"طريق التنمية" في العراق.. آمال اقتصادية ومخاوف سياسية

 اجتماع اللجان الفنية الخاصة بمشروع "طريق التنمية" في بغداد. 14 يونيو 2023 - ina.iq
اجتماع اللجان الفنية الخاصة بمشروع "طريق التنمية" في بغداد. 14 يونيو 2023 - ina.iq
بغداد-الشرق

تعقد الحكومة العراقية الآمال على مشروع "طريق التنمية" الذي يضم خطاً برياً وسككاً حديدية تصل دول الخليج بالحدود التركية، لإحداث نقلة نوعية وتطور استراتيجي في مستقبلها، وجعل بغداد محطة رئيسة وهمزة وصل للتجارة العالمية التي تربط بين الشرق الأوسط وأوروبا، إلّا أن المشروع يواجه تجاذبات ومواقف جدلية بين القوى السياسية.

واحتضنت بغداد في مايو الماضي مؤتمراً دولياً على مستوى وزراء النقل ضم تركيا، وإيران، وسوريا، والأردن، ودول مجلس التعاون الخليجي، لبحث مشروع "طريق التنمية" المتمثل في الخط البري الذي يمر عبر العراق باتجاه أوروبا من خلال تركيا.

ولا يزال المشروع الذي سُمّي بـ"طريق التنمية"، وحدّدت الحكومة كلفته بنحو 17 مليار دولار، وبطول 1200 كم داخل العراق، في مراحله الأولى.

ويسمح المشروع للعراق باستغلال موقعه الجغرافي، والتحوّل إلى نقطة عبور للبضائع والتجارة بين الخليج وأوروبا، في حين لا تزال هناك أعمال جارية حالياً لتأهيل ميناء "الفاو" في أقصى جنوب البلاد، المجاور لدول الخليج، والذي سيكون محطة أساسية لاستلام البضائع قبل نقلها براً. 

ويهدف المشروع كذلك إلى بناء 15 محطة قطار لنقل البضائع والركاب على طول الخط، تنطلق من البصرة جنوباً، مروراً ببغداد ووصولاً إلى الحدود مع تركيا.

وتأمل الحكومة في نقل قطارات عالية السرعة للبضائع والمسافرين بسرعة تصل إلى 300 كلم في الساعة، إضافة إلى مد خطوط لمراكز الصناعة المحلية والطاقة والتي يمكن أن تشمل أنابيب النفط والغاز.

وبحسب وزارة النقل العراقية، ستنجز المرحلة الأولى من المشروع بحلول عام 2028 فيما وصلت نسبة إنجازه حالياً إلى 40%؜.

مشاركة صينية

مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون النقل ناصر الأسدي، أكد الأربعاء، تلقي بلاده طلبات من دول في آسيا وأوروبا وإفريقيا للمشاركة في مشروع "طريق التنمية".

وقال الأسدي لوكالة الأنباء العراقية إن "اجتماع اللجان الفنية الذي عقد الأربعاء، بمشاركة 10 دول هو الخطوة الأولى لتحديد كيف سيسير المشروع، وستحدد مناقشات ثنائية بين الوفود والجهات المختصة بالعراق أولويات العمل".

وأشار إلى أن "وفود الدول التي حضرت أكدت رغبة حكوماتها بالمشاركة ومن بينها الصين، وتلقينا طلبات من دول خليجية وآسيوية وأوروبية وإفريقية على أساس ما طرح في مؤتمر طريق التنمية".

واعتبر رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني المشروع "ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي وعقدة ارتباط تخدم جيران العراق والمنطقة وإسهاماً في جلب جهود التكامل الاقتصادي".

وأشار السوداني إلى أن "المشروع ليس فقط للعراق وتركيا وإنما للمنطقة والعالم، وهو الممر العالمي لنقل البضائع والطاقة بين الشرق بالغرب".

تجاذبات سياسية

يشهد العراق مؤخراً تجاذبات ومواقف جدلية من القوى السياسية بشأن مشروع "طريق التنمية"، وذلك بزعم المخاوف من "الهيمنة والسيطرة" على ثروات البلاد تحت ذريعة تلك المشروعات، وهو ما حدث إبان حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي في "الاتفاقية العراقية الصينية".

ومع تبنّي حكومة السوداني المكونة من قوى الإطار التنسيقي الجامع للقوى الشيعية في العراق باستثناء التيار الصدري، لمشروع طريق التنمية وإصرارها على إنجازه، برزت مواقف سياسية متعددة من داخل الإطار والقوى السياسية الأخرى بين الرفض والقبول، ووضع بعضها شروطاً من أجل أن يرى المشروع النور. 

النائب حسن سالم عن "كتلة صادقون" في مجلس النواب، والممثلة لحركة "عصائب أهل الحق"، إحدى قوى الإطار التنسيقي، انتقد في مؤتمر صحافي المشروع، واعتبر أن "طريق التنمية كذبة يجب أن يفهمها أبناء الشعب العراقي".

وأشار سالم إلى أن "أكثر من 180 دولة التحقت بمبادرة الحزام والطريق، والعراق في قلب الحرير ولم يلتحق بسبب المؤامرات التي تحاك على البلاد"، واصفاً المشروع بـ"وصمة عار في تاريخ ساسة العراق".

أما النائب عن الإطار التنسيقي محمد حسن، فقال في تصريحات صحافية إن "هناك فائدة اقتصادية من إنشاء طريق التنمية الحالي، لكن ليست بحجم إنشاء مشروع طريق الحرير الذي يجعل العراق هو الممر للتجارة العالمية".

واعتبر أن "ضعف السياسية الدولية للعراق كانت وراء بقائه بهذا الحال، وعدم الوصول إلى تنفيذ طريق الحرير ضمن المشروع الصيني".

في مقابل ذلك، أيدت كتلة "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، مشروع طريق التنمية، حيث بيّن عضو الكتلة تركي العتبي، في حديث صحافي أن "طريق التنمية يعد مشروعاً استراتيجياً مهماً، ويحمل 7 إيجابيات اقتصادية وتجارية وعمرانية ويدفع لولادة مدن جديدة عبر ممرات ستمر من خلال 9 محافظات، وبالتالي فإنه يمثل إعادة إحياء لطريق الحرير القديم".

على الجانب الكردي، صرح وزير النقل والاتصالات في حكومة إقليم كردستان آنو جوهر، في تغريدة على تويتر أن "طريق التنمية" مشروع "عراقي شامل، يتوجب أن يخدم جميع العراقيين دون استثناء".

وأضاف: "أكدنا دعمنا لمجمل الجهود لإنشاء الربط السككي والطريق السريع من فاو العراق إلى كردستان، فبدون الفاو والبصرة لا طريق ولا تنمية، كذلك بدون كردستان لا طريق ولا تنمية".

ترحيب إقليمي ودولي

وعلى الرغم من ترحيب دول الجوار العراقي ومن بينهم إيران بالمشروع، إلّا أن مراقبين يرون أن طهران  ربما تثير تحفظات بشأن "طريق التنمية" الذي قد يحرر العراق من التبعية لها اقتصادياً، خاصة فيما يتعلق بقطاعي الغاز والكهرباء.

بدورها، رحبت سفيرة الولايات المتحدة في العراق ألينا رومانوسكي بالمشروع، وكذلك السفير الصيني لدى بغداد تسوي وي معتبراً إياه مكملاً لـ"طريق الحرير".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات