من المسيرات إلى هجمات أصفهان.. خلافات تشتد بين طهران وكييف

رجال الإطفاء أمام مبنى سكني في كييف دمرته غارة روسية بطائرة مسيرة تقول الحكومة الأوكرانية إنها إيرانية الصنع .17 أكتوبر 2022 - REUTERS
رجال الإطفاء أمام مبنى سكني في كييف دمرته غارة روسية بطائرة مسيرة تقول الحكومة الأوكرانية إنها إيرانية الصنع .17 أكتوبر 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين، القائم بالأعمال الأوكراني احتجاجاً على تصريحات لميخايلو بودولياك المستشار الرئاسي الأوكراني بشأن انفجارات أصفهان، إذ اعتبرت  طهران تلك التصريحات بمثابة "اعتراف ضمني" من كييف بالتورط في تلك الهجمات.

ومثلّت الهجمات الأخيرة، التي استهدفت بطائرات مسيرة مجمع "ورش" التابع لوزارة الدفاع الإيرانية في أصفهان، حلقة جديدة من الخلافات بين كييف وطهران.

ولا يزال مصدر الهجمات غير واضح، وسط تقارير غربية تشير إلى احتمال وقوف إسرائيل وراءها. 

وانتقدت إيران، الاثنين، تغريدات لمسؤول أوكراني حيال هذه الهجمات، معتبرة أنها تمثل موقفاً "عدائياً" من كييف.

وبعد الهجوم على أصفهان، قال ميخايلو بودلياك مستشار مدير مكتب الرئيس الأوكراني عبر "تويتر": "منطق الحرب لا يرحم وقاتل.. إنها تحاسب المتواطئين"، في إشارة على ما يبدو إلى اتهام بلاده لطهران بتزويد موسكو بطائرات مسيّرة تستخدمها في حربها على أوكرانيا.

وأضاف المسؤول الأوكراني: "ليلة متفجرة في إيران. إنتاج الطائرات المسيرة والصواريخ.. لقد حذرتكم أوكرانيا". وكان بودولياك نشر تغريدة في ديسمبر الماضي، حذّر فيها إيران من تفاقم التوترات بسبب تزويد روسيا بالمسيرات.

ورداً على هذه التغريدات، نقلت وكالة "نور نيوز" الإيرانية للأنباء، الاثنين، عن مسؤول إيراني مطلع لم تذكر اسمه تحذيره من رد فعل بلاده في حال عدم تصحيح أوكرانيا لهذه التصريحات.

واعتبر المسؤول أن "القبول الضمني لتورط أوكرانيا في الهجوم بطائرات مسيرة على مجمع ورش تابع لوزارة الدفاع في أصفهان" من جانب مستشار الرئيس فولوديمير زيلنسكي، بمثابة "اعتراف مسؤول وقانوني"، على حد تعبيره.

ورأى أن تأكيد أوكرانيا على تهديد الأمن القومي الإيراني يمكن أن يشكل منطلقاً "لدراسة تغيير مواقف طهران حول الحرب في أوكرانيا، وتبني نهج جديد يتناسب مع سلوك حكومة كييف".

"الحق في الانتقام"

الخارجية الإيرانية وصفت موقف المستشار الأوكراني بأنه "غريب ومنحاز". وطالبت في بيان بـ"تفسير رسمي وفوري من الحكومة الأوكرانية" بشأن هذا التصريح، حسبما أوردت وكالة "فرانس برس".

وأفادت وکالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، نقلاً عن الخارجية الإيرانية، بأنها سلمت القائم بالأعمال الأوكراني مذكرة احتجاج طالبت فيها توضيحاً عاجلاً من الحكومة الأوكرانية.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إن "الموقف العدائي والاستفزازي لمستشار الرئيسي الأوكراني مشبوه".

واعتبر أنَّ إيران "تحتفظ بحقوقها المشروعة والقانونية في الانتقام من الأطراف التي شاركت في أعمال تتعارض مع القانون الدولي".

وكتب مستشار الفريق المفاوض النووي الإيراني محمد مرندي على تويتر: "هل يريد زيلينسكي أن يجرب القوة التدميرية للصواريخ والأسلحة الأخرى الإيرانية؟ من المؤكد سيندم على هذه الحماقة".

وتابع: "على ما يبدو أشار أحد مستشاري زيلينسكي ضمناً إلى أن أوكرانيا أسهمت في حملة المسيرات الإسرائيلية على أصفهان".

مسيرات وصواريخ 

وعلى مدار سنوات كان الحديث يدور بشأن الأسلحة والأنظمة الدفاعية الروسية التي تشق طريقها إلى إيران، لكن مع الحرب في أوكرانيا بدأت الأسلحة تسير في الاتجاه المعاكس، وفقاً لتقارير غربية، مثيرةً بذلك خلافاً حاداً بين طهران وكييف.

ومنذ سبتمبر الماضي، بدأت كييف وعواصم غربية في اتهام طهران بإرسال مسيّرات إلى روسيا لاستخدامها في الحرب على أوكرانيا، وضرب المنشآت المدنية والبنية التحتية للطاقة فيها، وهو ما تنفيه موسكو وطهران بشدة.

وقالت الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي، إنَّ روسيا تستخدم مسيرات "شاهد-136" الإيرانية في الهجمات على أوكرانيا، متهمة طهران بالتخطيط لبيع المئات من هذه المسيرات إلى موسكو بكلفة 20 ألف دولار للمسيّرة الواحدة.

كما بدأ المسؤولون الأوكرانيون أيضاً بتناقل صور وفيديوهات لمسيّرات إيرانية أثناء إسقاطها في أوكرانيا، متهمين طهران بالمشاركة في "العدوان" على بلادهم.

ورداً على هذه التصريحات، قال الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، إنَّ "إيران تكذب بشأن إرسال عدد محدود من الطائرات المسيّرة إلى روسيا"، مضيفاً أن القوات الأوكرانية "تسقط 10 من هذه الطائرات المسيرة على الأقل يومياً".

كما تحدث مسؤولو أميركيون أيضاً عن "اتفاق سري" بين موسكو وطهران لبدء تصنيع مئات الطائرات من دون طيار على الأراضي الروسية، وفقاً لمعلومات استخباراتية جديدة اطلعت عليها وكالات أمنية أميركية وغربية أخرى.

وإلى جانب المسيرات، اتهمت واشنطن طهران بأنها تخطط لبيع مئات الصواريخ الباليستية إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا.

وتحدثت تقارير أميركية عن أن هذه الصواريخ تتضمن منظومة صواريخ "فاتح - 110"، التي يبلغ مداها 300 كيلومتر، لكن طهران تنفي هذه بشدة هذه التقارير.

وكانت الخلافات بين طهران وكييف بدأت منذ الأيام الأولى للغزو، بعدما امتنعت إيران عن التصويت لقرار الأمم المتحدة الذي أدان في مارس الماضي الغزو الروسي لأوكرانيا، وطالب موسكو بالسحب الفوري والكامل وغير المشروط لجميع قواتها من الأراضي الأوكرانية داخل حدودها المعترف بها دولياً.

وسعت إيران أيضاً إلى الدفاع عن روسيا ومحاولة تبرير الغزو بكونه يأتي رداً على السياسات الغربية، في موقف أثار استياء كييف.

ودعا ممثل إيران لدى الأمم المتحدة ماجد تاخت رافانشي، حينها، إلى ضرورة مواجهة ما وصفه بـ"الأسباب الجذرية" للغزو، معتبراً أنَّ الأوضاع في شرق أوروبا تفاقمت بسبب ما وصفه بـ"الأفعال الاستفزازية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)".

كما شدَّد على ضرورة احترام "شواغل روسيا"، متهماً الأمم المتحدة ومجلس الأمن بـ"الكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بصون الأمن والسلم الدوليين".

وطالب وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا من نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في اتصال هاتفي أواخر أكتوبر، بالتوقف عن إرسال أسلحة إلى موسكو.

وفي نوفمبر الماضي، أقرَّ وزير الخارجية الإيراني بأنَّ بلاده باعت طائرات مسيَّرة إلى روسيا، لكنه أشار إلى أنَّ ذلك تم "قبل أشهر عدة من اندلاع الحرب في أوكرانيا".

وأضاف: "اتفقنا مع وزير الخارجية الأوكراني على أن يزودنا بأي وثائق لديه تفيد بأن روسيا استخدمت المسيّرات داخل أوكرانيا"، مشيراً إلى أنه "كان لدينا مثل هذا الموعد قبل أسبوعين في بلد أوروبي. ذهب وفدنا الدفاعي والسياسي، لكن للأسف لم يحضر الوفد الأوكراني"، على حد تعبيره.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات