحزب، والتي "يُنظَر إليها على نطاق واسع كنوع من تأمين إيران ضد أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية".

وتابع: "وبما أن حزب الله أصبح منزوع السلاح عملياً، فإن إسرائيل لديها الآن فرصة لضرب المواقع النووية الإيرانية، مع وجود خطر منخفض من رد فعل حزب الله".

وفي المقابل، يرى مستشار سابق للبيت الأبيض أن شن إسرائيل هجوماً على منشآت التخصيب الرئيسية في إيران سيؤدي فقط إلى "عرقلة البرنامج، وليس إنهائه".  

وقال المسؤول السابق، الذي تحدث بشرط عدم كشف هويته، إن "هذا التحرك من شأنه أن يزيد من إصرار إيران، ومن المرجح أن يؤدي إلى تصعيد إيراني". 

تصنيفات

قصص قد تهمك