حذر البنك الدولي من أنه قد يعلق تمويل لقاحات كورونا الذي تعهد بتقديمه للبنان، بعدما تبين أن بعض النواب الذين تزيد أعمارهم على 75 عاماً سيحصلون على جرعاتهم في البرلمان، في وقت يشكو المواطنون من تأخير وصول اللقاحات إليهم في مراكز التطعيم.
وقال المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي ساروج كومار جيها على "تويتر"، إن "هذا لا يتماشى مع الخطة الوطنية المتفق عليها مع البنك الدولي، وسنسجله كخرق للشروط والأحكام المتفق عليها معنا للتطعيم العادل والمنصف. على الجميع التسجيل (على المنصة الإلكترونية لتلقي اللقاح) وانتظار دورهم!".
وأرفق كومار جيها تغريدته بوسم "لا واسطة" في إشارة إلى رفض المحسوبية، وبإحالة إلى حسابَي وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، ورئيس اللجنة الوطنية للقاحات الدكتور عبدالرحمن البزري.
وفي تغريدة ثانية، حذر كومار جيها من أنه "في حال تأكيد الانتهاكات، قد يعلق البنك الدولي تمويل اللقاحات ودعم الاستجابة لكورونا في كافة أنحاء لبنان"، مضيفاً: "أناشد الجميع، أعني الجميع، بغض النظر عن مناصبكم، أن تسجلوا أسماءكم وتنتظروا دوركم".
وكان البنك الدولي وافق على صرف منحة بقيمة 34 مليون دولار للبنان، تخصص لشراء لقاحات كورونا، قائلاً إنه سيراقب العملية لضمان وصول اللقاحات إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها.
وناشد ناشطون على "تويتر" كومار جيها بمراعاة الشعب اللبناني وعدم معاقبته بأكمله على تصرف حكامه "الفاسدين"، فيما قال ناشطون آخرون إن السياسيين اللبنانيين "يرتكبون جريمة في حق الشعب".
"تمييز لا يمكن السكوت عنه"
وعلى خلفية الأزمة، عقد رئيس اللجنة الوطنية للقاحات الدكتور عبدالرحمن البزري مؤتمراً صحافياً أكد فيه أن ما "حصل خرق لا يمكن السكوت عنه" ويستوجب "التصدي له وصدور بيان توضيحي من وزارة الصحة والوعد بعدم تكراره".
وأضاف: "تم تمييز مجموعة من الناس"، مشدداً على أن المخالفة الأساسية التي حصلت هي عدم توجه النواب إلى مراكز التطعيم أسوة بباقي المواطنين.
وقال: "عندما نقول للناس أن ينزلوا إلى المراكز للتطعيم، يجب على الجميع أن يلتزم، لذلك نستغرب ما حصل ونستنكر. لكن هذا لا يكفي، ما حصل نكس في الخطة، ولا يجوز لأحد أن يتجاوز الخطة مهما كان السبب".
وتابع: "مستعدون لإرسال طاقم إلى منزل مواطن لا يستطيع النزول إلى المراكز لأسباب مرضية، لكن ما حصل خرق".
وأكد أن "لا أولوية سياسية للخطة، هناك أولويات في العمر والصحة، والبنك الدولي وافق على هذه الشروط ، والدلالة أن الرؤساء الثلاثة لم يخالفوا الأولويات الثلاثة".
وأكد البزري أن "خطة التلقيح في لبنان وُضعت على أساس الشفافية وعدم التمييز".
وكان البزري قال إنه سيعلن استقالته من اللجنة خلال المؤتمر الصحافي، لكن يبدو أنه تراجع عنها، قائلاً إن "التجاوز غير المقبول يستحق استقالتي، ورغبتي الحقيقية هي أن أعتذر، كنت أمام موقف حرج ورد الفعل المنطقي كان الاستقالة، لكن هناك لجنة كان يجب أن أتواصل معها وكثير من أعضاء اللجنة أرادوا الاستقالة معي".
وأضاف أن "أعضاء اللجنة الوطنية تمنوا عليّ عدم الاستقالة كي لا تفشل الخطة".
وأعلن البزري أن اجتماعاً لأعضاء اللجنة الوطنية للقاحات سيُعقد الأربعاء عند السادسة مساء بتوقيت بيروت، للوقوف عند ما جرى واتخاذ القرار المناسب. ولفت إلى أنه وافق على ترؤس اللجنة شرط أن يكون العمل شفافاً.
البرلمان يوضح
في المقابل، قال الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر في مؤتمر صحافي، إن "عدد النواب الذين تلقوا اللقاح هم 16 نائباً، بوجود فريق من وزارة الصحة والصليب الأحمر اللبناني"، علماً أن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر هو المشرف على تخزين اللقاحات وتوزيعها في لبنان.
وأكد ضاهر أن "كل أسماء النواب الذين تلقوا اللقاح موجودة على المنصة الرسمية (للتسجيل للقاح) وبحسب الفئة العمرية، وقد حان دورهم. وهذا ما فعلناه باعتبار أن النواب هم الأكثر عملاً في القوانين واجتماعاتهم دائمة، وخوفاً من أن ينقلوا العدوى إلى المجتمع إذا أصيبوا".
تأخر تطعيم المواطنين
يأتي ذلك في وقت يشكو عدد من المستشفيات من عدم حصولها على العدد الكافي من الجرعات لإعطاء اللقاحات يومياً، فيما يشكو مواطنون من عدم حصولهم على مواعيد لأخذ اللقاح رغم أنهم سجلوا على المنصة الإلكترونية وهم من الفئات المشمولة في هذه المرحلة.
وفي هذا الإطار، برزت الثلاثاء تغريدة لمدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي، فراس الأبيض، قال فيها إن "توسيع مركز التطعيم في المستشفى أسفر عن زيادة قدرته الاستيعابية ليتمكن من تلقيح 1500 شخص في اليوم، لكن 154 شخصاً فقط تلقوا اللقاح أمس (الاثنين)، واليوم هناك 80 شخصاً فقط لديهم مواعيد للحصول على اللقاح".
وأضاف: "نأمل أن يتم عمل المزيد بمجرد وصول لقاحات إضافية".
وبدأ لبنان حملة التطعيم الوطنية قبل أسبوع، في 13 فبراير، بعدما تسلم الدفعة الأولى من جرعات لقاح "فايزر-بايونتك" التي ضمت 28 ألفاً و500 جرعة، على أن يتسلم جرعات إضافية تباعاً.
وبحسب خطة الحكومة اللبنانية، فإن المرحلة الأولى من التلقيح مخصصة للطواقم الطبية، ولمن هم فوق 75 عاماً ممن يسجلون أنفسهم على المنصة الإلكترونية التي استحدثتها وزارة الصحة كي يتلقوا اللقاح.
ووفق وزارة الصحة، سُجل أكثر من نصف مليون طلب لتلقي اللقاح على المنصة الإلكترونية.
وحجز لبنان 2.7 مليون جرعة لقاح من خلال مبادرة "كوفاكس" العالمية التي تسعى إلى توفير اللقاحات للدول الفقيرة، ويقول مسؤولون إن محادثات جارية لشراء 1.5 مليون جرعة من لقاح "أوكسفورد-أسترازينيكا".
وتغطي الجرعات التي طلبها لبنان حتى الآن، نحو نصف السكان الذين يزيد عددهم على 6 ملايين نسمة، بينهم ما لا يقل عن مليون لاجئ سوري.
وأكدت مصادر عسكرية لبنانية لـ"الشرق"، الخميس الماضي، أن قيادة الجيش اللبناني تجري اتصالات مع السلطات العسكرية والطبية في الصين، بغية تزويد أفراد المؤسسة العسكرية اللبنانية باللقاح الصيني المضاد لكورونا "مجاناً".