أكدت نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي للشرق الأوسط، دانا سترول، الأربعاء، أن مهمة القوات الأميركية المتمركزة في شمال سوريا لن تتغير عقب الزازال الذي ضرب البلاد.
وشددت المسؤولة الأميركية في مقابلة مع "الشرق"، على أن استثناء المساعدات الإنسانية من العقوبات لا يعني تغيراً في موقف الولايات المتحدة تجاه الحكومة السورية.
وقالت إن الولايات المتحدة ستواصل تواجدها العسكري في سوريا بهدف دعم جهود مكافحة داعش من دون تغيير في مهماتها بعد الزلزال، وذلك على خلفية إعلان الجيش الأميركي إسقاط مسيّرة إيرانية الصنع في سوريا.
وأشارت سترول إلى أن القوات الأميركية "تتواجد في منطقة صغيرة بشمال سوريا وشرقها فقط لدعم شركائنا المحليين في عمليات مكافحة الإرهاب ضد داعش".
وأوضحت أن "داعش لا يسيطر حالياً على أراضي في العراق أو سوريا، لكننا نعرف أن التنظيم يحاول إعادة تجميع قواته وإرهاب كل من في المنطقة".
وشددت على أن الولايات المتحدة "ملتزمة بمواصلة تواجدها في المنطقة بهدف دعم أمن الشرق الأوسط واستقراره.. وسنستمر في العمل مع شركائنا للقيام بذلك".
وتابعت: "هذه المهمة لن تتغير بسبب الزلزال"، مشيرةً في الوقت ذاته إلى أن الولايات المتحدة "تركز بشكل كبير الآن على ما يمكن القيام به من أجل دعم المهمات الإنسانية وجهود التعافي من الزلزال".
إيصال المساعدات
وكانت وزارة الخارجية السورية اتهمت في بيان الولايات المتحدة بـ"تضليل الرأي العام العالمي بشأن العقوبات الاقتصادية على الشعب السوري"، نافية صحة الحديث عن أن ليس هناك في "قانون قيصر" والعقوبات الأميركية، ما يمنع المساعدات الإنسانية الطارئة والأدوية عن الشعب السوري.
غير أن دانا سترول جددت التأكيد على أنه "لا توجد عقوبات أميركية تمنع إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا".
وأشارت المسؤولة بوزارة الدفاع الأميركية إلى أنه في نظر الولايات المتحدة، إن "نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد هو الذي يعوق إيصال المساعدات".
وزادت: "أما الحكومة الأميركية، بجانب حلفائها وشركائها، فيعملون دائماً جنباً إلى جنب مع الأمم المتحدة والجماعات المحلية من أجل توفير المساعدات".
وتقول الولايات المتحدة إنها تسعى من خلال التشريعات الصارمة التي يتضمنها "قانون قيصر" إلى زيادة العزلة المالية والاقتصادية والسياسية التي تعانيها الحكومة السورية أساساً، وكذلك محاصرة حلفاء الأسد ومعاقبتهم بغية إجباره على القبول بالحل السياسي للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن 2254.
وبسؤالها عما إذا كان استثناء إيصال المساعدات إلى سوريا يشكل مؤشراً على تغيير موقف واشنطن تجاه الحكومة السورية، أكدت سترول أن موقف الولايات المتحدة "لم يتغير".
وقالت: "ما نريد أن نراه على المستوى البعيد عقب التعافي من الزلزال هو التغيير في سلوك النظام السوري. نريد أن نرى المساءلة حول استخدام الأسلحة الكيميائية ومن أجل الوحشية ضد الشعب السوري. في غضون ذلك، نحن ملتزمون بدعم عملية سياسية تنهي هذا الصراع".
وبشأن موقف الولايات المتحدة بخصوص التقارب بين سوريا وتركيا برعاية روسيا، قالت سترول إن الولايات المتحدة "قلقة من أي شيء قد يعطى لنظام الأسد والجهات التي تدعمه، طريقاً سهلاً للخروج من وضعه الحالي".
وأضافت: "نحن ملتزمون بالعمل سوياً مع شركائنا لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب التي تم ارتكابها. لن يتغير أي من هذه الالتزامات. في غضون ذلك، إن الولايات المتحدة تبحث عن شركاء في الأمم المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط للعمل معنا على دعم وحدة الأراضي السورية والمسار السياسي الذي يعكس إرادة كل السوريين".
تصعيد إيران
وفي ما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران، قالت المسؤولة بوزارة الدفاع الأميركية لـ"الشرق"، إن "المنطقة بأسرها والعالم قلقون بشأن برنامج إيران النووي وتطوراتها النووية الخطيرة خارج حدود الاتفاق النووي الإيراني".
غير أنها أكدت أن "الاتفاق النووي ليس على الطاولة في الوقت الراهن"، وأرجعت ذلك إلى "أسباب مقلقة، أبرزها تعميق التعاون العسكري بين إيران وروسيا، ونقل الأسلحة الإيرانية إلى روسيا بهدف استخدامها في أوكرانيا، بالإضافة إلى قمع إيران الوحشي لشعبها في البلاد خلال احتجاجاتهم من أجل المطالبة بحقوقهم المشروعة".
وبالنسبة إلى خيارات واشنطن للتعامل مع إيران في حال تقدم برنامجها النووي ليصبح قادراً على صنع قنبلة نووية، قالت سترول إن "تقييمات الاستخباراتية تفيد بأن إيران لا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي في الوقت الراهن. لكن الرئيس بايدن أوضح أنه بينما يفضل الدبلوماسية لمعالجة هذه القضية، فإنه سيتخذ أي إجراء ضروري لمنع طهران من الحصول على سلاح نووي".
وتابعت: "سنواصل في النظر في ما إذا كان بإمكان الدبلوماسية معالجة هذا الأمر في المستقبل أم لا. وباعتباري مسؤولة في وزارة الدفاع، فإن مهمتنا في الوزارة تقتضي ضمان توفر الرئيس بايدن على كل الخيارات، في حال طلبها".
غير أن المسؤولة الأميركية اعتبرت أن التهديدات النووية "ليست الوحيدة" التي تقلق الولايات المتحدة.
وقالت: "نرى مجموعة كاملة من التحركات الإيرانية المزعزعة للاستقرار سواء عبر استخدام المسيرات الهجومية في الشرق الأوسط أو عبر نقل تلك المسيرات إلى روسيا بهدف استخدامها في أوكرانيا لقتل المدنيين الأوكرانيين كل يوم، تماماً كما قتلت تلك المسيرات المدنيين في الشرق الأوسط، وتم استخدامها لاستهداف القوات الأميركية في العراق وسوريا".
وتابعت: "نحن كذلك قلقون بشأن اعتداءات إيران البحرية وأنشطتها السيبرانية، فضلاً عن تمويلها وتدريبها للجماعات الإرهابية ولوكلائها عبر الشرق الأوسط".
السعودية ودول الخليج
وتقوم دانا سترول بزيارة رسمية إلى العاصمة السعودية الرياض ضمن وفد أميركي كبير يقوده المبعوث الخاص لشؤون إيران روبرت مالي، بهدف المشاركة في اجتماعات مجموعة عمل مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقالت سترول لـ"الشرق"، إن تهديدات إيران في المنطقة تعد "من أسباب تواجدي حالياً في المملكة العربية السعودية، حيث انضممت إلى وفد كبير من المسؤولين الأميركيين الذين يتشاورون طيلة الأسبوع مع زملائنا وأصدقائنا في دول الخليجي لنناقش بشكل مشترك كيفية التعامل مع هذه التهديدات والتصدي لها".
وأضافت: "التقينا مع أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي لمجموعات عمل الدفاع، وركزنا بشكل خاص على كيفية تعزيز العمل الذي نقوم به معاً لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة".
وأوضحت أن ذلك "يشمل كيفية تقوية دفاعاتنا الجوية وتحسين عملنا المشترك في البحار، لأننا قلقون جداً من التهديدات البحرية من جانب إيران".
وشددت على أن "المملكة العربية السعودية هي شريك أمني رئيسي" بالنسبة إلى الولايات المتحدة، قائلةً: "تجمعنا علاقة أمنية ممتدة منذ 8 عقود وأتوقع أن تستمر، لأننا نتشارك نفس الأهداف في المنطقة".
وتابعت: "كلانا يريد الأمن والاستقرار للشعوب في المنطقة. فبفضل ذلك، ستظهر فرص اقتصادية وتجارية. وسنواصل العمل مع شركائنا هنا في المملكة والشرق الأوسط لأننا نعتبر ذلك أمراً بالغ الأهمية".
التعاون الأمني مع العراق
إلى ذلك، جددت سترول التأكيد على رغبة بلادها في التعاون مع الحكومة العراقية الجديدة، بقيادة محمد شياع السوداني.
وقالت إن الولايات المتحدة "رحبت بتصريحات السوداني، التي أعرب فيها عن دعمه لاستمرار التواجد العسكري الأميركي بهدف دعم قواته في الحرب ضد الإرهاب"، مضيفةً: "سنواصل العمل مع الحكومة العراقية في هذا الصدد".
وفي الوقت ذاته شددت المسؤولة الأميركية على أن الولايات المتحدة "شراكة استراتيجية تربط الولايات المتحدة مع العراق، ولا تقتصر فقط على دعم جهود استقراره الأمني". وقالت: "نحن ملتزمون بدعم الاستقرار الاقتصادي في العراق ومساره السياسي واندماجه في الشرق الأوسط".
وتعتمد حكومة السوداني التي نالت الثقة بعد عام من الصدامات السياسية، على دعم أحزاب موالية لإيران تهيمن على البرلمان. كما تعتمد بغداد بشكل كبير على الغاز والكهرباء من جارتها طهران.
وفي مقابلة مع "وول ستريت جورنال"، أكد السوداني أنه لا يعتقد "أنه من المستحيل أن تكون للعراق علاقة جيدة مع كل من إيران والولايات المتحدة".
وقال للصحيفة إنه يريد إرسال وفد رفيع المستوى إلى واشنطن قريباً، ربما تمهيداً للقاء بينه وبين الرئيس جو بايدن.
اقرأ أيضاً: