دفع فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، كوريا الجنوبية إلى إعادة النظر في إمكانية إرسال أسلحة مباشرة إلى أوكرانيا، وهو القرار الذي قد يكون له تأثير كبير على اتجاه الحرب.
ويتعين على حكومة الرئيس يون سوك يول، أن تفكر في موقف الرئيس الأميركي المنتخب، بينما تبحث ما إذا كانت ستغير سياستها القديمة بعدم إرسال أسلحة فتاكة إلى كييف، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ" عن مسؤول طلب عدم كشف هويته.
وقال مسؤول حكومي آخر، إن سول تدرس أيضاً كيف سيؤثر نهج ترمب في الحرب، على دعم أوكرانيا بين مجموعة من البلدان.
وتشير التعليقات إلى أن سول، أصبحت الآن أقل ميلاً لإرسال ذخائر إلى أوكرانيا، ما لم تتخذ بيونج يانج، إجراءات أخرى أو ما لم يكن هناك مزيد من الوضوح بشأن كيفية تصرف ترمب بشأن أوكرانيا عندما يكمل انتقاله إلى البيت الأبيض.
وقال كيم جونج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الدراسات الكورية الشمالية في سول: "سيكون من المحرج جداً بالنسبة لكوريا الجنوبية، التي ليست حتى عضواً في حلف شمال الأطلسي، أن تتدخل في هذه المرحلة إذا انتقل ترمب إلى البيت الأبيض وأراد الانسحاب من الصراع".
وقال مكتب الرئيس يون، إن الحكومة ستدرس السيناريوهات المحتملة للتعاون العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية في أعقاب نشر بيونج يانج لقواتها، وتنفيذ التدابير المضادة.
وقال في بيان رداً على أسئلة "بلومبرغ"، حول أحدث خطط كوريا الجنوبية بشأن إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا: "سننسق بشكل وثيق مع حلفائنا وشركائنا في هذه العملية".
تهديد كوريا الشمالية
وقاومت سول لفترة طويلة دعوات من حلفائها الغربيين للاستفادة من مخزوناتها العسكرية الضخمة وإرسال الأسلحة أو الذخيرة مباشرة إلى أوكرانيا، واختارت بدلاً من ذلك دعم كييف من خلال المساعدات غير الفتاكة. ولكن نشر كوريا الشمالية لما يصل إلى 12 ألف جندي في روسيا، وفق تقديرات الولايات المتحدة، أدى إلى تغيير هذا الموقف، حيث قال يون إن تورط بيونج يانج المباشر في الصراع يشكل تهديداً لأمن بلاده.
وقال يون في مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، في الوقت الذي كانت فيه نتائج الانتخابات الأميركية لا تزال تتكشف: "نحن لا نستبعد دعم الأسلحة. وإذا قدمنا دعم الأسلحة، فإن الأسلحة الدفاعية ستكون أول ما يتم النظر فيه".
ومن شأن تصدير مساعدات الأسلحة الفتاكة إلى كييف، أن يشير إلى دعم قوي لأوكرانيا. وقد يفيد أيضاً الشركات الكورية الجنوبية إذا شاركت في إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب. ولكن هذه الخطوة من شأنها أن تثير غضب موسكو، وتخاطر بتصعيد الصراع، وتحفز المزيد من الاستفزازات من جانب بيونج يانج.
وقالت ناوكو أوكي، عالمة السياسة في مؤسسة "راند" في واشنطن: "حتى لو لم تتمكن كوريا الجنوبية من منع كل تصرفات كوريا الشمالية، فقد يؤثر ذلك ربما على درجة مشاركة كوريا الشمالية"، وأضافت: "هناك الكثير مما يمكن أن تفعله كوريا الشمالية، وتريد كوريا الجنوبية تقليص أنشطة كوريا الشمالية إلى أدنى حد".
ومن المرجح أن ترحب إدارة الرئيس جو بايدن بهذا القرار، لكن من غير الواضح كيف سيستجيب ترمب وفريقه.
حلف بيونج يانج-موسكو
وتعهد الرئيس الأميركي المنتخب خلال حملته الانتخابية، بإنهاء الحرب "في غضون 24 ساعة" من خلال إقناع روسيا وأوكرانيا بالتفاوض، مما أثار تساؤلات حول مستقبل المساعدات الأميركية لكييف.
ويحاول قادة الاتحاد الأوروبي بالفعل معرفة ما إذا كان بإمكانهم مواصلة دعم الجهود الأوكرانية إذا قرر ترمب قطع الدعم من الولايات المتحدة.
ويستعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإرسال مبعوث إلى سول، بهدف طلب توفير الأسلحة وإقناع كوريا الجنوبية بإعادة النظر في موقفها. وتمتلك كوريا الجنوبية مخزونات هائلة من قذائف المدفعية عيار 155 ملم التي تستخدمها أوكرانيا وفقاً لمعيار منظمة حلف شمال الأطلسي.
واتهمت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، كيم جونج أون مراراً وتكراراً، بإرسال الذخائر والصواريخ الباليستية لمساعدة بوتين في غزوه لأوكرانيا، حيث تقدر كوريا الجنوبية أنه تم إرسال ما يصل إلى 8 ملايين طلقة.
وفي سبتمبر الماضي، قال رئيس الاستخبارات العسكرية في كييف، كيرليو بودانوف، إن إمدادات الذخيرة الكورية الشمالية إلى موسكو تشكل مشكلة أكبر بالنسبة لأوكرانيا من المساعدة التي تتلقاها روسيا من أماكن أخرى، بما في ذلك إيران.
وينبع موقف سول الحذر بشأن تزويد كييف بالأسلحة، من حذرها من تحويل روسيا إلى عدو لها. وقد هددت الخارجية الروسية بـ"عواقب أمنية" على كوريا الجنوبية إذا أرسلت أسلحة إلى أوكرانيا.
مخاوف من خطوة انتقامية
وشجعت العلاقات المتنامية بين بيونج يانج وموسكو، كيم جونج أون، على تصعيد العداء تجاه كوريا الجنوبية، في حين أثارت المخاوف بشأن قدرة كوريا الشمالية على تعزيز جيشها ودعم نظامها بدعم روسي.
وقد رفع كيم وبوتين الرهانات في يونيو الماضي، من خلال إحياء اتفاقية من حقبة الحرب الباردة، إذ اتفقا على دعم بعضهما البعض في حالة وقوع هجوم. وقد صدقت الدولتان مؤخراً على الصفقة.
وأشار المسؤولون في سول، إلى أنهم قد يفكرون في توريد الأسلحة بشكل مباشر إذا حصلت كوريا الشمالية على التكنولوجيا التي تعزز قدرتها على صنع أسلحة الدمار الشامل. وقال بوتين إنه لا يستطيع استبعاد إعطاء كيم أسلحة عالية الدقة رداً على المساعدة العسكرية الغربية لأوكرانيا.
وقال أندريه لانكوف، أستاذ متخصص في كوريا الشمالية في جامعة كوكمين ومقرها سول: "لدى روسيا طريقة واضحة للرد من خلال تزويد كوريا الشمالية بتقنيات عسكرية خطيرة، مثل الصواريخ الباليستية، وأقمار الاستطلاع، وربما حتى تكنولوجيا الأسلحة النووية".
وقالت الخارجية الأميركية، الثلاثاء، إن الجنود الكوريين الشماليين انضموا بالفعل إلى جانب موسكو في القتال ضد أوكرانيا، حيث تسعى روسيا إلى استعادة أجزاء من منطقة كورسك التي استولت عليها القوات الأوكرانية خلال توغل مفاجئ في أغسطس.
وهناك عقبة أخرى أمام الرئيس الكوري الجنوبي يون، وهي الافتقار إلى الدعم الشعبي لشحنات الأسلحة المباشرة إلى أوكرانيا، خاصة مع انخفاض معدل تأييده إلى أدنى مستوى له على الإطلاق بنسبة 17%، وفقاً لأحدث استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "جالوب".
وحث بارك تشان داي، زعيم حزب المعارضة الرئيسي الديمقراطي، الذي يسيطر على البرلمان، الحكومة على وقف أي خطط لإرسال أسلحة إلى أوكرانيا. وقال إنه بعد فوز ترمب، "من المرجح جداً أن تدخل الحرب فصلاً جديداً".