أفادت وكالة "رويترز" نقلاً عن مسؤول أميركي رفيع المستوى، أنه من المتوقع أن يناقش وزيرا الدفاع الأميركي والإسرائيلي، الخميس، إجراء تدريبات عسكرية محتملة تحاكي تدمير المنشآت النووية الإيرانية، في حال فشلت الدبلوماسية وطلبت قيادات البلدين ذلك، في إطار الاستعداد لـ"أسوأ سيناريو" ممكن.
وأضاف المسؤول الكبير، الذي اشترط عدم نشر اسمه، أن المحادثات الأميركية المقررة مع وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس الذي يزور واشنطن، تأتي في أعقاب الإحاطة التي قدمها قادة وزارة الدفاع (البنتاجون) في 25 أكتوبر إلى مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، حول حزمة كاملة من الخيارات العسكرية المتاحة لضمان عدم قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي"، وهو ما تنفي إيران رغبتها به، وتقول إنها "تريد إتقان التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية".
ورفض المسؤول الأميركي الإدلاء بأي تفاصيل حول التدريبات العسكرية المحتملة. وقال لـ "رويترز"، بينما كان لا يزال يعرب عن أمله في استمرار النقاشات: "نحن الآن في هذا المأزق لأن البرنامج النووي الإيراني يتقدم إلى نقطة تتجاوز أي منطق تقليدي".
وبحسب "رويترز"، تؤكد الاستعدادات الأميركية الإسرائيلية، التي لم يُكشف عنها من قبل، قلق الغرب بشأن المحادثات النووية المتعثرة مع إيران، والتي كان الرئيس جو بايدن يعقد عليها آماله في إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي انسحب منه سلفه دونالد ترمب.
من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، قبيل مغادرته إلى واشنطن، إن اللقاء مع نظيره الأميرك لويد أوستن ستبحث "سبل الحفاظ على تفوق إسرائيل الأمني في المنطقة، والتحديات الأمنية وعلى رأسها مواجهة السياسات العدوانية الإيرانية".
وشدد على أن إيران تشكل "تهديداً على سلامة المنطقة والعالم، وتحاول أن تصبح تهديداً وجودياً على إسرائيل. سنبحث خلال اللقاءات طرق عمل ممكنة لوقف محاولاتها للوصول إلى المجال النووي والسير بعدها لتوسيع نشاطاتها في المنطقة".
"استياء غربي"
يعتزم المبعوث الأميركي الخاص لإيران روبرت مالي السفر إلى العاصمة النمساوية فيينا خلال عطلة نهاية الأسبوع، لقيادة الوفد الأميركي الذي يشارك بصورة غير مباشرة في جولة المحادثات الثامنة التي تستأنف الخميس، وفق ما نقلته وكالة "رويترز" عن المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس، الأربعاء.
وساد استياء غربي من نتائج الجولة السابعة من المباحثات التي جرت الأسبوع الماضي، إذ وصفت فرنسا مطالب الحكومة الإيرانية بأنها "من دون أساس معقول"، في حين حذرت بريطانيا طهران من "تفويت الفرصة الأخيرة"، وهو ما عزز الشكوك لدى الغرب في أن إيران تحاول كسب الوقت، فيما تقوم بتطوير برنامجها النووي.
السلاح النووي
وعززت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية المخاوف الغربية بشأن سعي إيران لكسب الوقت، إذ أشار تقرير صادر عن المنظمة الدولية إلى أن إيران بدأت عملية تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 20% بمجموعة واحدة من 166 جهاز طرد مركزي من طراز "أي آر ـ 6" في مصنع فوردو الذي يقبع داخل الجبل، ما يجعل من الصعب مهاجمته.
ووفقاً للاتفاق النووي الإيراني، فإنه لا يُسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم على الإطلاق في مصنع فوردو، ناهيك عن أن يكون ذلك بأجهزة طرد مركزي متطورة.
وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بحدود نسبة 60%، وهو ما يتجاوز بكثير المستويات المسموح بها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، في حين نقل موقع "أكسيوس" في نوفمبر الماضي أن إسرائيل تشاركت معلومات استخباراتية على مدى الأسبوعين الماضيين مع الولايات المتحدة والعديد من الحلفاء الأوروبيين، بشأن اتخاذ إيران خطوات فنية للتحضير لتخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء تبلغ 90%، وهو المستوى المطلوب لإنتاج سلاح نووي.
وكانت اتفاقية 2015 خففت عن إيران العقوبات، ولكنها فرضت مقابل ذلك قيوداً صارمة على أنشطتها لتخصيب اليورانيوم، ما أدى إلى تمديد الوقت الذي يمكن أن تحتاج إليه طهران لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصناعة سلاح نووي، حال اختارت ذلك، إلى ما لا يقل عن عام، بدلاً من نحو شهرين أو ثلاثة. ولكن معظم الخبراء النوويين أكدوا أن "هذه الفترة صارت الآن أقصر بكثير"، حسبما أوردت "رويترز".
من جهته، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بيل بيرنز، الاثنين، إن وكالته لا تعتقد أن المرشد الإيراني علي خامنئي قرر اتخاذ خطوات لتسليح جهاز نووي، ولكنه أشار إلى التقدم الذي أحرزته طهران في قدرتها على تخصيب اليورانيوم، وهو أحد السبل للوصول إلى المادة الانشطارية اللازمة لصناعة قنبلة نووية.
وأشار بيرنز إلى أنه "حتى في حال قررت إيران المضي قدماً، فإن الأمر لا يزال يتطلب الكثير من العمل لتسليح هذه المادة الانشطارية، قبل أن تتمكن من ربط سلاح نووي بصاروخ أو أي نظام إرسال آخر"، ولكنه بيّن أنهم قطعوا شوطاً طويلاً في إتقان دورة الوقود النووي، وهذا نوع من المعرفة يصعب استبعاده أو إخفاؤه أيضاً".
وأشارت "رويترز" إلى أن المسؤولين الأميركيين "يشعرون منذ وقت طويل أيضاً بالقلق بشأن قدرة واشنطن على الكشف عن المكوّنات المتناثرة لبرنامج التسليح النووي الإيراني وتدميرها بمجرد إنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية اللازمة لصنع قنبلة نووية".
"تضرر أساس الاتفاق النووي"
ومع تعرّض المكاسب النووية من الاتفاق للخطر بشكل كبير، قال بعض المسؤولين الغربيين إنه "لم يتبق سوى القليل من الوقت قبل أن يتضرر الأساس الذي قام عليه الاتفاق إلى درجة يتعذر معها إصلاحه".
وأشارت "رويترز" إلى أن مثل هذه التدريبات التي ستقوم بها الولايات المتحدة وإسرائيل يمكن أن تلبي الدعوات التي أطلقها دنيس روس، المسؤول الأميركي رفيع المستوى السابق، والخبير في شؤون الشرق الأوسط، وآخرون، للتلويح لطهران بجدية الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن منعها من امتلاك سلاح نووي.
الشهر الماضي، كتب روس أن "بايدن يحتاج إلى أن ينزع فكرة أن واشنطن لن تلجأ إلى الحل العسكري، وستمنع إسرائيل أيضاً ذلك، من رأس إيران".
وأشار روس إلى أن الولايات المتحدة ربما يتعين عليها التلويح باستعدادها لمنح الجيش الإسرئيلي "مخترق الذخائر الضخمة" التابع للجيش الأميركي، وهو عبارة عن قنبلة تزن 30 ألف باوند.
ولدى سؤاله عن مثل هذه التصريحات حول الردع، أجاب المسؤول الأميركي الكبير أنه "عندما يقول الرئيس بايدن إن إيران لن تحصل على سلاح نووي على الإطلاق، فإنه يعني ذلك".