بريطانيا تعلن مراجعة سياستها الخارجية: الصين وروسيا تهددان بخلق فوضى عالمية

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في كلمة له أمام مجلس العموم (البرلمان). 8 مارس 2023 - via REUTERS
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في كلمة له أمام مجلس العموم (البرلمان). 8 مارس 2023 - via REUTERS
دبي/ لندن -الشرقرويترز

أطلقت حكومة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الاثنين، مراجعة السياسة الخارجية والدفاعية لعام 2023، والتي تطرقت لتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا وما وصفته بـ"الإكراه الاقتصادي المتزايد للصين"، معتبرةً أن بكين وموسكو تهددان بخلق "خطر وفوضى" في العالم، على حد تعبيرها.

وفي تحديث لإطار عمل الأمن والسياسة الدولية، حذرت الحكومة من شراكة الصين العميقة مع روسيا، وتعاون موسكو المتزايد مع إيران في أعقاب غزو أوكرانيا.

وقال رئيس الوزراء ريشي سوناك، إن المراجعة المتكاملة البريطانية التي صدرت للمرة الأولى منذ عامين فقط، جرى تحديثها لمراعاة الأحداث، مع تشديد اللهجة والمواقف تجاه بكين وموسكو.

لكن قرار عدم وصف الصين بأنها "تهديد" من المرجح أن يخيب آمال كثيرين في حزب المحافظين الحاكم بزعامة سوناك، والذين يعتقدون أيضاً أن تعهده بزيادة الإنفاق الدفاعي بـ5 مليارات جنيه إسترليني (6 مليارات دولار) غير كاف لدعم أوكرانيا وسيجعل بريطانيا عرضة للخطر.

وكتب سوناك في مقدمة المراجعة المتكاملة "ما لم يكن من الممكن توقعه بالكامل في عام 2021 هو وتيرة التغيير الجيوسياسي ومدى تأثيره على بريطانيا وشعبنا".

ولفت المسؤول البريطاني إلى أنه "منذ ذلك الحين، يهدد الغزو الروسي لأوكرانيا، واستخدام إمدادات الطاقة والغذاء كسلاح، والخطاب النووي غير المسؤول، إلى جانب موقف الصين الأكثر عدوانية في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان، بخلق عالم يتسم بالخطر والاضطراب والانقسام".

وقال وزير الخارجية جيمس كليفرلي أمام البرلمان، إن حجم الصين وأهميتها يجعلانها مرتبطة "بكل قضية عالمية تقريباً"، مضيفاً "لا يمكننا أن نتجاهل السلوك العدواني المتزايد عسكرياً واقتصادياً للحزب الشيوعي الصيني، بما في ذلك تأجيج التوترات عند مضيق تايوان".

تم الإعلان عن التحديث ليتزامن مع زيارة سوناك إلى سان دييجو بولاية كاليفورنيا للاتفاق على الخطوات التالية في اتفاقية دفاعية تاريخية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز.

وسيشمل الإنفاق الدفاعي الإضافي البريطاني، تخصيص 3 مليارات جنيه إسترليني للمشروعات النووية، بما يشمل مساعدة أستراليا في بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية للمرة الأولى، كجزء من الجهود لمواجهة الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

أبرز بنود المراجعة

واعتبرت مراجعة السياسة الخارجية والدفاعية البريطانية المكونة من 63 صفحة أن أولوية لندن على المستوى القصير والمتوسط هي "معالجة التهديد الذي تمثله روسيا للأمن الأوروبي"، مشيرةً إلى أن الهدف البريطاني هو "احتواء وتحدي قدرة روسيا العازمة على تقويض أمن كل من المملكة المتحدة و(المنطقة) الأوروبية-الأطلسية والنظام الدولي".

ووفقاً للمراجعة، ستتجه بريطانيا لـ"تعزيز وتوسيع مساهمتها في الردع والدفاع خارج المنطقة الأوروبية-الأطلسية" بهدف مواجهة "التهديد الروسي الخطير"، معربة عن عدم إمكانيتها استبعاد شن موسكو هجوم في المنطقة الأوروبية-الأطلسية.

وذكرت بريطانيا أنها ستعمل على "مواجهة النفوذ الروسي الخبيث حول العالم"، لافتاً إلى أن ذلك "يشمل فضح المعلومات الروسية المضللة، والعمل مع الشركاء لتقليل أتباع موسكو، وقدرتها على تسليح سلع مثل الطاقة والغذاء".

واعتبرت المراجعة البريطانية أن قنوات الحوار وخفض التصعيد مع روسيا "محدودة حالياً وتتعرض لضغوط كبيرة"، لكنها أشارت إلى أنها "ستظل مستعدة لتنشيطها في الوقت المناسب".

وأضافت: "سنعمل على تسريع جهودنا لإدارة مخاطر التصعيد والاستعداد للسلام، مع السعي لمحاسبة روسيا على جرائم الحرب، إضافة للحفاظ على دعم المبادرات الإنسانية الهامة للأمم المتحدة مثل مبادرة حبوب البحر الأسود (تصدير الحبوب الأوكرانية)، واستضافة مؤتمر إعمار أوكرانيا في يونيو 2023".

العلاقة مع الصين

واعتبرت بريطانيا أن الصين التي تشكل تقريباً خُمس الاقتصاد العالمي، يمثل "تحدياً منهجياً للعصر"، موضحةً أنها "تؤثر على كل المجالات تقريباً، سواء على السياسة الحكومية والحياة اليومية للشعب البريطاني".

وزادت: "سنعزز إجراءات حماية الأمن القومي في تلك المناطق التي تشكل فيها تصرفات الحزب الشيوعي الصيني تهديداً لشعبنا وازدهارنا وأمننا".

وأشارت المراجعة البريطانية إلى أن الحزب الشيوعي الصيني يسعى بشكل متزايد إلى "تشكيل نظام دولي متمركز حول الصين ومناسب لنظامه الاستبدادي"، واصفة "الشراكة العميقة" بين بكين وموسكو إضافة للتعاون الروسي "المتنامي" مع إيران في أعقاب الغزو على أوكرانيا بـ"المثيرة للقلق".

لكنها ألمحت إلى أنها ستعمل مع الصين على "المستوى الثنائي وفي المنتديات الدولية"، مضيفةً أن الهدف من ذلك "ترك مجال لعلاقات مفتوحة وبناءة ويمكن التنبؤ بها، فالدبلوماسية هي جزء طبيعي من الأعمال بين دولة وأخرى، وتدعم المصلحة الوطنية".

وذكرت الحكومة البريطانية في مراجعتها أنها "ستضاعف التمويل لبناء قدرات الصين عبر الحكومة، وذلك لفهمها بشكل أفضل"، وقالت: "نحن نفضل التعاون والتفاهم مع الصين.. من أجل الصالح العام".

وأكدت لندن أن سياستها تجاه بكين "سترتكز على مصالحها الوطنية الأساسية ومصلحتها العليا في ظل نظام دولي مفتوح ومستقر"، وأضافت: "حينما يتوافق ذلك مع هذه المصالح، فإننا سنشارك بشكل بناء مع الحكومة الصينية في الأعمال التجارية، ونتعاون بشأن الأولويات المشتركة".

وتعتبر بريطانيا، وفق المراجعة، أن "العلاقات التجارية والاستثمارية الإيجابية" مع الصين "يمكن أن تعود بالفائدة البلدين"، مؤكدةً أن الحكومة "ستعمل مع القطاع الصناعي لضمان التجارة والاستثمار بشكل آمن ومتبادل ومفيد للطرفين".

وشددت الحكومة البريطانية على "وجوب تسوية قضية تايوان سلمياً ومن خلال الحوار"، مشيرةً إلى أنها "تعارض أي تغيير أحادي الجانب في الوضع الراهن وفي بحر الصين الشرقي والجنوبي".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات