تستقبل إسرائيل الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء، بحكومة تسيير أعمال "عرجاء" وسط انقسام سياسي حاد، فيما لم يستبعد مراقبون إقدام الإدارة الأميركية على اتخاذ خطوات تستهدف تعزيز مكانة رئيس الوزراء الحالي يائير لّبيد على حساب زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو.
وتتجه إسرائيل إلى انتخابات جديدة في نوفمبر المقبل، هي الخامسة خلال أقل من 4 سنوات، في حين أظهرت التحضيرات الجارية لاستقبال بايدن، سعي الأطراف المتنافسة لاستغلال الزيارة بهدف تعزيز مواقعها، مع إظهار استطلاعات الرأي عدم حدوث تغيير كبير وجوهري في نتائج الانتخابات المنتظرة.
ويسعى رئيس الوزراء المؤقت يائير لّبيد، إلى تعزيز صورته أمام الناخب الإسرائيلي كزعيم قوي قادر على قيادة الدولة، وإحداث فارق عن أسلافه، خاصة منافسه الأبرز زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو الذي يمتلك فرصة لتشكيل الحكومة القادمة بعد الانتخابات.
"هدية سياسية منتظرة"
الكاتب المتخصص في الشؤون الإسرائيلية وديع عواودة، قال لـ"الشرق" إن "الحسابات الشخصية تحتل أهمية كبيرة في التحضيرات الجارية في إسرائيل لاستقبال بايدن"، موضحاً أن "كل طرف من الأطراف المتنافسة يحاول تعزيز موقعه من خلال العلاقة مع رئيس الدولة الأقوى في العالم".
وبيّن عواودة أن "رئيس الحكومة يائير لبيد يريد من الرئيس الأميركي تقديم هدية سياسية له كي يحملها إلى الانتخابات"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو يسعى لاستخدام ذلك للنيْل من منافسيه الذين يعتبرهم موالين للولايات المتحدة أكثر من دولتهم".
ملفات إقليمية
ولم يستبعد عواودة، تدّخل الإدارة الأميركية في الانتخابات الإسرائيلية من خلال خطوات معينة تهدف إلى تعزيز مكانة يائير لبيد على حساب نتنياهو ردّاً على تدّخل الأخير في الانتخابات الأميركية الأخيرة لمصلحة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على حساب بايدن.
لكن في الوقت نفسه، تحتل الملفات الإقليمية المرتبة الأولى في أجندة زيارة بايدن لإسرائيل، خاصة "التهديد الإيراني" والتعاون الإقليمي لمواجهته، إذ ناشد سياسيون إسرائيليون الإدارة الأميركية بتشديد العقوبات الدولية على إيران.
كما طالب سياسيون إسرائيليون الإدارة الأميركية بعدم الانسحاب من المنطقة، كما فعلت في أفغانسان، مشيرين إلى مخاطر ذلك على الأمن الإقليمي.
"بايدن نصير إسرائيل"
ويُعد بايدن من أشد أنصار إسرائيل في المؤسسة السياسية الأميركية. إذ أعادت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخراً نشر تصريحات سابقة للرئيس الأميركي قال فيها: "لو كانت إسرائيل غير موجودة لكان على الولايات المتحدة اختراعها".
ووصف لبيد، الرئيس الأميركي بـ"خير الأصدقاء لإسرائيل في الحلبة السياسية الأمريكية منذ تأسيسها"، وذكّر في تغريدة بما قاله بايدن ذات يوم: "لكي تكون صهيونياً لا تحتاج بالضرورة لأن تكون يهودياً. فأنا صهيوني".
وعن الزيارة قال لبيد في تغريدة ثانية، إن الزيارة ستتناول المخاطر والفرص على حد سواء، وسترتكز المناقشات في الدرجة الأولى على ملف إيران، مشيراً إلى الكشف عن خبر استمرار طهران في تخصيب اليورانيوم من خلال أجهزة طرد مركزي متقدمة، قائلاً إن ذلك "يتنافى بشكل مطلق مع الاتفاقيات التي أبرمتها".
"فصل جديد"
وتُعد جولة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط والتي تشمل إسرائيل والضفة الغربية المحتلة والمملكة العربية السعودية، خلال الفترة بين 13 و16 يوليو، هي الأولى منذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير 2021.
وتضم أجندة الرئيس الأميركي محادثات ثنائية في السعودية مع الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان، إضافة إلى اجتماعات مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق.
وفي مقال لصحيفة "واشنطن بوست"، قال الرئيس الأميركي إنه سيسافر إلى الشرق الأوسط لبدء "فصل جديد واعد أكثر من الانخراط الأميركي هناك"، منبهاً أن الزيارة تأتي في وقت حيوي بالنسبة للمنطقة، وستدفع قدماً بمصالح أميركية مهمة.
السعودية وليست إسرائيل
وفي السياق ذاته، رأى رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق تامير هايمن، أن الوجهة الرئيسية في زيارة بايدن للمنطقة هي السعودية وليست إسرائيل، لافتاً إلى أهمية المملكة في الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا.
وكتب هايمن في مقال نشره مؤخراً على موقع مركز الأمن القومي، أن الأهداف الرئيسية لجولة بايدن هي "تخفيض أسعار النفط، وترميم مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتمرير رسالة للدول العربية بأنه من الممكن الاعتماد على أميركا حليفاً مركزياً لها، وثنيها عن التوجه نحو الصين".
وأضاف: "رغم أن التغيّر في سياسة الإدارة الأميركية تجاه السعودية ناجم عن أسباب دولية متغيرة، إلّا أنه ينطوي على فرصة لإسرائيل لثبيت مكانتها، والاستفادة من الفرص الكامنة في هذا التغيير".