لماذا يُقلق انسحاب أميركا من أفغانستان أكراد العراق وسوريا؟

مظاهرة لأكراد سوريين في مدينة القامشلي شمال سوريا تنديداً بهجمات تركية ضد الأكراد - 10 يونيو 2021 - AFP
مظاهرة لأكراد سوريين في مدينة القامشلي شمال سوريا تنديداً بهجمات تركية ضد الأكراد - 10 يونيو 2021 - AFP
دبي-الشرق

ذكرت إذاعة "صوت أميركا"، أن المشاهد المرافقة لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، باتت تثير قلق الأقليات الكردية في كل من العراق وسوريا، التي ترى الوجود الأميركي أساسياً لحمايتها.
  
وأوضحت الإذاعة في تقرير أن التساؤل عن تكرار السيناريو الأفغاني بات يتردد كثيراً في العراق، وكان عنواناً رئيسياً لبرنامجين الثلاثاء، على أهم القنوات التلفزيونية في إقليم كردستان العراق، وهما Rudaw و NRT، وسط تركز الحديث على استيلاء طالبان السريع على أفغانستان الأسبوع الماضي، بالتزامن مع انسحاب القوات الأميركية من البلاد.

وتمكن الأكراد في العراق من إنشاء منطقة حكم ذاتي لهم بعد حرب الخليج عام 1991، عندما أقامت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون منطقة حظر طيران إنساني في شمال العراق.

وعندما اكتسب تنظيم داعش قوة كبيرة في عام 2014، أصبح المقاتلون الأكراد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة على الأرض، ما مكّن الأكراد السوريين أيضاً من إنشاء إدارة نصبت نفسها بنفسها في شمال شرقي سوريا.


 طمأنة الأكراد

في مقابلة مع الخدمة الناطقة بالكردية لإذاعة "صوت أميركا"، حاول جعفر شيخ مصطفى، نائب رئيس إقليم كردستان للشؤون الأمنية، طمأنة المواطنين الأكراد بأنه من غير المرجح أن يشارك العراق مصير أفغانستان، بسبب "الاختلاف الكبير" بين البلدين.

وقال شيخ مصطفى: "لا نعتقد أن قوات التحالف ستغادر العراق.. لكن إذا فعلوا ذلك، فإن تكوين العراق سيكون مختلفاً. الآن لدينا منصب رئيس الجمهورية. لدينا جزء سياسي ولدينا أعضاء في البرلمان ووزراء في العراق".

وأضاف أن تقسيم السلطة واعتراف الحكومة العراقية بقوات البيشمركة الكردية، يجعل أي مواجهة مستقبلية بين الحكومتين غير مرجحة في غياب القوات الأميركية.

ولفت إلى أن "العراق لديه قوات مسلحة وأمنية في وزارتي الدفاع والداخلية. وفي إقليم كردستان، لدينا جيش قوي من البيشمركة الذين تمكنوا من مواجهة القوة الأكثر شراسة على وجه الأرض، وهي داعش".

لكن هذه الطمأنة بحسب "صوت أميركا"، لا تخفف من مخاوف الكثير من الأكراد الذين يقولون إن التفكك السريع للجيش الأفغاني ذكّرهم بصيف 2014، عندما تراجع الجيش العراقي خلال ساعات في مواجهة هجوم داعش، وترك أسلحته، التي قدمتها الولايات المتحدة للتنظيم.

خطر الفوضى

وقال آرا أكو أحد سكان محافظة السليمانية بإقليم كردستان، إن أي انسحاب لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة قد يؤدي إلى "فوضى لا يزال العراق غير مستعد لها".

وأضاف آرا أكو: "في العراق، هناك الكثير من الميليشيات المرتبطة بدول المنطقة لا تخضع لقيادة موحدة. كما أنه لا يزال هناك احتمال لعودة مقاتلي داعش الذين يواصلون تفجيراتهم وأنشطتهم".

وأفادت دانيا عثمان، وهي من سكان السليمانية، بأنها قلقة من تلاشي الحريات الفردية، إذا انهار النظام المدعوم من الولايات المتحدة في العراق.

وأوضحت: "لولا البيشمركة وقوات التحالف، لما كنا قادرين على التحرك بثقة والعيش بهذه الطريقة".

ويوجد حوالي 2500 جندي أميركي في العراق، لمساعدة القوات العراقية والبيشمركة في معركتهم ضد تنظيم داعش.

في الشهر الماضي وبعد استضافة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في البيت الأبيض، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سينهي المهمة القتالية للقوات الأميركية في العراق، بحلول نهاية العام الجاري.

وقال بايدن إن الولايات المتحدة ستواصل تدريب الجيش العراقي وإسداء المشورة له، لكنه امتنع عن تحديد عدد القوات الأميركية التي ستبقى.

وقبل أيام من الاجتماع الذي عقد بالبيت الأبيض قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين للخدمة الكردية في إذاعة صوت أميركا، إن حكومته تعتقد أن "القوات المقاتلة الأميركية ليست ضرورية في العراق في هذه المرحلة".

ورداً على سؤال عما إذا كان يشعر بالقلق من أن العراق قد يواجه عنفاً من قبل داعش وجماعات مسلحة أخرى، قال حسين: "الوضع في العراق مختلف عن أفغانستان".

وقال حسين إنه تم تدمير داعش في بلاده وإن القوات العراقية بحاجة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب والمعدات، للتعامل مع فلول التنظيم.

تحذير من داعش

تصريحات وزير الخارجية العراقي جاءت في الوقت الذي حذر فيه تقرير لفريق مراقبة العقوبات التابع للأمم المتحدة من أن تنظيم داعش قادر على شن هجمات في العاصمة بغداد، بينما يعيد تعزيز موقعه في محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك.

وأورد التقرير الذي صدر في 23 يوليو استناداً إلى معلومات استخباراتية، أن "التنظيم تطور إلى تمرد راسخ، مستغلاً نقاط الضعف في الأمن المحلي، للعثور على ملاذات آمنة واستهداف القوات المشاركة في عمليات مكافحة داعش".

وذكر التقرير أنه في سوريا، حيث يشكل الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة نواة قوات سوريا الديمقراطية، تمكن تنظيم داعش أيضاً من مواصلة أنشطة التمرد، وكان على وشك أن يظل مشكلة لبعض الوقت.

ويوجد حوالي 900 جندي أميركي في شمال شرقي سوريا، يساعدون قوات سوريا الديمقراطية في محاربة فلول داعش.

وذكرت إذاعة صوت أميركا أنه في حين أن المسؤولين الأميركيين لم يعلنوا عن أي تغييرات في المهمة بشمال شرق سوريا، فإن أي انسحاب للقوات في المنطقة من المرجح أن يُعرّض قوات سوريا الديمقراطية لبطش تركيا التي تعتبر المجموعة الكردية منظمة إرهابية.

طعنة في الظهر

وعندما قررت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في عام 2019 سحب القوات الأميركية من المنطقة، شنت تركيا والمسلحون السوريون المتحالفون معها هجوماً كبيراً ضد قوات سوريا الديمقراطية، ووصف المسؤولون الأكراد الخطوة الأميركية بأنها "طعنة في الظهر".

ووفقاً لنواف خليل مدير المركز الكردي للدراسات ومقره ألمانيا، تحولت قوات سوريا الديمقراطية، على مر السنين، إلى عقيدة الاعتماد على الذات استعداداً لأي انسحاب أميركي مفاجئ.

وقال خليل: "يجب أن يأخذ الأكراد والسوريون بشكل عام الدرس الأفغاني بعين الاعتبار".

لكنه قال إنه من غير المرجح أن تسحب واشنطن القوات الأميركية من سوريا، لأنه على عكس أفغانستان، حيث كلفتها الحرب هناك أكثر من 2300 قتيل ومليارات الدولارات، فإن انخراط الولايات المتحدة في سوريا، والذي استمر قرابة 7 سنوات، كان في أدنى حد وأثبت فعاليته الكبيرة في مكافحة الإرهاب.

وأردف خليل: "في أعقاب الفشل الذريع في أفغانستان، قد يعيد الأميركيون التأكيد على انخراطهم في سوريا، لطمأنة شركائهم المحليين والدوليين بأن ما حدث في أفغانستان لن يحدث في سوريا".

اقرأ أيضاً: