أثار خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء، والذي أعلن فيه تعبئة جزئية للجيش الروسي، ردود أفعال عالمية واسعة، تجاوزتها إلى تداعيات اقتصادية إثر مخاوف من تصعيد الحرب، ونقص المعروض من الطاقة، ما قفز بأسعار النفط وأدى لهبوط الأسهم الأوروبية وتراجع الروبل الروسي.
وتمثل التعبئة الجزئية للجيش تصعيداً خطيراً للصراع في أوكرانيا، لكن كييف التي تحرز قواتها تقدماً ميدانياً توجته باستعادة بعض المناطق خلال الأيام الماضية، قالت إن خطوة موسكو كانت "متوقعة"، وفقاً لمستشار الرئيس الأوكراني ميخائيلو بودولياك، الذي أفاد لـ"رويترز"، بأن إعلان بوتين يظهر أن الحرب "لا تسير وفقاً لخطته".
واعتبر بودولياك أن تصريحات بوتين في الخطاب "تهدف إلى إلقاء اللوم في الحرب واقتصاد روسيا المتدهور على الغرب"، متوقعاً ألا تحظى الخطوة بشعبية في روسيا.
وهو ذات الأمر الذي أكد عليه مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك، مشيراً إلى أن أوكرانيا "ستواصل العمل بنفس الطريقة"، بعد الخطوة الروسية.
وأعلن الرئيس الروسي في خطاب عن تعبئة جزئية للجيش الروسي بدءاً من الأربعاء، متهماً الغرب بممارسة "ابتزاز نووي" محذراً من أن روسيا "لديها الكثير من الأسلحة للرد"، مهدداً باستخدام "كل الموارد المتاحة لديها" للدفاع عن سيادتها وأراضيها.
"علامة ضعف وفشل"
السفيرة الأميركية في كييف بريدجيت برينك، ردت على الخطاب وقالت إن "الاستفتاءات الزائفة والتعبئة هي علامات ضعف وفشل روسي".
وشددت السفيرة في تغريدة بتويتر على أن الولايات المتحدة لن تعترف بضم روسيا لأي أراضي أوكرانية، متعهدة بأنها ستواصل الوقوف مع أوكرانيا "مهما طال الأمر".
وكانت برينك تشير هنا إلى دعم بوتين في الخطاب للاستفتاءت التي يعتزم انفصاليون موالون لموسكو إجرائها في أراض أوكرانية سيطرت عليها روسيا.
بكين تدعو للحوار
وعن التهديد الروسي بحرب نووية، دعت وزارة الخارجية الصينية جميع الأطراف إلى "الانخراط في حوار ومشاورات" لإيجاد طريقة للتعامل مع المخاوف الأمنية للأطراف كافة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وين بين، في إيجاز صحافي إن موقف الصين من الحرب في أوكرانيا "متسق وواضح".
"يأس بوتين"
اعتبرت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، الأربعاء، أن قرار الرئيس الروسي بشأن التعبئة الجزئية للجيش تثبت أنه "في حالة يأس ولا يسعى إلا لتصعيد الأزمة" المستمرة منذ أشهر.
وقال المتحدث باسم السياسة الخارجية للمفوضية الأوروبية بيتر ستانو في مؤتمر صحافي، إن "هذا مجرد دليل آخر على أن بوتين غير مهتم بالسلام وأنه مهتم بتصعيد حرب العدوان هذه".
وأشار إلى أن "هذه أيضاً علامة أخرى على يأسه من الطريقة التي يسير بها عدوانه على أوكرانيا"، لافتاً إلى أن "مهتم فقط بالمزيد من التقدم ومواصلة حربه المدمرة، والتي كان لها بالفعل العديد من العواقب الوخيمة في جميع أنحاء العالم".
"تصعيد مقلق"
وفي بريطانيا اعتبر وزير الدفاع بين والاس أن " نقض بوتين لوعوده" بألا يعلن التعبئة بين سكان بلاده، وكذلك الضم غير القانوني لأجزاء من أوكرانيا هو بمثابة "اعتراف بأن الغزو يفشل".
ووصفت وزيرة مكتب الشؤون الخارجية البريطاني جيليان كييجان، إعلان بوتين التعبئة بـ"التصعيد المقلق". وأشارت إلى أنه يجب على الغرب "أخذ تهديد بوتين بجدية".
وقالت كييجان في تصريحات لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية: "من الواضح أن هذا شيء يجب أن نأخذه بجدية لأننا لسنا المتحكمين في الأمر هنا، وأنا لست متأكدة أنه (بوتين) يتحكم في الأمور أيضاً هناك حقاً. هذا تصعيد واضح".
من جهته أوضح متحدث باسم الحكومة الألمانية أن المستشار الألماني أولاف شولتز يعتقد أن التعبئة العسكرية الجزئية التي أعلنتها روسيا بمثابة مؤشرات على أن هجوم موسكو على أوكرانيا "لم يكلل بالنجاح".
وقال نائب المستشار الألماني روبرت هابيك، إن هذه "خطوة سيئة وخاطئة أخرى من روسيا"، مشيراً إلى أن برلين ستجري مناقشات ومشاورات سياسية لبحث كيفية الرد.
تدمير حدود أوكرانيا
رئيس وزراء بولندا ماتيوس مورافيسكي قال، إن روسيا ستحاول تدمير أوكرانيا وتغيير حدودها، مضيفاً أن "سنفعل كل ما في وسعنا مع حلفائنا حتى يتمكن حلف شمال الأطلسي من دعم أوكرانيا بصورة أكبر ليتسنى لها الدفاع عن نفسها" وحث على تقديم الحلفاء الغربيين مزيداً من المساعدة لكييف.
وذكر أنه خلال تدريبات عسكرية للجيش البولندي مع الولايات المتحدة وبريطانيا في شرق بلاده "التقارير المتعلقة بإعلان التعبئة الجزئية تأكدت. ستحاول روسيا تدمير أوكرانيا والاستيلاء على بعض أراضيها. لا يمكننا السماح بذلك".
وأعلن وزير الدفاع الفنلندي أنتي كاكونين أن بلاده تراقب عن كثب الوضع في روسيا المجاورة بعد أمر الرئيس فلاديمير بوتين، مؤكداً أن "الوضع العسكري مستقر وهادئ".
وقال رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا، إن التعبئة الجزئية التي أعلنها بوتين هي "محاولة لتصعيد إضافي للحرب الروسية ضد أوكرانيا، ودليل إضافي على أن روسيا هي المعتدي الوحيد".
وشدد فيالا على ضرورة مساعدة أوكرانيا "لأن ذلك في مصلحتنا ويجب علينا مواصلة القيام به".
وأعلن وزير الدفاع الفنلندي أنتي كاكونين أن بلاده تراقب عن كثب الوضع في روسيا المجاورة بعد أمر التعبئة، مؤكداً أن "الوضع العسكري مستقر وهادئ".
ارتفاع أسعار النفط
وفي تأثير اقتصادي مباشر لإعلان التعبئة، قفزت أسعار النفط بأكثر من 2%، الأربعاء، ما أثار مخاوف من حدوث المزيد من النقص في إمدادات النفط والغاز.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.28 دولار أو 2.5% إلى 92.90 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:07 بتوقيت جرينتش بعد أن تراجعت 1.38 دولار في اليوم السابق.
وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.22 دولار أو 2.6% مسجلة 86.16 دولار للبرميل.
انخفاض الأسهم الأوروبية
وانخفضت الأسواق الأوروبية بعد إعلان بوتين التعبئة إذ زادت من مخاوف المستثمرين القلقين أصلاً من رفع معدلات الفائدة الأميركية للمرة الثالثة هذا العام والمتوقعة في وقت لاحق الأربعاء.
وهبط المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.3% مع انخفاض أغلب قطاعاته الفرعية. وهبط قطاع التكنولوجيا الحساس لأسعار الفائدة 1.2%، بينما ارتفعت أسهم شركات الطاقة بواحد بالمئة وسط ارتفاع في أسعار النفط.
وتراجع الروبل الروسي واحداً بالمئة إلى 61.2 مقابل الدولار الأربعاء عقب خطاب بوتين.