تبحث مفاوضات فيينا في يومها الثالث، السبت، مقترحاً أوروبياً لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، فيما طالبت طهران واشنطن بتقديم "ردّ واقعي" على اقتراحاتها، خلال محادثاتهما غير المباشرة في العاصمة النمساوية.
وجاء ذلك بعد يوم على حضّ الترويكا الأوروبية إيران على "عدم التقدم بطلبات غير واقعية" أثناء المحادثات التي استؤنفت، الخميس.
وأفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بأن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان "شدد على الحاجة إلى ردّ أميركي واقعي، على الاقتراحات البنّاءة لإيران بشأن مسائل عدة من أجل تفعيل الاتفاق" النووي، المُبرم بين طهران والدول الـ6 (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، لكن الولايات المتحدة انسحبت منه في عام 2018 خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين عبد اللهيان ووزير الخارجية الصيني وانج يي، السبت، تلقى خلاله الأخير دعوة إلى زيارة طهران، بحسب وكالة "فارس" الإيرانية.
ونقلت الوكالة عن عبد اللهيان قوله أمام لجنة نيابية إيرانية إن "الفوائد الاقتصادية ومراعاة الخطوط الحمراء والحفاظ على القدرات النووية السلمية تتصدر جدول أعمال الوفد المفاوض الإيراني في فيينا".
وجاءت تصريحات الوزير الإيراني بعد يوم على بيان أصدرته فرنسا وألمانيا وبريطانيا لدعوة طهران إلى "الامتناع عن التقدم بطلبات غير واقعية خارج إطار (الاتفاق النووي)، بما يشمل مسائل الضمانات للوكالة الدولية للطاقة الذرية".
ويشير البيان بذلك إلى تشديد مصدر إيراني على ضرورة إغلاق ملف الوكالة الذرية بشأن العثور على آثار ليورانيوم مخصّب في مواقع لم تصرّح طهران بأنها شهدت نشاطات نووية، كما أفادت وكالة "فرانس برس".
وأكدت الدول الأوروبية أن "محادثات فيينا لا تُعدّ جولة جديدة من المفاوضات"، معتبرة أنها "مباحثات تقنية بشأن الردود الإيرانية على نصّ" أعدّه وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في يوليو الماضي، للخروج من المأزق، مؤكدة أن "القضية الأساسية المتبقية هي بين الولايات المتحدة وإيران". وتابع البيان: "على إيران أن تقرر الآن أن تنجز الاتفاق، طالما لا يزال ذلك ممكناً".
اليوم الثالث للمفاوضات
تصدر التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أولويات مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني التي دخلت، السبت، يومها الثالث عبر اجتماعات "غير رسمية" بين رؤساء الوفود.
وقال مسؤول أوروبي لـ"الشرق" إن مجموعة من الخبراء عقدوا اجتماعات منفصلة لبحث المقترح الأوروبي المقدم في 21 يوليو الماضي والذي يشمل ضمانات "غير كاملة" تطلبها طهران، وحلولاً لبعض المسائل التقنية والقضايا العالقة.
كما شهدت المفاوضات جلسة ثنائية غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران عبر المنسق الأوروبي أنريكي مورا، وينتظر أن تخرج هذه الجولة المكثفة من المحادثات بنتائج قبل الغد.
وأجرى خبراء من أطراف الاتفاق النووي جلسة مغلقة لبحث رفع العقوبات المفروضة على إيران بعد أن ألقى ملف التعاون مع وكالة الطاقة الذرية بثقله على طاولة النقاش طوال اليومين الماضيين.
وكان المنسق الأوروبي للمفاوضات أنريكي مورا قال في إجابات مقتضبه إنه متفائل ولم يشر لوجود سقف زمني لانتهاء المحادثات.
معضلة "الحرس الثوري"
ورأى مسؤول أوروبي بارز أن "هناك إمكانية حقيقية" للتوصّل إلى اتفاق، مستدركاً أن "الأمر لن يكون سهلاً".
وشدد على وجوب توصّل واشنطن وطهران إلى اتفاق "حول حجم العقوبات التي يجب رفعها، وبشأن مسائل نووية لم تكن قائمة في مارس"، حين توقفت محادثات فيينا إثر جولتها الثامنة.
واستؤنفت محادثات فيينا، الخميس، باجتماع بين أبرز المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كني ومنسّق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا.
ونقلت "رويترز" عن مسؤول إيراني وآخر أوروبي قولهما، في يونيو، إن طهران تخلّت عن مطلبها بحذف اسم "الحرس الثوري" الإيراني من قوائم العقوبات الأميركية.
وقال مسؤول إيراني بارز للوكالة الخميس: "لدينا اقتراحاتنا الخاصة، التي ستُناقش في محادثات فيينا، مثل رفع العقوبات المفروضة على الحرس تدريجياً".
لكن وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا" نسبت إلى مصدر في الوفد الإيراني قوله إن "طهران لم تتخلَّ عن مطلب شطب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية" في الولايات المتحدة.
اتفاق خلال 72 ساعة؟
ونسبت شبكة "إیران إنترناشیونال" إلى منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا قوله إن التوصّل إلى اتفاق مع إيران خلال 72 ساعة "ممكن"، مستدركاً أن عدم حدوث ذلك "لا يعني نهاية العملية".
ويأتي ذلك بعدما نقلت "بلومبرغ" عن دبلوماسيَّين أوروبيين أن العقبات المتبقية من أجل التوصّل إلى اتفاق في فيينا يمكن حلّها من الناحية الفنية في غضون 72 ساعة، لكنهما قالا إن ذلك سيتطلّب قرارات سياسية على مستوى بارز في طهران وواشنطن.
وأشار الناطق باسم البيت الأبيض جون كيربي، قبل يومين، إلى أن محادثات فيينا "اكتملت تقريباً"، وقال: "هناك عرض مطروح على الطاولة، وعلى الإيرانيين قبوله".
وأضاف: "واضح أن الوقت كما يبدو يضيق جداً في ما يتعلّق بالقدرة على التوصّل إلى اتفاق".
اقرأ أيضاً: