بلينكن يحض زيلينسكي على التشاور مع المعارضة لتحديد الموعد

"ضغوط غربية" على أوكرانيا لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلقي خطاباً أمام البرلمان الكندي في أوتاوا. 22 سبتمبر 2023 - REUTERS
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلقي خطاباً أمام البرلمان الكندي في أوتاوا. 22 سبتمبر 2023 - REUTERS
دبيالشرقالشرق

يضغط مسؤولون غربيون على الحكومة الأوكرانية، من أجل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهو ما أثار تساؤلات لدى كييف، خصوصاً وأنها أعلنت حالة الطوارئ والأحكام العرفية في البلاد عقب الغزو الروسي، حسبما أوردت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وكان من المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية في أوكرانيا خلال شهر أكتوبر المقبل، ولكن دستور البلاد يحظر إجراء الانتخابات أثناء فرض حالة الطوارئ. وتنتهي ولاية الرئيس الحالي فولوديمير زيلينسكي في العام المقبل.

وأفادت "واشنطن بوست" بأن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حض زيلينسكي، خلال زيارته إلى كييف في بداية الشهر الجاري، على التشاور على نطاق واسع مع المجتمع المدني والمعارضة الأوكرانية، بشأن موعد الانتخابات المقبلة، ولكن مسؤولاً أميركياً كبيراً قال للصحيفة، إن إدارة بايدن تتفهم العديد من العقبات التنظيمية لتنظيم الانتخابات أثناء الحرب.

وفي أغسطس الماضي، مدّد البرلمان الأوكراني حالة الطوارئ العسكرية لمدة 90 يوماً حتى نوفمبر المقبل، مما أجل الانتخابات البرلمانية التي كان من المفترض أن تجرى في موعدها على الأقل بحلول نهاية أكتوبر.

ويقول الخبراء القانونيون، إنه يجب تعديل الدستور لإجراء الانتخابات البرلمانية، أو يمكن رفع حالة الطوارئ كبديل.

مع ذلك، سيحتاج أعضاء البرلمان إلى وقف حالة الطوارئ لمدة تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة أشهر على الأقل، وهو الوقت الذي يتطلبه القانون الأوكراني بين إعلان الانتخابات ويوم الاقتراع، بالإضافة إلى السماح للمرشحين بما يكفي من الوقت للحملة الانتخابية.

فرز الأصوات في العاصمة الأوكرانية كييف بعد الانتخابات المحلية التي أجريت في 21 يوليو 2019
فرز الأصوات في العاصمة الأوكرانية كييف بعد الانتخابات المحلية التي أجريت في 21 يوليو 2019 - Reuters

ومقترح إجراء الانتخابات خلال فترة الحرب، رفعه في البداية رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا تايني كوكس في مايو الماضي، ودعّمه عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي جراهام (جمهوري)، خلال زيارته إلى كييف الشهر الماضي برفقة العضوين الآخرين ريتشارد بلومنثال (ديمقراطي) وإليزابيث وورين (ديمقراطية)، رغم تركيزهم خلال هذه الزيارة على تعزيز المساعدة الأمريكية لأوكرانيا.

ويسلط هذا الطلب لعقد الانتخابات، الضوء على الضغوط الغربية على أوكرانيا، بأن تثبت التزامها بالديمقراطية.

عقبات مالية وقانونية

ويقول المسؤولون الأوكرانيون، أن إجراء انتخابات "حرة ونزيهة" في وقت الحرب يعتبر عملياً "شيئاً مستحيلاً"، بالإضافة إلى ضرورة "التغلب على عقبات مالية ولوجستية وقانونية كبيرة".

كما يعتبرون أن هذه الإجراءات قد تمنح القوات الروسية وسيلة لاختراق أوكرانيا من الداخل.

وتسيطر القوات الروسية حالياً على ما يقرب من خُمس مساحة أوكرانيا، فيما غادر العديد من الأوكرانيين البلاد إلى دول مجاورة، وعدد من الدول الغربية الأخرى.

وقال مسؤول أمني أوكراني لـ"واشنطن بوست"، إن "الظروف لا تسمح أبداً بإجراء انتخابات ديمقراطية أثناء الحرب"، متهماً روسيا بالدفع من أجل هذا المقترح.

وأضاف المسؤول الأوكراني، أن "عقد انتخابات قد يمنح روسيا فرصة للتلاعب وخلق التفرقة في المجتمع الأوكراني وبين السياسيين"، مشيراً إلى أن هؤلاء السياسيين "اختفوا خلال معظم فترة الحرب".

ولا يستطيع المسؤولون في كييف، المجاهرة علناً برفض فكرة عقد الانتخابات، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى تنفير كبار السياسيين في الدول الغربية منهم، خصوصاً المطالبين بإجراء الانتخابات باعتبار أن ذلك أمر أساسي لأوكرانيا من أجل الحفاظ على الدعم المالي والعسكري الدولي.

وقالت رئيسة وزراء أوكرانيا السابقة، يوليا تيموشينكو، إن إجراء الانتخابات أثناء الحرب "سيؤدي إلى خسارة أوكرانيا"، مشيرة إلى أن "الخلافات السياسية الداخلية، والاختلافات التي تحدث بشكل طبيعي في المجتمعات الديمقراطية، ستؤدي إلى تفتت وحدة البلاد"، باعتبار أن هذه الوحدة "مطلوبة لهزيمة روسيا".

يوليا تيموشينكو
رئيسة وزراء أوكرانيا السابقة يوليا تيموشينكو - Reuters

وأضافت تيموشينكو في مقابلة مع "واشنطن بوست": "ثمن عقد الانتخابات في وقت الحرب سيكون الهزيمة. الوحدة هي مورد لا غنى عنه لانتصارنا".

وأشارت تيموشينكو إلى أن الجنود الذين يقاتلون في ساحة المعركة، سيواجهون صعوبة في التصويت، كما يمنع القانون ترشح العسكريين للمناصب السياسية في وقت الحرب.

وقالت تيموشينكو أيضاً: "أولئك الذين يضحون بحياتهم على الجبهة، معظمهم لن يتمكنوا من التصويت"، مضيفة: "سبعة ملايين أوكراني هم الآن لاجئون، وكثيرون منهم يعيشون خارج البلاد، معظمهم لن يتمكنوا من التصويت".

نصيحة "أوروبية أميركية" 

ودعا رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، تايني كوكس، وهو سياسي هولندي، كييف، إلى عقد انتخابات "حرة ونزيهة قدر الإمكان". 

وقدم كوكس مثالاً على تركيا التي عقدت انتخابات مباشرة بعد تعرضها لزلزال كبير، كدليل على أنه من الممكن عقد الانتخابات.

لكن في وقت لاحق، قام كوكس بتعديل تصريحاته، معترفاً بأنه لا يمكن عقد انتخابات في حالة فرض حالة الطوارئ العسكرية في أوكرانيا، والتي من غير المرجح أن تُرفع قبل انتهاء الحرب. 

ولكنه قال: "في لحظة معينة ستُجرى الانتخابات، ونصيحتي هي أن نبدأ في التحضير لها في أقرب وقت ممكن".

ودفع عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي جراهام، بهذا الاقتراح خلال اجتماعه مع زيلينسكي أثناء زيارته لكييف. وقبل الاجتماع، قال في مؤتمر صحافي: "حان الوقت في أوكرانيا لاتخاذ الخطوة التالية في تطوير الديمقراطية، وهي عقد الانتخابات في عام 2024".

وأضاف: "أريد أن يكون لهذا البلد انتخابات حرة ونزيهة، حتى عندما يكون تحت الهجوم".

وفي مقابلة مع وسائل إعلام أوكرانية، بعد زيارة جراهام، قال زيلينسكي، إن مقترح السيناتور الأميركي "منطقي للغاية"، ولكنه أشار أيضاً إلى أنه قال لجراهام إن عقد انتخابات في أوكرانيا تحت حالة الطوارئ ممكن فقط "إذا تم ضمان حق التصويت لجميع المواطنين".

وأضاف زيلينسكي قائلاً: "كيف سيتمكن الجيش من التصويت؟ أين هي البنية التحتية، كيف سيتمكن الأشخاص الذين يعيشون في الخارج من التصويت؟".

عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي جراهام يصافح الرئيس الأوكراني خلال زيارة إلى كييف. 28 أغسطس 2023
عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي جراهام يصافح الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال زيارة إلى كييف. 28 أغسطس 2023 -Reuters

وفي اليوم التالي لزيارته، أصدر جراهام بياناً، قال فيه إنه "سعيد جداً بسماع أن الرئيس زيلينسكي فتح الباب لعقد انتخابات في أوكرانيا في عام 2024"، مشيراً إلى أن هذا القرار "جريء" و"رد فعل يتحدى الغزو الروسي".

تكلفة الانتخابات 

وأشار زيلينسكي أيضاً إلى أن أوكرانيا لا تستطيع تحمل تكلفة 135 مليون دولار لعقد انتخابات بينما تقاتل من أجل بقائها، واقترح أنه إذا كان الغرب يرغب في عقد انتخابات، فعليه أن يتحمل تكاليفها.

وقال زيلينسكي: "لن آخذ الأموال من أجل الأسلحة وأخصصها للانتخابات".

ووصف المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، فيفيك راماسوامي، مطالبة زيلينسكي بـ135 مليون دولار بأنها "ابتزاز". 

وقال راماسوامي في بيان نُشر على Fox News، إن "الولايات المتحدة يجب أن تتوقف عن تمويل أوكرانيا، وتجبر كييف على التفاوض مع موسكو".

وأضاف: "تهديد زيلينسكي بالتخلي عن الانتخابات الديمقراطية في أوكرانيا ما لم يدفع الشعب الأمريكي الفاتورة ويسدد 135 مليون دولار إضافية، يمثل مستوى جديداً من ابتزاز الولايات المتحدة".

واتهم أحد أعضاء البرلمان الأوكراني، الجمهوريين في الولايات المتحدة، بالضغط من أجل هذه الانتخابات، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وقالت رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة، تيموشينكو، إن حزبها يختلف مع زيلينسكي في العديد من القضايا، ولكنه يعارض عقد الانتخابات في الظروف الحالية. 

قصص قد تهمك