منظمات حقوقية تخسر الطعن رغم إقرار الحكومة بإمكانية استخدامها في انتهاك القانون الإنساني بغزة

المحكمة العليا: تصدير بريطانيا أجزاء مقاتلات F-35 إلى إسرائيل "قانوني"

طائرة F-35 تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تحلق في قاعدة حتسريم الجوية جنوب إسرائيل. 26 ديسمبر 2018 - REUTERS
طائرة F-35 تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تحلق في قاعدة حتسريم الجوية جنوب إسرائيل. 26 ديسمبر 2018 - REUTERS
دبي -رويترزالشرق

قضت المحكمة العليا في لندن، الاثنين، بأن قرار بريطانيا السماح بتصدير مكونات طائرات F-35 المقاتلة إلى إسرائيل، رغم إقرار الحكومة بإمكانية استخدامها في "انتهاك" القانون الإنساني الدولي في قطاع غزة، "قانوني".

وينهي الحكم معركة استمرت 20 شهراً لحظر جميع مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل، بما في ذلك أجزاء طائرات F-35 إلى مجمع عالمي لقطع الغيار يمكن لإسرائيل الوصول إليه، وفق صحيفة "الجارديان" البريطانية، وهو ما يبعث "ارتياح" الحكومة البريطانية.

وكانت "شبكة العمل القانوني العالمية" (GLAN) ومقرها لندن، ومؤسسة "الحق" الحقوقية ومقرها الضفة الغربية المحتلة رفعت دعوى قضائية بالاشتراك مع منظمات "هيومن رايتس ووتش"، و"العفو الدولية"، و"أوكسفام"، ضد وزارة الأعمال والتجارة البريطانية، بسبب قرارها استثناء أجزاء طائرات F-35، عندما علقت بعض تراخيص تصدير الأسلحة العام الماضي.

وفي حكم مؤلف من 72 صفحة، الاثنين، أوضح القاضيان اللورد جاستيس ماليس وكارين ستاين إنه لا ينبغي للمحاكم أن تتدخل في قضية "سياسية وحساسة".

وقال القاضيان، إن الدعوى "لا تتعلق بما إذا كان يتعين على بريطانيا توريد أسلحة أو معدات عسكرية أخرى لإسرائيل" بل بما إذا كان بإمكان المحكمة أن تقضي بضرورة انسحاب بريطانيا من برنامج F-35 الدولي، الذي يؤكد وزراء على أهميته للأمن البريطاني والدولي.

وأضاف القاضيان: "بموجب دستورنا، هذه القضية الحساسة والسياسية هي من اختصاص السلطة التنفيذية، وتخضع من الناحية الديمقراطية لمسؤولية البرلمان والناخبين في نهاية المطاف، وليس المحاكم".

وعلقت بريطانيا بعض تراخيص الأسلحة إلى إسرائيل، واستند قرارها إلى تقييم أجرته، وخلص إلى أن إسرائيل لم تلتزم بالقانون الإنساني الدولي، لا سيما فيما يتعلق بإمكانية وصول المساعدات الإنسانية ومعاملة المعتقلين.

لكنها قررت "استثناء" تراخيص طائرات F-35، وقالت الحكومة إن تعليق هذه التراخيص سيعطل برنامجاً عالمياً، لتوريد أجزاء من الطائرات ما سيؤثر سلباً على الأمن الدولي.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية، إن أي تعطيل من هذا النوع "سيقوض ثقة الولايات المتحدة في بريطانيا، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)".

وذكرت مؤسسة "الحق" في جلسة الشهر الماضي، أن القرار "غير قانوني" لأنه يخالف التزامات بريطانيا بموجب القانون الدولي بما في ذلك اتفاقية جنيف.

لكن المحكمة العليا رفضت في حكم مكتوب طعن المؤسسة، الذي يعتقد أنه الدعوى القضائية الوحيدة التي رُفعت في بريطانيا بشأن مبيعات الأسلحة لإسرائيل. ولم يتضح بعد ما إذا كانت "مؤسسة الحق" ستطلب تصريحاً للاستئناف على الحكم.

مخاوف أمنية

وذكرت الصحيفة أن الوزراء جادلوا بأن حظر بيع قطع الغيار سيؤدي إلى توقف برنامج F-35 بأكمله، مع ما يترتب على ذلك من عواقب أوسع نطاقاً على أمن حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وأوروبا.

وبدا أن القضاة قبلوا حجة الحكومة بأنه ليس بإمكانها اشتراط أن تكون المبيعات إلى المورد الرئيسي، شركة لوكهيد مارتن، مقيدة بشرط عدم توريد القطع إلى إسرائيل. 

وأبلغت "لوكهيد مارتن" وزارة الدفاع البريطانية أن هذا الشرط سيكون مستحيلاً، لكن وزارة الدفاع قالت في وثائق المحكمة إن "الأمر يتطلب بذل المزيد من الجهد لوضع اللوجستيات اللازمة" لفصل المكونات الموجهة إلى إسرائيل، ما يشير إلى أن وزارة الدفاع لم تمارس ضغوطاً.

وقبلت المحكمة حجة الحكومة بأن "المساهمة الإيجابية في تحقيق السلام والأمن على نطاق أوسع يجب أن تكون متوازنة مع وجود خطر واضح من استخدام الأسلحة في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني/ القانون الدولي لحقوق الإنسان".

وبدأ طلب المراجعة القضائية لمبيعات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل لأول مرة في ديسمبر 2023، ثم ضيقت القضية بعد ذلك عندما سحبت حكومة حزب العمال الجديدة 30 ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل في سبتمبر 2024. 

وركزت جلسة الاستماع التي استمرت 4 أيام وانتهت في 16 مايو الماضي على صفقة طائرات F-35 فقط، وليس على أي شيء حدث في عهد حكومة المحافظين.

وتمثل الصادرات البريطانية أقل من واحد 1% من إجمالي الأسلحة التي تتلقاها إسرائيل، ومن بين العتاد الذي يشمله قرار التعليق مكونات الطائرات العسكرية بما في ذلك الطائرات النفاثة، والمروحيات، والمُسيرات.

وعلى النقيض من الولايات المتحدة، فإن الحكومة البريطانية لا تمنح أسلحة مباشرة لإسرائيل، بل تصدر تراخيص للشركات لبيع هذه الأسلحة مع السماح للمحامين بإبداء آرائهم بشأن ما إذا كانت هذه الأسلحة تمتثل للقانون الدولي.

جدل وتساؤلات قانونية

ورغم النتائج، أثارت القضية تساؤلات جدية بشأن القيمة الإجمالية لنظام تصدير الأسلحة في بريطانيا، والقضية البرلمانية التي استند إليها الوزراء لتبرير مبيعات F-35.

لطالما اعتبر الوزراء في البرلمان أن تقييم وجود "إبادة جماعية" يعود إلى محكمة مختصة، وليس البرلمان ولكن في المرافعات أمام المحكمة كشف محامو الحكومة، أنه في يوليو 2024 ارتأت الحكومة أنه "لا توجد مخاطر جدية لحدوث إبادة جماعية في غزة"، كما زعمت أيضاً أنها "لم ترَ استهدافاً متعمداً للنساء والأطفال في غزة".

ووفقاً للصحيفة، كشفت القضية أيضاً أنه عند تقييم ما إذا كانت قوات الجيش الإسرائيلي تصرفت "بشكل غير متناسب"، وهو أحد اختبارات انتهاك القانون الدولي الإنساني، تم تحديد المعيار الاستدلالي للحكومة عند مستوى مرتفع للغاية، لدرجة أنه بحلول سبتمبر 2024، عندما أودت الحرب على غزة بحياة 40 ألف فلسطيني، وشنت إسرائيل عشرات الآلاف من الغارات على القطاع، درست الحكومة 413 حادثة فردية فقط، ووجدت انتهاكاً واحداً محتملاً للقانون الدولي. 

وكان هذا الانتهاك المحتمل هو الهجوم على منظمة World Central Kitchen (المطبخ المركزي العالمي) الخيرية في 1 أبريل 2024، والذي قتلت فيه إسرائيل 7 من عمال الإغاثة، من بينهم 6 أجانب. وهذا يعني أن الحكومة لم تجد أي انتهاك محتمل، فيما يتعلق بأي حادث أسفر عن قتل فلسطينيين بشكل حصري.

وتعاقدت الحكومة من الباطن مع شركة خارجية، وهي مركز مرونة المعلومات، للعمل على بعض من هذا الجهد الاستدلالي. 

تصنيفات

قصص قد تهمك