أعربت أستراليا لجزر سليمان عن "قلق عميق" من إبرامها اتفاقاً أمنياً مع الصين، ولكنها شددت على أنها تبقى "شريكها الأمني المفضّل".
جاء ذلك خلال لقاء في بريسباين، الجمعة، جمع وزيرة الخارجية الأسترالية ماريز باين بنظيرها من جزر سليمان جيريمايا مانيلي. وكان ذلك اللقاء الدبلوماسي المباشر الأول على هذا المستوى بين الجانبين، منذ إبرام جزر سليمان الاتفاق الأمني مع الصين، الذي أقلق أستراليا والولايات المتحدة اللتين تخشيان أن يتيح وجوداً عسكرياً لبكين في جنوب المحيط الهادئ، على بعد ألفي كيلومتر من الساحل الأسترالي.
اللقاء جاء بعد ثلاثة أيام من اتهام رئيس وزراء جزر سليمان، ماناسيه سوغافاري، أستراليا بالتهديد بـ"غزو" بلاده، معتبراً أن كانبيرا ودولاً غربية تعامل الأرخبيل "مثل أطفال يحملون مسدسات في دار للحضانة، ويجب مراقبتهم"، كما أفادت "بلومبرغ".
سوغافاري الذي لم يذكر الولايات المتحدة أو أستراليا بالاسم في خطاب ألقاه أمام البرلمان، الثلاثاء، اعتبر أن جزر سليمان "أُهينت" بسبب "انعدام الثقة من الأطراف المعنية". وكرّر تأكيده أن الصين لن تشيد قاعدة عسكرية في بلاده، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
وشدد سوغافاري على أن "لا داعي للقلق" بشأن الاتفاق الأمني، مبرراً توقيعه بأن قوات حفظ السلام التي أرسلتها أستراليا ودول أخرى في المحيط الهادئ أثبتت خلال الشغب الذي شهدته جزر سليمان، في نوفمبر 2021، أنها غير قادرة على حماية السفارة الصينية في العاصمة هونيارا والجالية الصينية في الأرخبيل، وفق وكالة "فرانس برس".
قاعدة عسكرية صينية
ماريس باين أعلنت، السبت، أنها التقت جيريمايا مانيلي في مدينة بريسبان الواقعة على الساحل الشرقي لأستراليا، أثناء مروره عبر المطار مساء الجمعة. ووَرَدَ في بيان أصدره مكتب باين: "أستراليا كانت ثابتة وواضحة في التعبير عن احترامنا لعملية صنع القرار السيادي في جزر سليمان، ولكننا كرّرنا مخاوفنا العميقة بشأن الاتفاق الأمني مع الصين، بما في ذلك الافتقار إلى الشفافية. اتفقنا على أن تبقى أستراليا الشريك الأمني المفضّل لجزر سليمان".
وأضاف مكتب باين أن الجانبين اتفقا أيضاً على أن جزر سليمان لن تستضيف قاعدة عسكرية أجنبية، على بعد أقل من ألفي كيلومتر من الساحل الشمالي الشرقي لأستراليا، بحسب "أسوشيتد برس".
وذكر وزير التجارة الأسترالي، دان تيهان، أن باين ومانيلي أجريا "محادثة مثمرة جداً". وأضاف أن أستراليا اعتبرت أن بناء قاعدة عسكرية صينية في جزر سليمان ليس في مصلحة المنطقة. وتابع: "ما نريد فعله هو التأكد من أننا نقدّم حجة قوية جداً بشأن أهمية الامتناع عن عسكرة جزر المحيط الهادئ".
وكان رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، شدد على أن تشييد قاعدة عسكرية صينية في جزر سليمان سيشكّل "خطاً أحمر" بالنسبة إلى حكومته، مستدركاً أن العلاقات مع الأرخبيل لم تتضرر نتيجة للاتفاق. وقال يوم الخميس: "علينا التحلّي بالهدوء والتروّي عند التعامل مع هذه الملفات".
"فشل سياسي" لأستراليا
ولم تُكشف تفاصيل الاتفاق، لكن مسوّدة مسرّبة أفادت بأنه سيتيح للسفن الحربية الصينية الرسو في جزر سليمان، من أجل تجديد مخزونها اللوجستي. كذلك يمكن لبكين أن ترسل شرطيين وجنوداً إلى الأرخبيل لـ"المساعدة في حفظ النظام الاجتماعي".
زعيم المعارضة في أستراليا، أنتوني ألبانيز، رحّب بلقاء باين ومانيلي، معتبراً أن "الوقت حان" لذلك. وانتقد موريسون لامتناعه عن الاتصال بسوغافاري منذ إبرام الاتفاق، علماً أن رئيس الوزراء الأسترالي برّر ذلك بأنه كان يتبع نصيحة مسؤولي أجهزة الاستخبارات في بلاده، بحسب "أسوشيتد برس".
وندّد حزب العمال المعارض بالاتفاق، معتبراً أنه أسوأ فشل في السياسة الخارجية لأستراليا بالمحيط الهادئ، منذ الحرب العالمية الثانية. وتعهد ألبانيز بتوثيق علاقات كانبيرا مع جيرانها في جنوب المحيط الهادئ، إذا فاز حزب العمال في الانتخابات النيابية المرتقبة هذا الشهر.