بعد أسبوع من حصول أوكرانيا على تعهدات من حلفائها الغربيين بتزويدها دبابات ثقيلة غربية الصنع، لإحداث "توازن" في الحرب الدائرة مع روسيا، تضع كييف الآن الطائرات المقاتلة الغربية "نصب أعينها"، وسط ردود فعل إيجابية.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، إنه سيبحث مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طلبات الحصول على "أسلحة متطورة" لمواجهة روسيا.
وأضاف للصحافيين في البيت الأبيض: "سنتحدث" بهذا الشأن، بعدما رد بـ"لا"، الاثنين، عن سؤال بشأن إرسال مقاتلات "F-16" إلى كييف.
كما أعلنت دول البلطيق وبولندا دعم مساعي أوكرانيا للحصول على مقاتلات غربية، إذ قال وزير الخارجية الإستوني أورماس راينسالو في عاصمة لاتفيا ريجا، إن "أوكرانيا بحاجة إلى طائرات مقاتلة". وأضاف: "نحن بحاجة إلى التحرك الآن".
محادثات أوكرانية في باريس
وأجرى وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف محادثات مع نظيره الفرنسي سيبستيان لوكورنو في باريس، تحدثا خلالها عن "منصات" طيران لمساعدة الدفاع الجوي الأوكراني.
وقال ريزنيكوف: "لا أعرف مدى سرعة الرد من الحلفاء الغربيين بشأن طلبات الطائرات المقاتلة". وأضاف: "أنا متفائل وأعتقد أنه سيكون في أقرب وقت ممكن".
بدوره، قال وزير الدفاع الفرنسي سيبستيان لوكورنو: "ليس لدينا ما يمنع تزويد كييف بطائرات مقاتلة"، مشيراً إلى أنه ناقش مع ريزنيكوف إطلاق برامج تدريبية للطيارين الأوكرانيين حول كيفية استخدام المقاتلات الفرنسية.
وفي وقت سابق، الثلاثاء، أعلن وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، أن بلاده ستتسلم ما بين 120 و140 دبابة كـ"دفعة أولى" من شحنات واردة من تحالف يضم 12 دولة، وسط تصاعد القتال في مناطق مختلفة شرقي أوكرانيا.
وقال كوليبا في إفادة عبر الإنترنت: "تحالف الدبابات يضم الآن 12 عضواً. ويمكنني أن أشير إلى أنه في الدفعة الأولى من المساهمات، ستتلقى القوات المسلحة الأوكرانية ما بين 120 و140 دبابة من طراز غربي"، لكنه لم يشر إلى موعد التسليم.
وأوضح أن بلاده ستتسلم دبابات من طراز " ليوبارد 2 الألمانية، وتشالنجر 2 البريطانية، و إم 1 أبرامز الأميركية". وكشف أن "أوكرانيا تعول على إمدادها بدبابات من نوع لوكلير الفرنسية التي يتم الاتفاق عليها".
وتعتزم أوكرانيا شن هجوم مضاد كبير لاستعادة مساحات كبيرة من الأراضي التي سيطرت عليها روسيا في جنوب البلاد وشرقها، لكن الولايات المتحدة طلبت تأجيل هذه الخطط الأوكرانية حتى تصلها المساعدات العسكرية الغربية، فيما تخشى كييف أيضاً من أن تشن موسكو هجوماً كبيراً في الأسابيع أو الشهور المقبلة.
وأورد وزير الدفاع الفرنسي، أن باريس لا تمانع إمداد أوكرانيا بالأسلحة، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أن تلك الإمدادن لا ينبغي أن تضعف قدرة فرنسا الدفاعية.
كما أعلن لوكورنو، أن بلاده "ستزود كييف بـ12 مدفعاً إضافياً من نوع سيزار (متوسطة المدى)، ستمول في إطار صندوق الدعم البالغة قيمته 200 مليون يورو" الذي أنشأته فرنسا.
وساهمت مدافع "سيزار"، إلى جانب مدافع غربية مثل الألمانية "بانزرهابيتز 2000"، العام الماضي في مساعدة أوكرانيا على ضرب أهداف وراء الخطوط الروسية ما أدى إلى إضعاف الهجوم الروسي، بحسب وكالة "فرانس برس".
تصاعد القتال
في الأثناء، يتصاعد القتال في شرق أوكرانيا التي أكدت أنها صدت هجوماً روسياً على طريق مهم للإمدادات الأوكرانية بالقرب من مدينة باخموت، فيما أعلنت روسيا سيطرتها على قرية بلاهوداتني الواقعة إلى الشمال مباشرة من باخموت.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها سيطرت على بلاهوداتني الواقعة على بعد نحو 5 كيلومترات شمالي باخموت بمساعدة دعم جوي.
وأشار المسؤول العسكري الأوكراني سيرهي شيريفاتي إلى أن "القوات الروسية لم تتمكن من قطع الطريق بين بلدة تشاسيف يار وباخموت"، واصفاً الطريق بـ"الضروري لإمداد القوات المسلحة الأوكرانية في باخموت"، بحسب وكالة "رويترز".
واعتبر أن "باخموت تظل أحد النقاط الرئيسية للهجمات الروسية التي تشمل القصف بالمدفعية وهجمات من قبل الجنود الروس".
وأعرب المستشار الرئاسي الأوكراني ميخايلو بودولياك على تويتر عن حاجة بلاده لـ"مزيد من الأسلحة بهدف صد الهجمات الروسية المتصاعدة"، لافتاً إلى أن "قصف مدن، وتكديس الذخائر، وإعادة انتشار القوات، والتعبئة الإجبارية الإضافية لا تشير بالتأكيد إلى استعداد روسيا للسلام".
وقالت وزارة الدفاع البريطانية في تقرير استخباراتي إن قوة روسية كبيرة تقدمت مئات الأمتار في هجوم كبير جديد على معقل تسيطر عليه أوكرانيا في جنوب شرقها الأسبوع الجاري، رغم أنه من المستبعد تحقيق نجاح كبير هناك.
واعتبر مسؤولون روس أن التقدم ضمِن لموسكو موطئ قدم في بلدة فوليدار الأوكرانية. واعترفت كييف باندلاع قتال عنيف هناك لكنها تقول إنها تصد الهجوم حتى الآن بينما ألحقت خسائر فادحة بالمهاجمين.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن روسيا تهاجم البلدة بقوات لا تقل عن حجم لواء، وهي وحدة تتألف عادة من آلاف الجنود بقدرات كاملة.
وجاء في التحديث البريطاني أن "هناك احتمالاً واقعياً أن تواصل روسيا تحقيق مكاسب محلية في القطاع"، مستبعداً أن "يكون لدى روسيا عدد كاف من القوات غير الملتزمة (بمهام) في المنطقة لتحقيق نجاح كبير من الناحية العملياتية".
وأضاف أن قادة القوات الروسية حاولوا على الأرجح إنشاء محور تقدم جديد وإزاحة القوات الأوكرانية عن باخموت إلى الشمال، وهو المحور الرئيسي للجهود الهجومية الروسية منذ شهور.
وتقع فوليدار في أقصى الطرف الجنوبي للجبهة الشرقية في أوكرانيا، وتطل على خطوط السكك الحديد التي توصل الإمدادات إلى القوات الروسية على الجبهة الجنوبية المجاورة. وصدت أوكرانيا هجمات روسية عدة على البلدة منذ بدء الحرب قبل 11 شهراً.
ويقول خبراء عسكريون إن موسكو عازمة على تحقيق مكاسب في أوكرانيا في الأشهر المقبلة، قبل أن تتلقى كييف مئات الدبابات والمركبات المدرعة التي تعهد بها الغرب في الفترة الأخيرة لشن هجوم مضاد من أجل استعادة الأراضي المحتلة هذا العام.