لماذا ردت أميركا على استهدافها بالعراق بغارات في سوريا؟

آثار الهجوم الصاروخي على القاعدة العسكرية الأميركية في أربيل بالعراق، 17 فبراير 2021 - Katie-Bo Williams/Defense One
آثار الهجوم الصاروخي على القاعدة العسكرية الأميركية في أربيل بالعراق، 17 فبراير 2021 - Katie-Bo Williams/Defense One
دبي -الشرق

لفتت مصادر لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن تجنبت الرد على الهجمات التي استهدفتها في العراق، وآثرت الرد في سوريا، لتخفيف التصعيد، وإرسال رسالة إلى إيران في الوقت ذاته. 

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين وصفتهم بأنهم "رفيعو المستوى"، قولهم في معرض حديثهم عن الأيام التي سبقت الضربة الجوية، إنه بعد 10 أيام من المداولات، أمر الرئيس الأميركي وزارة الدفاع "البنتاغون" بشن غارات جوية على هدفين داخل سوريا في 26 فبراير الماضي. لكن أحد مساعديه أرسل إليه تحذيراً بوجود امرأة وطفلين في فناء قرب الهدف الثاني، وذلك قبل 30 دقيقة فقط من الوقت المقرر لإسقاط القنابل، فألغى بايدن ضرب الهدف الثاني، لكنه أمر بالاستمرار في ضرب الأول، والذي تم تنفيذه بالفعل.

تجنب الرد في العراق

وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف من الضربات كان إرسال إشارة إلى إيران بأن البيت الأبيض الجديد سيرد على الهجوم الصاروخي ضد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بشمال العراق، في 15 فبراير الماضي، لكنه لم يكن يريد تصعيد المواجهة مع طهران.

وقال أحد المسؤولين للصحيفة إنه "على الرغم من ذلك تم إرسال رسالة إليها بعد إتمام الضربة يقول نصها: لدينا هنا خطة دبلوماسية وعسكرية منسقة تماماً"، موضحاً: "وتأكدنا من أن الإيرانيين عرفوا نيتنا".  

وأضاف المصدر أن الهدف من عدم الرد داخل الأراضى العراقية كان تجنب تقويض الموقف السياسي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي تعتبره واشنطن شريكاً في معركتها ضد تنظيم "داعش"، خصوصاً أنه كان من المحتمل أن يواجه عاصفة من الانتقادات في الداخل إذا وقعت الهجمات داخل الأراضي العراقية.

وأوضح المصدر أنه منذ البداية طمأن وزير الدفاع، لويد أوستن، الرئيس بايدن بأنه يمكنه أن يأخذ وقته ليقرر كيف يرد عسكرياً، وتابع: "كنا نعلم أن هذه هي المرة الأولى التي سنتخذ فيها قراراً من هذا النوع، وأننا سنخضع لقدر كبير من التدقيق من مؤسسات مختلفة داخل الولايات المتحدة".

وأشار إلى أن "مسؤولي الأمن بحثوا الردود المحتملة على الهجوم، وتضمنت أهدافاً في العراق وسوريا واليمن، وفي نهاية المداولات، اختار بايدن الخيار الأكثر محافظة، وهو الضربات التي تتجنب الأراضي العراقية". 

11 يوماً من المشاورات

وأوضح المسؤولون أن التحضير للضربات بدأ في 15 فبراير الماضي، حين استهدف مسلحون مطار إربيل في العراق بأكثر من 12 قذيفة، سقط بعضها في أحياء سكنية، وأسفر الهجوم عن مقتل متعاقد، وجرح 7 أميركيين، من بينهم جندي.

وأضافوا للصحيفة: "في اليوم التالي وصل وزير الدفاع، لويد أوستين، وقائد هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، إلى المكتب البيضاوي عندما كان الرئيس بايدن يتلقى الإحاطة الإخبارية اليومية، وانضمت إليهم كمالا هاريس، نائبة الرئيس، وأفريل هينز، مديرة المخابرات الوطنية، وفريق الرئيس للأمن القومي، وقال أوستن إن بمقدور بايدن أن يأخذ وقته وألا يرد على الفور".

وتابعوا: "في 18 فبراير، ترأس نائب مستشار الأمن القومي، جوناثان فينر، اجتماعاً ضم مسؤولي المخابرات العسكرية، والسفير الأميركي في بغداد، الذين شاركوا عبر فيديو كونفرانس"، وفي اليوم التالي، عقد مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، اجتماعاً ضم كبار المسؤولين.

وأوضح المسؤولون أنه في 20 فبراير، استهدفت 4 صواريخ قاعدة بلد الجوية في العراق، التي كانت خالية من الجنود الأميركيين، لكنها كانت تستضيف مئات المتعاقدين الغربيين، وأسفر الهجوم عن إصابة أحد الأميركيين، "ما عزز القناعة المتزايدة لدى الإدارة بضرورة الرد العسكري".

وقالوا للصحيفة: "خلال اليومين التاليين، تم تنقيح خيارات ضرب أهداف في العراق وسوريا. ففي 23 فبراير، التقى بايدن كبار مسؤوليه في المكتب البيضاوي، وفي اليوم نفسه، هاتف رئيس الوزراء العراقي لمناقشة حماية الأميركيين، ورغبة واشنطن في مساعدة التحقيقات العراقية بشأن هجوم إربيل".

وأضاف: "قرر المسؤولون الأميركيون أن المخاطر على شركائهم العراقيين ستتراجع في حال الضرب داخل سوريا، إذ تعمل الجماعات المرتبطة بضربة إربيل في مواقع يسهل تحديدها بالقرب من الحدود السورية العراقية".

وفي صباح 25 فبراير، التقى بايدن وكبار مسؤوليه في غرفة العمليات لمدة ساعة تقريباً، فيما شارك أوستن الذي كان في كاليفورنيا في النقاشات عن بعد. وفي ذلك الاجتماع، تسلم بايدن الخيارات والتقييمات النهائية للمخاطر، وناقش التداعيات الدبلوماسية المحتملة، كما جرى نقاش حول عدد الأهداف التي سيتم ضربها، وحينئذ قرر بايدن التركيز على هدفين في سوريا، وفقاً لمصادر الصحيفة.

رسالة لإيران

وأشار مسؤول في حديثه للصحيفة، إلى أن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أنهم أرسلوا من خلال الضربة العسكرية، رسالة واضحة إلى طهران ووكلائها في العراق لوقف الهجمات، لكن جماعة أخرى أطلقت، الأربعاء الماضي، ما لا يقل عن 10 صواريخ على قاعدة الأسد مترامية الأطراف في غرب العراق، ما أدى إلى إصابة متعاقد بنوبة قلبية مات على إثرها.

اقرأ أيضاً: