الأونروا: الوضع المالي للوكالة في خطر

المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا" فيليب لازاريني خلال مقابلة مع "رويترز" في العاصمة الأردنية عمّان، 15 نوفمبر 2022. - REUTERS
المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا" فيليب لازاريني خلال مقابلة مع "رويترز" في العاصمة الأردنية عمّان، 15 نوفمبر 2022. - REUTERS
عمّان-رويترز

قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا" الخميس، إن الأزمة الاقتصادية العالمية دفعت الوكالة التي تُقدم خدمات أساسية للملايين من اللاجئين الفلسطينيين للدخول في "منطقة الخطر"، الأمر الذي قد يعني أنها لن تظل قادرة على القيام بمهمتها.

وأوضح لازاريني أن شح الموارد الذي يتزامن مع ارتفاع التكاليف يدفع بالكثيرين من بين 5.7 مليون لاجئ من فلسطين مسجلين في الشرق الأوسط، الذين تُمثل الوكالة شريان حياة لقسم كبير منهم، إلى مستويات غير مسبوقة من الفقر.

وأضاف: "قُدرتنا تتناقص، وإذا ما واصلنا المضي في هذا المسار فإن لحظة ستأتي لن نكون قادرين فيها على الوفاء بتفويضنا.. هذه منطقة خطر"، مشيراً إلى أن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا فاقمت الأزمات المتعددة التي عصفت بالمنطقة، حيث "لم تعد محنة اللاجئين الفلسطينيين تحظى بأولوية لدى كثير من المانحين".

وهذه ليست المرة الأولى التي تشكوا فيها الوكالة من تراجع التمويل واقترابها من خطر توقف خدماتها المقدمة إلى اللاجئين، ففي أكتوبر الفائت، ناشدت "الأونروا" الجهات المانحة، الحصول بشكل عاجل على تمويل بقيمة 13 مليون دولار من أجل مواصلة دعمها للاجئين الفلسطينيين في لبنان، الغارق منذ 3 سنوات في أزمة اقتصادية متسارعة.

ارتفاع معدلات الفقر

تُقدم "الأونروا للاجئين ما يُشبه الخدمات العامة، مثل المدارس والخدمات الصحية الأساسية، والمساعدات الإغاثية في غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان. ومن المقرر أن تُصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من العام الجاري على تجديد تفويض الوكالة 3 سنوات أخرى.

واعتبر لازاريني أن "مستوى اليأس والكرب يفطر القلب"، لافتاً إلى أن معدلات الفقر ارتفعت من 80 إلى 90% في بعض المخيمات المكتظة في لبنان وسوريا وغزة.

وتُعرّف الأمم المتحدة الفقر بأنه "المستوى الذي يقل فيه الدخل عن دولارين في اليوم".

وشدّد المفوض العام لـ"الأونروا"، على أن الوكالة التي تأسست عام 1949 في أعقاب الحرب الأولى بين العرب وإسرائيل بموجب تفويض من الأمم المتحدة، يجب ألا أن تكون ضحية لفشل المجتمع الدولي في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ عقود.

وتابع "من الغريب أن الوكالة التي كان من المفترض تأسيسها لفترة مؤقتة لا تزال تؤدي نفس العمل.. بعد 75 عاماً تقريباً".

ويعيش قرابة 210 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، منهم 30 ألفاً قدموا من سوريا المجاورة إثر اندلاع النزاع عام 2011، حيث يتوزعون على 12 مخيماً تحولت على مرّ السنين إلى أحياء عشوائية مكتظة بالسكان والأبنية والأسلاك الكهربائية، كما تشهد بعض المخيمات توترات أمنية بين الحين والآخر.

اعتصام لموظفي
اعتصام لموظفي "الأونروا" في مقرها بالعاصمة الأردنية عمّان احتجاجاً على إجراءات التقشف المتوقعة داخل الوكالة- 8 نوفمبر 2021 - REUTERS

توقف الدعم الأميركي

ونجت الوكالة من أزمة كبيرة عندما تراجعت الولايات المتحدة عن قرار اتخذه الرئيس السابق دونالد ترمب في العام 2018 بقطع كل التمويل، الذي يتجاوز 344 مليون دولار سنوياً، عن "الأونروا".

وذكر لازاريني "كانت عودة مهمة للوكالة، ولا أعرف كيف كنا سنعمل اليوم بدون هذا الدعم".

وقال إن الولايات المتحدة أكبر دولة مانحة لـ"الأونروا"، التي تتجاوز احتياجاتها المالية لهذا العام 1.6 مليار دولار.

وأضاف أن زيادة تقليص الخدمات الأساسية المقدمة للاجئين، الذين يشعرون بالفعل بأن المجتمع الدولي تخلى عنهم، لن يؤدي إلا لمزيد من الغضب وخلق أرض خصبة لمزيد من عدم الاستقرار.. في منطقة شديدة الاضطراب.

وأردف المفوض العام للوكالة "يُدرك المانحون تماماً أنهم إذا سحبوا التمويل من المنظمة، فقد يؤدي ذلك إلى خلق فراغ، وفي منطقة مثل هذه، سيُملأ الفراغ بشيء لن يحبه أي منّا".

وتابع أن "الأونروا" تسعى للعودة إلى مسار تمويل يُمكن التنبؤ به من خلال إيجاد طرق جديدة تشمل قاعدة دعم أوسع من المانحين، وتوفير موازنات على مدى عدة سنوات، بما يجعلها لا تعتمد على التبرعات الطوعية.

مزيد من الأموال

وفاقم الانهيار الاقتصادي المتمادي منذ 3 سنوات في لبنان من سوء الظروف المعيشية لللاجئين الفلسطينيين، وذلك مع تراجع قدراتهم الشرائية وعجزهم عن توفير أبسط الخدمات بما في ذلك الطعام والرعاية الصحية، إذ يُحظر على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان التملّك والعمل في عشرات المهن.

وبحسب آخر مسح أجرته "الأونروا"، فإن 93% من اللاجئين الفلسطينيين هم من الفقراء، ودفع هذا الواقع المئات منهم إلى سلوك طريق الهجرة غير الشرعية عبر ما يعرف بـ"قوارب الموت"، خصوصاً من مخيمي البداوي ونهر البارد في شمال لبنان. 

وقال لازاريني أيضاً "كنا في وضع يجعلنا لا نعرف ونحن في منتصف الشهر ما إذا كنا سنستطيع دفع الرواتب بحلول نهاية الشهر"، مشيراً إلى توقعات قاتمة للعام المقبل، إذ يتجه المانحون التقليديون أنفسهم نحو وضع موازنات تقشفية.

وتوجه المفوض العام لـ"الأونروا" إلى الداعمين مخاطباً إياهم بأنه "ما زلت أقول للمانحين لا تعتبروا قدرتنا على التأقلم بمرونة من المسلمات، ستأتي مرحلة لن نكون فيها قادرين على الاستمرار في تقديم خدماتنا بالكامل إذا لم نحصل على مزيد (من الأموال)".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات